الجامعة الأولى فى إقليم الفرات.. وتحقق الحلم الكردى فى التعليم وإنقاذ الشباب من الضياع
جامعة كوبانى
لأنها تقع فى أقصى الشمال، فقد حرمت لعقود من افتتاح المعاهد التعليمية العالية والمدارس والجامعات، أهلها يرون أنهم حرموا من كل هذه الخدمات لأنهم «أكراد» ولأن مدينتهم منطقة نائية وبعيدة عن العاصمة، لكن مدينة «كوبانى» قررت التمرد على الوضع القائم والانطلاق نحو تحقيق أحلام أبنائها بعدما دفعت الضريبة لسنوات طويلة من التهميش وشهور مرعبة من الحرب القذرة، فقررت ألا تعيد إعمار نفسها بعد الحرب فقط، بل تحقيق ما كانت تحلم به فى الماضى، وهو إنشاء أول جامعة فى إقليم «الفرات» شمال سوريا.
الدكتور كمال محمود بصراوى، أستاذ الفيزياء الإشعاعية والرئيس المشترك للجامعة، قال إن إعلان تأسيس الجامعة كان فى 30 سبتمبر الماضى، وتم إجراء إصلاحات للمبنى الحالى الذى كان مبنى لمدرسة خاصة سابقاً، حيث تم ترميمه وتسلمه، وتم البدء فى عمل الدراسة بحفل افتتاحى يوم 10 ديسمبر الماضى، وتم بدء الدراسة فى اليوم الذى تلاه، حيث كان الهدف من الجامعة هو استقبال أبناء وبنات المنطقة لجرهم إلى العلم والمعرفة، لأن المنطقة فى الفترة الماضية تعرضت للحرب وأبناؤها حرموا من التعليم سواء الجامعات الحكومية أو الجامعات الخاصة، بسبب كثرة النزاعات والحصار الذى فُرض على المدن فى الشمال، يضاف إلى ذلك أن الإمكانيات المادية المحدودة كانت عائقاً كبيراً أمام آباء الطلبة، فتم التوجه إلى فتح الجامعة لاستيعاب الطلبة ويكملون دراستهم.
«حمو»: هناك إقبال على تعلم المواد العلمية باللغة الكردية.. و«مريم»: «معتزة بهويتى وما كنت أعلم شو هى لغتى وكنا ندرس كل شىء بالعربى»
وأضاف «بصراوى» أن الجامعة بدأت بكليتين هما كلية العلوم وبها 3 أقسام فيزياء وكيمياء ورياضيات، والكلية الأخرى هى كلية اللغة والأدب الكردى، وفيها قسم الأدب واللغة الكردية فقط، مشيراً إلى أن هذا العام سيتم توسيع الأقسام فى كلية العلوم، وستتم إضافة كلية الهندسة الزراعية، وهناك تفكير فى إضافة قسم الأدب الإنجليزى فى كلية اللغة والأدب الكردى، موضحاً أن هذه الأمور متوقفة على الكوادر العلمية التى تأتى لكوبانى، لأن هناك مشروع بناء جامعة كبيرة على مستوى المنطقة فى شمال سوريا بالكامل، ومن المقرر أن تكون القدرة الاستيعابية لها 35 ألف طالب، والجزء الأول من هذه الجامعة تحت الإنشاء سيتم تسليمها بعد سنتين، ما يعنى أن الطلاب الذى ندرس لهم هذا العام فى السنة الأولى سينتقلون إلى الجامعة الجديدة فى السنة الرابعة، وأن الإنشاء الجديد للجامعة سيكون فى ريف كوبانى على بعد 10 كم من المدينة، وتابع أن الجامعة فتحت لتستقبل أبناء سوريا بالكامل، وأن الأولوية ستكون لأبناء منطقة إقليم الفرات -الذى يضم مقاطعة كوبانى وتل أبيض- لافتاً إلى أن الجامعة تتبع نظام تعدد اللغات، حيث تدرس المواد بالجامعة باللغات العربية والكردية والإنجليزية، باستثناء قسم اللغة الكردية فله خصوصية وسيتم دراسة اللغة الكردية بالكامل، موضحاً أن الجامعة واجهتها صعوبات فى استقدام المحاضرين والكادر التدريسى، وتمت الموافقة على من حصلوا على شهادات الماجستير ولديهم الخبرة والكفاءة العالية بالإضافة إلى أساتذة كانوا فى جامعات حكومية سورية مثل جامعة حلب وجامعة تشرين وجامعة الفرات.
ويتابع: «عدد الطلاب فى الجامعة فى السنة الأولى 45 طالباً وهذه كبداية، وسيزداد العدد فى السنوات المقبلة، وأقمنا لقاء قبل عدة أيام مع طلاب البكالوريا الموجودة فى إقليم الفرات، وكان فيه 124 من المكون العربى و360 من المكون الكردى، ما يعنى فى حدود 500 طالب، وإذا قلنا إن 100 أو 200 طالب منهم لم يلتحق بالجامعة، فسيكون العام المقبل به من 300 إلى 400 طالب، وعدد أعضاء هيئة التدريس 15 وأغلبهم من إقليم الفرات، وأن الجامعة ستفتح باب التقدم لها من أساتذة من كل الدول العربية، وسيكون هناك تعاون مع جامعات عربية وأوروبية، ونتواصل مع جامعات ألمانية من أجل التبادل العلمى.
«بصراوى»: افتتحت فى ديسمبر الماضى وتضم 45 طالباً.. ونتوقع استيعاب 400 العام المقبل
وأشار «بصراوى» ابن مدينة كوبانى، إلى أن الجامعة لم تفتح باب ترشح أعضاء هيئة التدريس بالجامعة، ولكن ستفتح لترشح الأساتذة وستتم مراجعة سيرتهم الذاتية لاختيار الكفاءات، وأن الجامعة ستفتح الباب لاستقدام أعضاء هيئة التدريس من مصر، لأنه زار مصر وله أصدقاء من الأساتذة الجامعيين المصريين وكانوا يتبادلون الأبحاث العلمية ويستفيدون منها، موضحاً أن النظام فى الجامعة تقييمى وليس امتحاناً فى نهاية العام الدراسى، مشيراً إلى أن نسبة النجاح تكون من 60%، وتكون هناك اختبارات على مدار العام، والإدارة فى الجامعة تعقد اجتماعاتها بشكل دائم لحل أى مشكلة تطرأ ومناقشة تحسين الأداء الدراسى.
وأضاف محمد أحمد حمو، أحد أعضاء هيئة التدريس، مدرس اللغة الكردية قسم القواعد، أن اللغة الكردية كان محظوراً دراستها فى الجامعات الحكومية قبل اندلاع الثورة السورية فى عام 2011، وأن الجامعة فى كوبانى شىء جديد بالنسبة للأهالى فى كوبانى والمنطقة المحيطة بها، لأنه قبل اندلاع الثورة كان افتتاح جامعة فى كوبانى حلماً، ولم يكن موجوداً فى سوريا سوى 4 جامعات، هى اللاذقية ودمشق وحلب وحمص، كما أن افتتاح المدارس فى المناطق الكردية الشمالية مثل كوبانى كان حلماً أيضاً، فما بالنا بجامعة.
وحول مستوى الطلاب الملتحقين، قال: «هم الحاصلون على البكالوريا، أى الثانوية العامة، وبالنسبة للطلاب فكان منهم متخلفون عن سنوات دراسية، واللى موجودين فى قسم الأدب الكردى، كلهم من كوبانى وما فيه أحد درس اللغة الكردية، وحتى بأيام الأحداث طلع قرار بأنه مسموح يدرس لغة كردية بالمعهد العالى للغات وهو خاص، وهناك إقبال على تعلم المواد العلمية المكتوبة باللغة الكردية لأنها لم تكن تدرس فى السنوات الماضية».
من جانبهم أعرب عدد من الطلاب بالجامعة عن ارتياحهم لإنشاء جامعة فى كوبانى، وهى حلم لم يحلم به أحد من قبل وهناك شعور بالحرية بعد الحرب القاسية التى دمرت المدينة وأخذت معها ضحايا كثيرين، كان من بينهم الطالبة مريم، التى توقفت عن الدراسة مدة 5 سنوات بعدما كانت تدرس الجغرافيا فى جامعة حلب، لكنها الآن قررت أن تستأنف تعليمها وأن تحصل على ما لم تكن تقدر الحصول عليه من تعلم الأدب الكردى، وقالت لنا: «أكيد الجامعة حلم إلنا ولكل الجيل اللى بعدنا، عم ندرس بلغتنا وببلدنا، أنا كردية وما كنت أعلم شو هى لغتى وكنا ندرس كل شىء بالعربى»، مشيرة إلى أنها التحقت واختارت الأدب الكردى وهى فى عامها الأول وهو السنة الأولى بالجامعة.