"السعيد" من نيويورك: مصر على مسار واعد في تحقيق التنمية المستدامة
هالة السعيد
استعرضت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري، تقرير المراجعة الوطنية الطوعية 2018، حول ما أُنجز من أهداف التنمية المستدامة في مصر.
جاء ذلك خلال تمثيلها لجمهورية مصر العربية، بالمنتدي السياسي رفيع المستوى، المعني بالتنمية المستدامة، والمقام تحت عنوان "التحول نحو مجتمعات مستدامة ومرنة"، والمنعقد في الفترة من 9 حتي 18 يوليو الجاري بمقر الأمم المتحدة بنيويورك.
وخلال الجلسة، عُرض فيديو قصير، عقب استعراض التقرير الطوعي، وذلك لتسليط الضوء على ما حققته مصر من إنجازات في مجالات الطاقة والإسكان، وما جرى من تطوير في منظومة الدعم لرفع كفاءتها، وتأكيد حرص مصر على تحقيق العدالة الاجتماعية والنمو الاحتوائي.
وفي كلمتها، أكدت السعيد أن "رؤية مصر 2030" هي جهد رائد في توطين أهداف التنمية المستدامة، التي تشمل الأبعاد الثلاثة للتنمية المستدامة "الاقتصادية والاجتماعية والبيئية"، وقد اعتمدت الحكومة للمرة الأولي نهجًا تشاركيًا لتطويرها هذه الرؤية، بما في ذلك باقي أضلاع المثلث الذهبي في التنمية "القطاع الخاص والمجتمع المدني"، حيث تقوم الاستراتيجية على مبادئ النمو الشامل والتنمية الإقليمية المتوازنة.
وأشارت إلى جهود الدولة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، مؤكدة أنه فيما يتعلق بالهدف السادس، والمعني بالمياة النظيفة والصرف الصحي، جرى تركيب 21 محطة لمراقبة جودة مياة نهر النيل، كما أن هناك 98% من الأسر في المناطق الحضرية و95% من الأسر في المناطق الريفية لديها الآن إمكانية الوصول إلى مياة الشرب المأمونة.
ولفتت إلى مشاركة القطاع الخاص بشكل كبير في تحقيق هذا الهدف، من خلال اعتماد نظم الري المستدامة، ومعالجة مياه الصرف الصحي، والزراعة العضوية.
أما فيما يتعلق بالهدف السابع، والتزام مصر بتوفير طاقة نظيفة وبأسعار معقولة، أكدت وزيرة التخطيط أن استراتيجية الطاقة المتكاملة 2035 تهدف إلى توليد 20٪ من طاقة مصر من المصادر المتجددة بحلول عام 2022، و37٪ بحلول عام 2035، مضيفة أنه يجري حاليًا بناء أكبر مدينة شمسية في العالم، في أسوان، تضم 32 محطة لتوليد الطاقة، ومن المقرر أن تنتج حوالي 2 جيجاوات عند اكتمالها في منتصف عام 2019، بالاضافة إلى بناء أكبر مدينة لطاقة الرياح في الشرق الأوسط بالغردقة فى جبل الزيت.
وحول الهدف الحادي عشر، أكدت وزيرة التخطيط أنه في إطار السعي لتحقيق مدن ومجتمعات مستدامة، يجري تطوير مدن جديدة في جميع أنحاء مصر، لزيادة نسبة المناطق المأهولة والحد من الكثافة السكانية، كما يجري حاليًا بناء 15 مدينة جديدة حيث يعكس التوزيع الجغرافي لهذه المدن اتجاه الحكومة نحو تنمية أكثر توازنًا إقليميًا.
وتابعت أنه قد جرى تصميم المدن الجديدة لتكون مدن خضراء ومستدامة، بقولها: "ستكون مدينة العلمين الجديدة مدينة ذكية وصديقة للبيئة، تستضيف عددًا من محطات تحلية المياه والطاقة الشمسية"، مضيفة أن توفير المساكن للمواطنين أمر حيوي لاستيعاب النمو السكاني السريع في مصر، وقد وفرت الحكومة عن طريق برامج الإسكان الاجتماعي 265 ألف وحدة من 600 ألف وحدة سيتم إنجازها في غضون 4 سنوات.
وأشارت وزيرة التخطيط إلى أن مصر تعد في مسار واعد لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، مؤكدة أنه جرى التركيز في البداية على بناء أساس متين للاقتصاد القوي، وقد ساعد برنامج الإصلاح الاقتصادي والإداري الكلي، الذي بدأته الحكومة المصرية في عام 2016، البلاد في استعادة استقرار الاقتصاد الكلي، حيث ارتفع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي من 1.8٪ في 2011 /2012 إلى 5.4٪ في الربع الثالث من عام 2017 /2018، كما انخفض معدل البطالة من 13.3٪ في عام 2012 /2013 إلى 10.6٪ في 2017 /2018، هذا بالإضافة إلي جهود الإصلاح في مجال دعم الطاقة المعتمدة منذ عام 2014، إلى جانب الإصلاحات لنظام الدعم ككل من أجل إعادة تخصيص الموارد المالية بشكل أكثر فعالية، مما كان له دور محوري في تخفيض عجز الموازنة في مصر، حيث بلغت 10.9٪ في عام 2016/ 2017 مقارنة بـ 12.9 ٪ في 2012/ 2013.
وأكدت أن الاستثمارات الكبرى وجهت لتطوير البنية التحتية في مصر، وتحديدًا شبكات الطرق ومرافق الكهرباء، بالإضافة إلى مجموعة متنوعة من المشاريع العملاقة، وقد أدى ذلك إلى تحسن كبير في القدرة التنافسية لمصر وتصنيفها الائتماني.
وحول جهود الحكومة فى مواجهة الآثار السلبية لبرنامج الاصلاح الاقتصادى، أشارت هالة السعيد إلى اعتماد الدولة مبدأ "عدم ترك أحد" كمبدأ شامل حيث عملت الحكومة على توسيع نطاق تغطية شبكة الأمان الاجتماعي باستخدام الفائض من إصلاح دعم الطاقة، هذا بالإضافة إلى العديد من البرامج الأخرى والتي تهدف إلى تمكين الأشخاص المعاقين، والتمكين الاقتصادي للأسر ذات الدخل المنخفض والنساء الريفيات.
كما أوضحت أن الاستثمار في رأس المال البشري هو ركن أصيل في رؤية مصر 2030 حيث يقع تمكين الشباب في صدارة أولويات الحكومة، قائلة: "نحن ننعم بأننا بلد شاب فحوالي 60٪ من السكان المصريين هم دون سن الثلاثين، لذا فإنه من الأهمية تمكين هؤلاء الشباب وضمان مشاركتهم في صنع السياسات في وقت مبكر".
واضافت أنه وفي هذا السياق، أُطلق البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة في عام 2016، كما تم تنظيم أول منتدى عالمي للشباب من جميع أنحاء العالم في مصر خلال نوفمبر 2017 بعد سلسلة من المنتديات الوطنية للشباب، بهدف إنشاء منصة لتبادل المعرفة وإتاحة الفرصة لإجراء تغيير وتبادل الخبرات.
واختتمت وزيرة التخطيط كلمتها بالإشارة إلى تحديات تنفيذ أهداف التنمية المستدامة، موضحة أن مصر تسير على الطريق الصحيح نحو تحقيق التنمية المستدامة، كما أن لديها إمكانيات كبيرة مما يتطلب إطلاق العنان لهذه الإمكانيات، لمواجهة التحديات المتعلقة بـ"البيانات، وتمويل التنمية المستدامة، والحوكمة، ومعدل النمو السكاني المرتفع"، مؤكدة أهمية التعاون بين جميع أصحاب المصلحة ذوي الصلة، الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، قائلة: "لم يعد اعتماد التنمية المستدامة خيارًا، فقد أصبح ضرورة، وتدرك مصر جيدًا هذه الحقيقة".
وأشارت أيضًا إلى أن الحكومة تعمل على ضمان مشاركة جميع أصحاب المصلحة المعنيين، للاعتقاد بأن الطريقة الوحيدة لتحسين نوعية حياة المواطنين وتحقيق العدالة الاجتماعية، هي استخدام مواردها بطريقة فعالة وصديقة للبيئة.
ويركز المنتدى السياسي لهذ العام على 5 أهداف من أهداف التنمية المستدامة الأممية، مع الأخذ في الاعتبار بأنه جرى الاتفاق على أن تشمل المراجعة الوطنية الطوعية ما تحقق بالنسبة لجميع الأهداف الـ17، مع التركيز بصفة خاصة على الأهدف، وهو السادس، المعني بـ"ضمان توافر المياه وخدمات الصرف الصحي للجميع"، والسابع، وهو "ضمان حصول الجميع بتكلفة ميسورة على خدمات الطاقة النظيفة والمستدامة"، والحادي عشر، وهو جعل المدن والمستوطنات البشرية شاملة للجميع وآمنة ومستدامة، والثاني عشر، المعني بـ"ضمان وجود أنماط استهلاك وإنتاج مستدامة"، وأخيرًا الخامس عشر، وهو "حماية النظم الإيكولوجية البرية، وإدارة الغابات على نحو مستدام، مكافحة التصحر، وقف تدهور الأراضي"، فضلاً عن التركيز على الهدف السابع عشر والأخير من أهداف التنمية المستدامة الأممية، والذي يُراجع كل عام في المنتدى ذاته، حيث يركز على "المشاركة من أجل تنفيذ أهداف التنمية المستدامة".
يذكر أن المنتدى ينعقد سنويًا تحت رعاية المجلس الاقتصادي والاجتماعي، على مدار 8 أيام، تتضمن 3 منها مشاركة وزارية، تنعقد كل 4 سنوات على مستوى رؤساء الدول والحكومات تحت رعاية الجمعية العمومية لمدة يومين.
ويعد المنتدى السياسي رفيع المستوى محفلًا دوليًا يشارك فيه مجموعة كبيرة من قادة الحكومات والشركات والمجتمع المدني حول العالم، ويتناول مشاركة التجارب وأفضل الممارسات نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة، حيث يعتبر المنتدى هو المنصة الرئيسة المعنية بمتابعة التقدم في الأهداف على المستوى العالمي.