لا شك أنك مثل عدد كبير جداً مصاب بنفس الداء الذى يشاركك فيه الملايين وهو البحث والتنقل بين المواقع الصحفية ومواقع التواصل الاجتماعى لمعرفة كل ما هو جديد بهدف أو بلا هدف لن تفرق كثيراً ولكن فى النهاية تتجول بينها طالما كنت ممسكاً بهاتفك وتكررها عشرات المرات يومياً إن لم تكسر حاجز المائة!
بينما تمارس هوايتك هذه تقابل شائعات وقصص زواج وطلاق وعلاقات وسارع وشاهد قبل الحذف وغيرها من العلامات البارزة فى هذه الرحلة .. كل هذا أصبح مألوفاً ولكنه المحتوى الذى يختلف بين نقرة وأخرى منه الجذاب والمنفر والمستفز والمثير للدهشة فعلاً.
فجأة وبدون سابق إنذار تصطدم ببيان رسمى تطلقه الفنانة "زينة" لتشرح فيه حقيقة اعتدائها على أسرة كاملة بطفلتها أثناء وجودها بدولة الإمارات وتحديداً دبى بعدما انتشرت الواقعة التى أثارت استهجان من قرأها فتلك الأسرة اتهمتها بالاعتداء عليها ... أسرة بأكملها انقضت عليهم "زينة" لتطيح بهم يميناً ويساراً وهم لا حول ولا قوة يستغيثون من وحشيتها ولم تتوقف "زينة" عن هذا الأكشن فرأت طفلتهم الصغيرة فلم تتركها وافترستها ... كل ذلك فى فندق كبير وشهير وأمام رواده الذين وقفوا يشاهدون هذه البطلة الأسطورية الخارقة وهى تقفز وتطير وتضرب وتحطم .. وهناك رواية أنها "طلعت نار من بوقها"!
الغريب أن تفاصيل البيان الذى أصدرته "زينة" بتفاصيل موثقة من إدارة الفندق وكاميرات المراقبة يؤكد أن هذه الأسرة استغلت تواجدها فى نفس مكان تواجد "زينة" مع شقيقتها وقاموا بتصويرها خلسة أى "سرقة" وهو الوصف الحقيقى والأوقع لما قاموا به هؤلاء فاضطرت "زينة" أن تطلب منهم التوقف عن ذلك وعدم اقتحام خصوصيتها إلا أنهم لم يتراجعوا وكان الرد أسوأ من الفعل متضمناً السب والاعتداء عليها مع شقيقتها ما دفعها إلى الإبلاغ عنهم وطلب تفريغ الكاميرات الموجودة فى إطار مكان الواقعة لينتهى الأمر بحجز الطرف الآخر ليلة كاملة رهن التحقيق مع منعهم من السفر حتى انتهاء التحقيقات فتصبح الكلمة الحاسمة والفاصلة للقانون والعدالة.
قد تعتقد أن الأمر ينتهى نهاية طبيعية إلا أنه وبعد السعى للصلح وأمام رفض "زينة" كان التلويح بالجنسية الأمريكية التى يحملونها والتأكيد على أنهم يستطيعون إنهاء الأمر فوراً بها وهو ما زاد من إصرار "زينة" على الرفض والحصول على حقها بالشكل القانونى الذى تكفله الدولة المضيفة وحسناً ما فعلت.
قد تبدو الواقعة مستفزة حقاً ولكن الأكثر استفزازاً كان هرولة بعض المواقع وراء ادعاءات الطرف المعتدى دون الرجوع إليها كطرف أصيل وصاحب الواقعة وهو ما دفعها لمعاتبتهم فى بيانها بعد ما رأته من تصويرها بالوحش الكاسر متأثرين بمغامرات "هرقليز" الشهيرة أو ربما اختلط عليهم الأمر مع "زينة" بطلة المسلسل الأسطورى الشهير!
للأسف الشديد هذه الواقعة تحمل وجهان ولا أسوأ ولا أقبح............
الأول وهو الوجه القبيح لاستخدام التكنولوجيا والذى أدى التدنى الأخلاقى لإساءة الاستخدام بأبشع الطرق فلم تكن واقعة "زينة" هى الأولى فنفس الواقعة تقريباً قد حدث مع "عمرو يوسف" وزوجته "كندة علوش" فى الجونة عندما قام أحد الأشخاص بتصويرهما دون علمها واكتشفه "عمرو" ولم يستطع التحكم فى عصبيته وانفعالاته فتطور الأمر ونُسج منه حكايات كثيرة وكذلك الشخص الذى غاب ضميره وقام بالتقاط صورة للراحلة "شادية" فى مرضها بغرفة الرعاية المركزة وغيرها من الوقائع التى تصعب فيها الرقابة ولكن الرقيب الوحيد هو الأخلاق والضمير الانسانى وأيضاً الوعى الدينى وهى الصفات التى أصبحت للأسف من النوادر ويتم الاحتفاء بمن تمتع بها وكأنه أمر خارق فى قلب للمنطق بأن يكون هذا الأمر هو الطبيعى وغير ذلك انحراف.
أما الوجه الثانى والذى لا يختلف فى القبح والسوء هو غياب العقل الذى غاب أمام أرقام المشاهدات وتحقيق الـ "تريندات" فمؤكد خبر يحمل افتراس ممثلة لعائلة بأكملها يحمل كل الإغراءات لتحقيق أعلى المشاهدات والتفاعلات خاصة مع وجود طفلة صغيرة فى الحدوتة والتى تجعل منها أكثر إثارة وظهور صاحبة الواقعة بالتأكيد سيقتل هذه الإثارة وسيقتل معها المشاهدات وكل ما يزيدها من الـ "هرى" والـ "لت" والـ "عجن" ولتذهب صاحبة الواقعة وسمعتها وصورتها ومن يشبهها إلى الجحيم ... ولتحيا المشاهدات حرة مستغلة!
واقعة "زينة" ليست الأولى ولن تكون الأخيرة طالما أن الأمور تسير على نفس النهج فالدافع الأخلاقى أصبح شحيحاً والتشويه بهاراته أكثر جذباً وإغراءً من الحقيقة التى تتوه وسط الفوضى ويحارب صاحبها وحده لإظهارها وهو لا يجد من يهتم بها ويرجع إليه لإظهارها وهو ما فعلته "زينة" بإصدار بيان رسمى تشرح فيه تفاصيل ما تعرضت له سواء كواقعة أو تشويه ليكتشف الجميع أنها ضحية ومجنى عليها وأن "زينة" ... "مش زينة ... مش هرقليز"!
الفوضى التى نعيشها نتيجة استغلال التكنولوجيا فى أمور غير مشروعة غاية الخطورة فقد أصبح من السهل بل الأسهل التجسس واختراق الخصوصية والتصوير والتسجيل رغم أن كل هذه الأمور مجرمة قانوناً حتى أنه فى أعتى القضايا إذا تم تقديم مثل هذه الأمور كأدلة إدانة دون تصريح وإذن رسمى من الجهات المختصة فلا يُعترف بها.
الحل القاطع والحاسم لمواجهة هذا العبث هو تفعيل القانون وبقوة كقوة ردع أصيلة ضد سارقى الخصوصية ومعهم عديمى المهنية لإنقاذ المجتمع من ضمائر.. أصبحت مجرد ذكرى.