رئيس اللجنة التحضيرية لمؤتمر «شرم الشيخ»: 12 مليون نوع مختلف على سطح الأرض.. نفقد منها يومياً 150 بسبب الأنشطة البشرية
الدكتور حمدالله زيدان
قال الدكتور حمدالله زيدان، الخبير البيئى ورئيس اللجنة التحضيرية لمؤتمر الأطراف الرابع عشر للتنوع البيولوجى، الذى تستضيفه مصر خلال نوفمبر المقبل، إن مصر نجحت فى انتزاع استضافة المؤتمر من تركيا بجدارة واستحقاق، رغم ما قدمته أنقرة من إغراءات اعتبرت الأمم المتحدة أنها رشوة.
وأضاف «حمد الله» فى حوار لـ«الوطن» أن هناك 12 مليون نوع مختلف من الكائنات على سطح الأرض نفقد منها يومياً 150 نوعاً بسبب الأنشطة البشرية مثل الصناعة والزراعة والتجريف والصيد الجائر والتعدين .. وإلى نص الحوار.
ما التنوع البيولوجى؟
- التنوع البيولوجى هو كل أنواع النباتات والأحياء والحيوانات الموجودة فى البيئات المختلفة ويتم التعامل معها على ثلاثة مستويات؛ أولها البيئات الزراعية والصحراوية والبحرية بما تحويه من أحياء مختلفة، والمستوى الثانى الأنواع التى يصعب حصرها والبعض يقول إن هناك 100 مليون نوع مختلف من الأحياء على سطح الأرض والبعض يقول إن العدد 120 مليوناً، لكن المتفق عليه أن هناك 12 مليون نوع والاختلاف يكمن فى أن هناك أنواعاً متشابهة فى الشكل لكنها مختلفة فى التكوين الجينى وأغلبها موجود فى العالم الثالث، وكلما بحثنا فى هذه الدول وجدنا المزيد وحينما بدأ الحديث عن عقد مؤتمر دورى للتنوع البيولوجى طرحنا السؤال: هل نمتلك خريطة للأنواع؟ وكانت الإجابة لا، لأننا نفقد يومياً 150 نوعاً على مستوى العالم نتيجة تدخل الأنشطة البشرية التنموية من صناعة وزراعة وتجريف وصيد جائر.
«زيدان»: انتزعنا استضافته من تركيا.. والأمم المتحدة رفضت إغراءات «أنقرة» واعتبرتها «رشوة»
متى بدأ التخوف من خطورة اندثار بعض الأنواع؟
- فى سبعينات القرن الماضى حين قامت الولايات المتحدة الأمريكية التى تعتبر أكبر منتج للذرة فى العالم، باستنباط نوع من الذرة ذى إنتاجية عالية، وأصبح هو السائد، وفى عام 1977 استيقظت الولايات المتحدة على كارثة عقب مهاجمة أحد الفطريات للمحصول وقضى عليه تماماً وبعد البحث اكتشف العلماء أن النوع التقليدى من الذرة يحوى جيناً يفرز مادة تقضى على الفطر فقط وغير سامة لباقى الأحياء، وحينما تم التدخل فى الجينات فُقد هذا الجين، ومن هنا بدأ التخوف من خطورة فقد أنواع للأبد وبدأ البحث عن الأنواع القديمة لحفظها والسعى لعمل اتفاقيات لحفظ التنوع البيولوجى وهى الاتفاقية التى تخوفت منها بعض دول العالم الثالث فى أن تكون وسيلة للتحكم فى ثرواته، ومن هنا كان الاتفاق على مصطلح الاستخدامات المستدامة لمكونات التنوع البيولوجى ووقف الاستخدام الجائر بما يحقق عودة التوازن الطبيعى، واتفق الطرفان على ثلاث نقاط حاكمة فى الاتفاقية هى صون التنوع البيولوجى والاستخدام المستدام لمكوناته والتقاسم العادل والمنصف للمعارف التقليدية والمواد التى تنتج عن المواد الوراثية.
كم عدد الأعضاء فى اتفاقية التنوع البيولوجى التى سيعقد مؤتمرها فى شرم الشيخ خلال نوفمبر المقبل؟
- 196 دولة ليست من ضمنها الولايات المتحدة الأمريكية التى اعترضت على بند فى الاتفاقية يخص السلامة الأحيائية والكائنات المهندسة وراثياً، فالاتفاقية تمنع هندسة أى مورد طبيعى وإدخاله لدولة دون أخذ إذن كتابى، كما تحمل الدولة التى تدخل تعديلاً وراثياً فى مورد وحدث منه ضرر طبقاً للاتفاقية تعويض الدولة التى حدث لها ضرر وتعالج هذا الضرر، ونظراً لأن أغلب المنتجات المهندسة وراثياً من إنتاج الولايات المتحدة فقد اعترضت على هذه البنود وانسحبت واعترضت على بند التقاسم العادل للموارد، بمعنى منح المنتج وأخذ التكنولوجيا لكن لم يؤثر انسحاب الولايات المتحدة كثيراً نظراً لوجود قوانين دولية منظمة للتعامل.
كيف نجحت مصر فى انتزاع تنظيم المؤتمر من تركيا؟
- حين تقدمت مصر لاستضافة المؤتمر كانت المنافسة محتدمة مع تركيا وكان المنطق يقول إن التصويت سيحسم الأمر لتركيا التى قدمت عرضاً بدفع 23 مليون دولار واستضافة اثنين من كل دولة على نفقتها ومنح سكرتارية الاتفاقية 6 ملايين دولار لإقامة مشاريع، فنظرت لها هيئة الأمم المتحدة على أنها رشوة ونظراً لأن المؤتمر لم يتم استضافته فى أفريقيا غير مرة واحدة فقط سنة 2000 وقفت جميع الدول الأفريقية إلى جانب مصر فحصلت مصر على استضافة المؤتمر، رغم أننا لم نقدم سوى المتفق عليه والمتبع دولياً بأن تقوم الأمانة العامة للمؤتمر بدفع 52 مليون دولار وتتحمل الدولة المستضيفة أى تكلفة إضافية وهو ما تم ولم نتكلف سوى 7 ملايين دولار.
حماية ثراء أرض النيل تحتاج أكثر من خطط الرصد والتدريب.. ويجب وقف الممارسات المهددة له
حدثنا عن الدعم الأفريقى لمصر خلال معركة استضافة المؤتمر؟
- كانت رغبة معظم الدول الأفريقية أن تستضيف مصر هذا المؤتمر نظراً لتوافر الخبراء والمتخصصين، وتم الترحيب بهذا ولم تكن المجموعة الأفريقية فقط هى من دعمتنا فالغريب أن المجموعة الأوروبية أيضاً دعمتنا بكل قوة رغم أن تركيا جزء منها، بل وأعلنت المجموعة الأمريكية أنه لو لم تنجح مصر فى الحصول على حق استضافة المؤتمر فلن يتم تأييد إقامته فى تركيا وقالوا إنهم يفضلون إقامة المؤتمر فى دولة المقر كندا حتى وإن تكلف أموالاً أكثر.
ولماذا هذا الرفض الدولى لتركيا من وجهة نظرك؟
-السبب الرئيسى أنهم يرون أن تركيا لديها سجل سيئ فى مجال انتهاك حقوق الإنسان، وأن اسطنبول لا يوجد بها أمان لذلك نجحنا فى الحصول على حق استضافة المؤتمر وبتكلفة أقل كثيراً من الرشاوى التى قدمتها تركيا.
وما الفائدة التى ستعود على مصر من استضافة المؤتمر؟
- سنثبت للعالم من خلال وجود 7 آلاف خبير ومتخصص أن مصر آمنة ولا صحة لما يقال عنها من خلال استضافة مصر للمؤتمر ووجود 196 دولة للمشاركة وهذا سيساعد فى تنشيط السياحة.
ما العدد التقريبى للحضور من رؤساء الدول والحكومات المقرر حضورهم المؤتمر؟
- يتراوح عدد الحضور ما بين 6 و7 آلاف خبير ورئيس حكومة ورئيس دولة حيث يبدأ المؤتمر فى يومه الأول بالقمة الأفريقية ثم الشق رفيع المستوى بمشاركة رؤساء الحكومات والوزراء المشاركين لمدة يومين ثم تبدأ الفعاليات التى تستمر 20 يوماً بمشاركة وفود كل دولة من خبراء ووزراء ومتخصصين، وبالتالى فالعدد ليس قليلاً حتى الولايات المتحدة وهى ليست عضواً ستشارك بأكبر وفد غير رسمى ويتخطى عدده 100 فرد لأنها من مصلحتها الاطلاع على كل ما يحدث فى المؤتمر، وسيستغرق المؤتمر 21 يوماً، وسيحقق المؤتمر عائداً اقتصادياً بقيمة 400 مليون جنيه سينفقها المشاركون فى المؤتمر.
لا يقتصر تأثير المؤتمر على التأثير الاقتصادى وسيتخطاه إلى السياسة، حدثنا عن ذلك؟
- بعد انتهاء المؤتمر ستأتى منظمة الراديو لتقيم المؤتمر الخاص بها هنا وتأتى بعدها منظمة الأمم المتحدة لتقيم المؤتمر الخاص بها أيضاً، فبالتالى قاعة مؤتمرات شرم الشيخ سوف تستقبل ثلاثة مؤتمرات تباعاً نظراً لمدى تناسبها مع إقامة هذه المؤتمرات، كما أن المؤتمر يسبقه مؤتمر الشباب، بالإضافة إلى أن الحضور فى مؤتمر الأطراف للتنوع البيولوجى لن يقتصر على الدول الأعضاء فقط، ولكن يحضر أيضاً جميع رؤساء منظمات الأمم المتحدة، سيحضر أيضاً منظمات غير حكومية كبيرة، وممثلو الاتفاقيات التى لها علاقة بالتغير البيولوجى.
المدينة تستضيف 7 آلاف خبير ووزير وسياسى من 196 دولة نوفمبر المقبل
ما الخطة الترويجية للمؤتمر خاصة أنه لا يزال مجهولاً لرجل الشارع؟
- يلعب الإعلام فى الشق الترويجى للمؤتمر دوراً كبيراً جداً سواء كان إعلاماً مرئياً أو مسموعاً أو مقروءاً، كما أن الوزارة لها استراتيجية قائمة يتم تنفيذها حالياً بإجراءات بدأناها مع الهيئة العامة لمترو الأنفاق بتخصيص قطار مترو أنفاق تم تصميمه بوضع شعار المؤتمر عليه، كما ستوضع ملصقات بمحطات المترو وجارٍ اختيار الأماكن المناسبة لاستخدامها فى الترويج للمؤتمر.
هل سيتم عمل ورش تعريفية فى المدارس والجامعات لإعداد الشباب للترويج واستقبال ضيوف للمؤتمر؟
- سنعقد الكثير من الورش للجامعات والمدارس للتعريف بالمؤتمر وأهميته، ولكن هذا ليس كافياً فنحن نحتاج إلى دعم هذه الورش بأعداد أكبر لتصل إلى جميع الجامعات والمدارس.
وماذا عن إعداد السكان المحليين والعاملين بشرم الشيخ للمؤتمر؟
- سيتم إعداد السكان المحليين للترويج للمؤتمر لأنهم أكثر دراية ومعرفة بالمحافظة ومعالمها، فهم لهم دور كبير جداً فى الترويج للمؤتمر وترويج منتجاتهم.
ما القضايا التى سيركز عليها المؤتمر خلال دورة انعقاده فى مصر وحتى تسليمه للدولة التالية بعد عامين؟
- سيركز المؤتمر هذا العام على شيئين فى غاية الأهمية؛ أولهما دمج التنوع البيولوجى فى القطاعات التنموية مثل التعدين والصحة والإسكان والصناعة، بعدما ركز المؤتمر الماضى على الزراعة، والغابات، والأسماك، والسياحة لأن هذه القطاعات ذات صلة مباشرة بالتنوع البيولوجى، بينما الصناعة والصحة والزراعة والإسكان لها تأثير كبير على التنوع البيولوجى ولا تتوافر لديها المعرفة الكافية به، والشىء الثانى هو ربط التنوع البيولوجى بتغير المناخ لأن التنوع البيولوجى له دور مهم جداً فى التكيف مع تغير المناخ، فمثلاً وجود الأشجار فى مكان ما بكثرة يحميه من التآكل.
يحاول البعض التقليل من قيمة الحدث بالقول إن مصر مجرد دولة مستضيفة للمؤتمر ولا يحق لها طرح قرارات أو قضايا، فهل هذا صحيح؟
- هذا الكلام ليس له أى أساس من الصحة لأن أى اتفاقية لها هيئات من ضمنها الهيئة العلمية والتقنية تقوم بعمل اجتماعات يتم بها طرح القضايا والموضوعات ومصر ستكون أول الحاضرين لهذه الاجتماعات وقبل حضورها الاجتماعات تقوم بتحديد متطلباتها، وبعد إجراء الاجتماعات يتم الوصول لاتفاق وبالتالى يحق لأى دولة أن تطرح أى موضوع.