«فريال» تزحف على يديها لتجد قوت يومها: «الناس نسيونى.. لكن ربنا ما بينساش حد»
«فريال»
بين أقدام المارة فى شارع الطالبية المزدحم بفيصل، تمشى بتؤدة ورفق، يداها على الأرض فى اتجاه الخلف، وقدماها مثبتتان فى الأمام، تدفع الأرض بكفيها وتنطلق، كل خطوة صغيرة تغير فى تعبيرات وجهها، تبدو مجهدة من أثر المشى على أربعة، وملابسها ملطخة بمخلفات الأرض، لكنها اعتادت منذ فترة ليست قليلة على السير زاحفة.
تعرف اسمها جيداً، لكنها لا تعرف عمرها، حتى بيتها الكائن فى منطقة العمرانية تعرفه بالشبه: «اسمى فريال مرتضى، ساكنة فى العمرانية لوحدى، بعد ما مات زوجى بقيت وحيدة، كل 3 أيام أطلع من البيت آجى هنا فى الطالبية، أسترزق بأى حاجة تعيشنى يومين وأرجع تانى على البيت».
منذ سنوات طويلة كانت «فريال» تشكو من آلام شديدة فى قدميها، ذهبت إلى الأطباء لكنها لم تداوم طويلاً على الدواء، وقبل 6 سنوات عجزت قدماها تماماً عن حمل جسدها الواهن: «مش قادرة أقف على رجلى خالص، بقيت أزحف عشان أتحرك من مكان لمكان، وجيرانى وأهل الخير بيساعدونى على الحركة، يشيلونى من البيت للشارع ومن الشارع للمواصلات وبعد كده أنا بكمّل زحف».
جاءت «فريال» من الصعيد للقاهرة وهى طفلة، لم تكن تدرك أن الحياة فى العاصمة قاسية، أدركت ذلك حين توفى زوجها، الذى كان يعمل بائعاً متجولاً ولم يترك لها شيئاً تعيش منه: «ربنا ما رزقنيش بأولاد، لما مات زوجى لقيت نفسى وحيدة، عشت سنين بين جدران شقة فى الدور الخامس، ولما خفت أموت من غير ما حد يدرى بيا، ندهت جيرانى وقلت لهم نزلونى».
فقدت السيدة العجوز الأمل فى شفاء قدميها: «خدت دوا كتير ومفيش فايدة، مش عارفة ده شلل ولا ورم ولا إيه، محدش بيقول لى»، لكنها لم تفقد الأمل فى حال أفضل وحياة كريمة تناسب سنها الكبيرة: «ربنا مابينساش حد».