«حسناء» قطعت عشرات الكيلومترات من سيناء إلى المنوفية بسبب «النظرات الحارقة»
حسناء بدر الدين
قطعت عشرات الكيلومترات من مسقط رأسها بمدينة العريش، فى محافظة شمال سيناء، حتى محافظة المنوفية، أملاً فى تغيير نظرة المجتمع إليها، كواحدة من أصحاب الإعاقات، واجهت العديد من الصعاب، حاولت جاهدة التغلب على كل الصعوبات، بمساعدة والدتها وأشقائها تمكنت من استكمال تعليمها، وأصبحت تمتلك بين يديها «شهادة» تعينها على تقلبات الزمن.
بوجهها الخمرى وعينيها الممتلئتين بالإصرار على استكمال المسيرة، وقفت حسناء بدر الدين، 28 سنة، حاصلة على دبلوم فنى زراعى، وتعمل سكرتيرة فى أحد المستشفيات الخاصة، داخل أحد المحال التجارية، تتسوق بصحبة صديقاتها، تحدثت لـ«الوطن» قائلةً: «عانيت الكثير على مدار حياتى، العديد ممن كانوا حولى عاقبونى على إعاقتى لكونى قزمة، وكأن القدر يمكن للمرء أن يغيره، للأسف نظرة المجتمع لنا دونية، ويعاملنا الناس وكأننا نعانى من نقص».
واستطردت ابنة العريش: «نظرات الناس صعبة، وكأنها سهام حارقة»، مشيرة إلى أنها حتى بلغت سن الـ15 سنة لم تكن تستوعب حقيقة الأمر، وكلما خرجت إلى الشارع، كانت تلاحقها النظرات وعبارات السخرية: «شوفوا القزمة دى.. شوفوا القُزعة دى»، حتى امتنعت عن مغادرة المنزل، وأضافت: «قررت أسرتى الانتقال من العريش إلى المنوفية، حيث قررت استكمال تعليمى بنظام المنازل، بمساعدة والدتى وأشقائى وأصدقائى، ولولا وقفة صديقة لى بجانبى، لم يكن بإمكانى استكمال تعليمى، وبمرور الوقت، تفهم البعض ظروفنا، وتغيرت المعاملة، وكان الناس يقولون لى: أنتم طيبون جداً، لم نكن نعرف حقيقتكم».
حبست نفسى فى البيت ولم أخرج إلا بمساعدة أحد أقاربى ليحمينى من السخرية والإهانات
وتابعت «حسناء»: «نفسنا نشعر بقيمتنا كآدميين، وتغير نظرة المجتمع لنا»، مضيفة أن «كلمات الناس للأسف لن تنتهى، ولكن بعضها قد تكون قاتلة»، وتساءلت: «لماذا لا يستمع المسئولون إلينا ليعرفوا مشاكلنا ويساعدونا على حلها؟»، وطالبت بتوفير وسائل مواصلات خاصة بالأقزام، حتى يمكنهم قضاء مصالحهم، وصرف معاش لهم، أو توفير وظائف حكومية تعينهم على استكمال حياتهم، وأشارت إلى أنها رغم حصولها على «شهادة إعاقة»، قبل عدة شهور قليلة، لم يمكنها الحصول على وظيفة، واعتبرت أن الأمر وكأنه «حبر على ورق».
واختتمت «حسناء» بمناشدة الأهالى تربية أبنائهم على عدم إهانة المعاقين، مشيرة إلى أن «كم السخرية، الذى نتعرض له ليل نهار، لا يمكن تحمله، حتى أصبحت غير قادرة على الخروج من المنزل، دون مساندة أحد أقاربى، كى يحمينى من تعرض البعض لى بالإهانات والسخرية».