بطلة «دفع الجلة» تتحدى نظرة المجتمع: لن أستسلم للإحباط»
عزة إبراهيم
«كل ما أقدم فى شغلانة، يقولوا لى عندنا استكفاء، مفيش حد بيقبل يوظفنى لأنى قزمة، تعبت من عدم التقدير، وقررت إخراج طاقتى فى رياضة بأحبها، وبمشيئة الله هأوصل للعالمية فى يوم ما».. بهذه الكلمات بدأت عزة إبراهيم عبدالسلام، 28 سنة، حاصلة على معهد فنى تجارى، ومقيمة بمركز ميت غمر فى محافظة الدقهلية، حديثها عن معاناتها مع إصابتها بـ«التقزم»، وسخرية البعض منها، سواء أثناء دراستها بالمراحل التعليمية المختلفة، أو فى المعهد، بالإضافة إلى معاناتها فى البحث عن وظيفة تساعدها على استكمال حياتها.
وقالت «عزة»، لـ«الوطن»: «لقد عانيت كثيراً من استهزاء المحيطين بى فى كل مكان، ومن نظراتهم القاتلة، كانوا يرددون دائماً، أثناء ذهابى إلى المعهد، أو عودتى إلى البيت: انتى يا قزعة، هتعرفى تطلعى الميكروباص؟»، كما أكدت أنها واجهت العديد من الصعوبات أثناء بحثها عن وظيفة حكومية، وأضافت: «تقدمت 5 مرات للتعيين فى النيابة الإدارية وفى مجلس المدينة، وفى إحدى المرات دخلت اختبار الوظيفة، ونجحت فى الامتحان، ولكنهم قالوا لى عندنا اكتفاء حالياً، ثم فوجئت بتعيين آخرين لم ينجحوا فى الاختبارات بدلاً منى، دون تطبيق أحقية المعاقين بنسبة 5% فى الوظائف الحكومية» مشيرةً إلى أنها تعمل حالياً ممرضة فى إحدى المؤسسات الخيرية براتب رمزى.
وأعربت ابنة ميت غمر عن استيائها من نظرة المجتمع للأقزام، بقولها: «نفسى المجتمع ينظر إلينا بعين الرحمة، أسوة بالأسوياء، وتوظيفنا، واحترام آدميتنا»، وأضافت: «أنا بنى آدمة، كائن حى مثلى مثل أى إنسان، له الحق فى العمل والحياة، مش ذنبى إصابتى بمرض ناجم عن طفرة جينية، وليس مرضاً وراثياً»، مشيرةً إلى أن المعاش المقرر لها باعتبارها من ذوى الاحتياجات الخاصة، فوجئت بتخفيضه من 322 جنيهاً، إلى 222 جنيهاً فقط، بدعوى أنها تعمل ممرضة فى إحدى المؤسسات الخيرية، وهو عمل تطوعى تتقاضى عليه ربع الأجر، ليساعدها على أعباء الحياة.
«عزة»: نجحت فى اختبارات التعيين أكثر من مرة ووظفوا غيرى.. والجلطة غيرت حياتى.. وأمنية حياتى الحصول على العالمية واللعب ضمن صفوف منتخب مصر للأقزام
واستطردت «عزة» قائلة: «نفسى لما أقدم على شغل يتم قبولى، دائماً يتم رفضى بسبب شكلى، رغم أن لدى خبرات متقدمة فى التمريض»، وأضافت: «مؤخراً قررت التغلب على معاناتى، بالخروج وممارسة الرياضة، حتى حصلت على الميدالية الفضية فى بطولة الجمهورية فى دفع الجلة، كما حصلت على ميداليتين فى بطولة الإسماعيلية، إحداهما فى دفع الجلة، والأخرى فى رمى الرمح»، مشيرةً إلى أن إحدى بطلات الجمهورية فى رياضة رفع الأثقال وقفت إلى جانبها، وساعدتها فى التدريبات، وأضافت أنها لم تجد أى صعوبة فى التدريب، ولكن الصعوبة الحقيقية فى أن مكان التدريب، الذى يبعد عن منزلها نحو 20 كيلومتراً، مخصص فقط للأسوياء، كما أن المدرب الذى يشرف على تدريبها يعمل متطوعاً.
وأعربت عن أن أمنية حياتها الوصول للعالمية، وأن تكون لاعبة ضمن صفوف منتخب مصر للأقزام، وقالت: «أبذل أقصى جهد للوصول إلى ذلك، وأتلقى تدريبات لمدة 3 ساعات فى الأسبوع»، وأكدت أن حياتها تغيرت بالفعل بعد ممارسة الرياضة، مشيرةً إلى أنها أصيبت بـ«جلطة» فى يدها اليسرى، نتيجة معاناتها بسبب نظرة المجتمع لها، وعدم حصولها على وظيفة، مما أصابها بحالة من الأرق حرمتها النوم، ولكن بعد ممارسة الرياضة، لم تعد تفكر إلا فى التدريب والتفوق، وأكدت أنها لن تستسلم لليأس والإحباط، واختتمت بقولها: «حياتى الآن أصبحت مشغولة بما هو أفضل، ولا أريد أن يحبطنى أحد».