قديماً كنا نسمع ممن هم أكبر منّا سناً أننا لابد أن نسير مع التيار في نفس الاتجاه ولا نتخذ الاتجاه المعاكس له لكي لا نفسد على أنفسنا سعادتنا أو لكي نُسَير أمورنا حتى تمر على خير وسلام وبدون أي شوشرة، خاصة وإن كان التيار الذي نواجهه أقوى منّا.. لكن الحياة اختلفت الآن والواقع تغير وأجبرنا أن نسير ضد التيار في بعض الأحيان ونقاومه بكل ما نملك من قوة للحفاظ على أنفسنا من الضياع.
هناك أوقات لابد أن نسير فيها بكل قوتنا عكس التيار عندما يكون التيار غير سوي وغير متفق مع مبادئ الفطرة السليمة.. فعندما نعيش مخلصين في واقع لا يعرف إلا الخيانة، ونكون صادقين مع أنفسنا ومع من حولنا ومن حولنا كاذبين، وعندما نقضي أيام حياتنا على طريق الاستقامة والمحيطين بنا مراوغين، ونحرص على تقديم الخير والعون لكثيرين ومع ذلك لا يقدرون مواقفنا النبيلة معهم.. وقتها لابد أن نسير عكس التيار ولا نيأس عندما لا نجد الناس خيرة مثلنا ولا نستسلم ونغير من فطرتنا السليمة لنكون مثلهم بل نظل متمسكين بمبادئنا ونعيش في عالمنا المعاكس لعالمهم المتغير الذي يتغير بتغير الفصول، لابد أن نقاوم تيارهم بتيارنا المعاكس لنظل كما نحن على لون واحد ووتيرة واحدة وليس متلونين مثلهم كالحرباء.
العالم لا زال بخير نعم، وهناك الكثير من الأخيار لا زالوا يناضلون من أجل الخير ويتمسكون بأخلاقياتهم ومبادئهم، ولا زالوا يستشعرون في وجدانهم كل القيم والمثل العليا والمبادئ السليمة وهذا ما يدفعهم إلى السير عكس التيار للحفاظ على أنفسهم.. لكن الشر كثر وتوغل في نفوس الكثيرين حتى كثر الحقد والغل والحسد وازدادت الغيرة بين البشر وبدأ الخير يقل.. لذلك أصبح السير عكس التيار واجب على كل إنسان يعرف طريق الصواب ويسير عليه.
أوجه رسالتي لكل إنسان حساس متأثر من السلوكيات غير السوية المحيطة به والتي تجعله يشعر أنه غريباً في وسط الكثيرين لأنه يعطي خيراً ويتوقع من الناس أفضل ولا يجد، أقول له: "ثق أن كل ما تقدمه من خير هو عند الله أضعاف، ولا تنتظر مقابل من الناس بل ترفع وكن كالغيمة العابرة التي تسير في السماء لتسقط مطراً على الأرض دون أن تنتظر نمو الأشجار".. وأقول لكل إنسان مستقيم وصاحب مبدأ في الحياة: "استمر على ما أنت عليه وسر بكل قوتك عكس التيار الخاطئ لتحافظ على نفسك من الضياع ولتبهر الجميع بثباتك وإصرارك".