في بيت من بيوت العز التي تأوى السادة والمماليك نشأ الأديب والناقد إبراهيم عبدالقادر المازني أحد كبار كتاب وشعراء العصر الحديث، وكان بيته قريبا من المقابر فأثار هذا المشهد في نفسه انقباضا يذكرها بالفناء، وكان هذا سرا في إيمان المازني بحكمة جاءت في التوراة "باطل الأباطيل فالكل باطل".
وقد كان لنشأته هذه وعمله بالتدريس والكتابة أثر كبير في نفسه ووجدانه فقد كان شديد التواضع منطويا على نفسه عصبي المزاج يحب الفكاهة دقيق الملاحظة جميل الصوت محبا للموسيقى وخاصة العزف على القيثارة.
وكان المازني في ثقافته متأثرا بكتب الجاحظ والأصفهاني وشعر الشريف الرضي وابن الرومي والمعري، ولم تقتصر ثقافته على الأدباء العرب فقط بل تأثر أيضا بشعراء الغرب أمثال شيلي وشيكسبير وميرون، واهتم بعلم الأديان المقارن فقرأ التوراة والإنجيل، بالإضافة إلى التاريخ إلا أنه كان يسخر من الفلسفة ويكره الرياضيات، بحسب صحيفة "وطني" في عددها الصادر في 24 أغسطس عام 1997.
كان المازني صديق عباس العقاد مهتما بما ينشره الأخير في صحيفتي الدستور والبيان، ثم توطدت علاقتهما بعد أن صاروا جيرانا بحي الإمام ثم السكاكيني، فتلازما ونهلا من مورد واحد في ثقافتهما لذا جاءت أرئهما في الأدب والنقد متقاربة لا تختلف إلا بقدر اختلاف المزاج والشخصية وطريقة التناول، فالعقاد يؤدي المعنى بأوجز لفظ ويرتب موضوعات الكتاب من أوله إلى أخره قبل أن يشرع في كتابته، أما المازني فقلما يؤلف كتابا في موضوع كامل، وكان يجنح إلى الخيال والمزاج الأدبي والسخرية.
وتختلف المدرسة التي ينتمي إليها المازني عن المدرسة التي ينتمي إليها شوقي وحافظ في الأغراض الشعرية فقد كان شاعرا مجددا صادق التعبير عن نفسه إذا تغزل أو وصف أو تمنى أو يئس، وكانت حكمه مبعثها التجارب الخاصة لأنه كان بعيدا عن تقليد الشعراء.
وكان للمازني ديوان من جزئين صدر عام 1916 فضلا عن قصائد أخرى لم يتم طبعها، وكان يعتبر النقد عبارة عن رفع ميزان ذو كفتين توضع في واحدة الإحسان والأخرى الإساءة والتقصير والكفة الراحجة هي التي يكون لها الحكم، أما المازني المترجم فقد وصفه أحد أفراد جيله بأنه يستطيع أن يفتح المرجع التاريخي في اللغة الإنجليزية ويلخصه ويترجمه أثناء قراءته ويكتبه على الورق في وقت واحد.
تعليقات الفيسبوك