التعبير والإبداع.. النصوص وحدها لا تكفى.. ويجب حماية المبدعين
عبدالواحد النبوى
يرى بعض المبدعين والكتاب أنفسهم ملاحقين بسبب ما يثيرونه من قضايا وآراء، مشيرين إلى أن الدستور وحده لا يشكل ضمانة لممارسة الحق فى التعبير والإبداع، وأنه لا بد من ترجمة هذه النصوص إلى قوانين تحمى المفكر من الملاحقات القضائية أو المجتمعية، خاصة أن المادة (65) من الدستور نصت على أن «حرية الفكر والرأى مكفولة. ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه بالقول، أو بالكتابة، أو بالتصوير، أو غير ذلك من وسائل التعبير والنشر». وعلى رغم وضوح المادة. وقال الدكتور عبدالواحد النبوى، وزير الثقافة الأسبق، إن «إطلاق الحريات فى الميادين كافة، من شأنه إحداث تطوير حقيقى وتغيير إيجابى فى أى مجتمع».
وأضاف «النبوى»، فى تصريحات لـ«الوطن»، أن «الفكر والثقافة والإبداع يجب ألا تنفصل عن مشاكل وهموم المجتمع، بل إن واجبها أن تبحث وتشقى للارتقاء بهذا المجتمع على مستوى الفكر والفنون والثقافة»، وتابع: «أحياناً نجد بعض الشطط لدى المفكرين، وهذا المشهد هو ما يتحفظ عليه المجتمع، بل قد يلجأ فى كثير من الأحيان إلى اللجوء للقضاء، باعتبار أن هذا المفكر أو غيره يصطدم مع المعتقدات والعادات والتقاليد السائدة فى هذا المجتمع»، مشيراً إلى أنه يتوجب على المفكر أو المثقف ألا يشطح كثيراً، لأن هذه الإشكالية لن تنتهى.
وأكد وزير الثقافة الأسبق ضرورة تكاتف الجمع بدءاً بالدولة مروراً بالمفكرين، ووصولاً لعوام الناس، من أجل التوافق على صيغة سليمة تضمن حرية الرأى والتعبير، وتُطلق العنان للعقل وتقديمه على كل شىء، فى وقت تحقق فيه التوازن بين الأفكار الجديدة من ناحية، وبين الأفكار والمعتقدات السائدة فى المجتمع من ناحية أخرى.
وأشار إلى أهمية الوسطية، موضحاً أن «التوسط يزين الشىء، والتطرف فى كل الاتجاهات أمر مرفوض»، مؤكداً أنه مهما وضعنا من قوانين سواء تتيح أو تمنع، ستبقى هناك بعض المناطق الحساسة التى ستثير البلبلة كلما اقترب منها أحد المفكرين.
وقالت الكاتبة فاطمة ناعوت، إن «الدستور الذى وافق عليه الشعب عام 2014، أكثر من جيد فى مسألة التأكيد على الحريات عموماً، وحرية الفكر والإبداع على وجه الخصوص، ونحن ككتاب، ننظر إليه بتقدير كبير، مُضيفةً لـ«الوطن»: «خلال قضية ازدراء الأديان التى كنت مُتهمة فيها، كنت أقول لنفسى دائماً إن الدستور سيحمينى».
وتابعت «ناعوت» أن «الدستور لم يحمِها، كما كانت تتوقع، بسبب أنه مبادئ عامة، لكنه لا يحكم أو ينظم العلاقات، دون تشريع يترجمه إلى واقع فعلى»، مشددة على أن هذا الدور منوط بمجلس النواب، لكن الأخير، حسب تعبيرها، لا ينظر إلى الأمر بالأهمية المطلوبة».
وأشارت إلى «خطورة عدم ترجمة هذه النصوص الدستورية الرائعة إلى واقع ملموس فى تعاملاتنا اليومية، حماية للمفكر من أصحاب الأفكار الظلامية والرجعية، لافتة إلى أن الدستور تضمن أيضاً الإشارة إلى 3 مواضع لا يعتد فيها بحرية، لأنها خرجت من إطار التعبير السلمى عن الرأى، وهى: الحض على العنف، والحض على التمييز العنصرى على أى مبدأ، والخوض فى الأعراض، وما دون ذلك لا توجد أية عقوبات سالبة للحرية عليه».
ونوهت «ناعوت»، بأن القوانين المعمول بها حالياً تشمل عدداً من معوقات حرية التعبير، الأمر الذى يتنافى مع دستور الحريات الجديد، وأشدها خطورة على الإطلاق «ازدراء الأديان»، لأنها مادة دخيلة على التشريعات والقوانين المصرية، وأن الرئيس الراحل محمد أنور السادات أصدره ليراضى الأقباط الذين تعرضوا لانتهاكات من قبل المتطرفين، لكن المفارقة أن الذين أدينوا به بعد ذلك هم الأقباط أنفسهم أو بعض المفكرين المسلمين، فيما لم يُطبق على أىّ من المتطرفين.