قصة، قلما تتكرر، أو نجد نموذجا لها بين الرجال، بعد حكاية حب وعشق بدأت من الجامعة، وانتهت بقدرٍ محتوم كان سندًا فيه لها حتى آخر نفس.
فمنذ نحو 22 عامًا، تزوج صالح السيد، من ابتسام حسين، بعد تخرجهما من كلية التجارة التي شهدت قصة حبهما، ظلا خلالها يتشاركان بعض تفاصيل حياتهما اليومية بدون ملل أو خلافات، تجمعهما حياة هادئة، عاش معها بعد هذا العمر، 6 أشهر فقط، مرت عليه بمثابة أعوام، كانت أجمل أيام عمره، شهر عسل لا ينتهي من العشق والمودة والرحمة، يزيد حبه لها خلالها يوميا، حتى جاء ما لم يكن يخطر على بال الزوجين.
"المدام عندها كانسر في الرقبة".. جملة وقعت كالرصاص في قلب "صالح" بعد معرفته بمرض زوجته، لكنه قرر أن يخبئ حزنه على حبه الوحيد بداخله، ووقف بجانبها يساندها، إلا أن الأمر لم يستمر طويلا: "عملت العملية وجالها تلوث، وماتت، فكرهت كل حاجة في الدنيا"، وفقا لحديثه لـ"الوطن".
صدمة ووجع ومشاعر مختلطة من آثار الفراق، أصابت الرجل الخمسيني الذي يقيم في القناطر، لم يستطيع حينها أن يعيش في نفس المكان الذي جمعهما سويا فقرر أن يرحل من البلد، بطلب إعارة من عمله كمحاسب في شركة الكهرباء، إلى السعودية، في نفس عام وفاة ابتسام، وعاد مرة أخرى إلى مصر بعد مرور 11 عامًا، قائلا: "ومن يوم ما راحت، مرضتش أتجوز عمري".
وبعد عودته من السعودية لم يتحمل العيش بدون عمل فكل تفصيلة تُذكِّرُهُ بها، حتى قرر العمل كـ"حارس" لإحدى العمارات في حي الزمالك، ورغم محاولات الكثيرين لإقناعه للزواج مرة أخرى، إلا أنه يرفض بشدة، لأنه لم يستطع التفكير في غيرها، متذكرا وهو يمسك دموعه: "كانت موصياني قبل ما تموت، إن لو حصل لها حاجة، أبيع دهبها وأتبرع بيه، فعملت لها صدقة جارية".
"حبي وعشقي ليها ميجيش حاجة في وصفي، يعني لو قسمنا عمري بالست شهور اللي قعدتهم معاها دول".. ثم يتوقف صالح منهارا من البكاء، ليستكمل: "المدة اللي الناس ممكن تشوفها صغيرة، بعمري كله".
وبخلاف عمله في إحدى العقارات، يحرص صالح على أن يذهب يوميا إلى حضانة أنشأتها زوجة أخيه في القناطر، حتى يُدرِّس للأطفال الرياضة: "بسلِّي وقتي مع التلاميذ ساعتين تلاتة في اليوم، بحس إنهم أولادي واخواتي.. وهما بيحبوني أوي.. وبيفرحوا لما يشوفوني".
تعليقات الفيسبوك