الإيجار من 200 إلى 900 جنيه فى الشهر.. الحياة مع الأموات
حياة المواطنين داخل المقابر
غرف صغيرة جميعها لا يتعدى مساحة المترين فى 1٫5 متر، ولكن الطمع والجرى وراء الأموال دفع «التُّربية» إلى تأجير أحواش مقابر عين الصيرة، التى انقطع أصحابها عن زيارتها دون علمهم، ويقع الباحثون عن سكن هرباً من غلاء أسعار الشقق فريسة سهلة لسماسرة هذه الأحواش والمقابر.
يقيم «أحمد مصطفى»، 56 عاماً، وسط مقابر عين الصيرة بالسيدة عائشة، مع زوجته وأولاده الأربعة، فى حجرة صغيرة لا تتعدى مترين فى 1٫5 متر، وصالة مساحتها مترين فى ثلاثة أمتار، ويقول: «التربى بيأجر لنا السكن فى أحواش المقابر دون علم أصحابها، وبياخد منى 200 جنيه فى الشهر على قد فلوسى أحسن ما أقعد فى الشارع»، يسكن «أحمد» المقابر منذ 15 عاماً، موضحاً أنه: «شغال أرزقى على باب الله، أسبوع اشتغل والتانى لأ».
لم تتوقف أزمة أحمد على عيشته داخل المقابر فقط، على حد وصفه، لكن توفير إيجار السكن الذى يقطنه هو وأسرته يمثل عبئاً عليه: «السكن سعره رخيص بس غالى عليّا عشان ظروف شغلى»، مضيفاً: «أول ما سكنت كنت بدفع مبلغ رمزى، ثم غلى التربى الإيجار بـ100 جنيه، و150، لحد ما وصله لـ200 جنيه فى الشهر»، لافتاً إلى أنه يقوم بتوصيل سلك كهرباء من أقرب عمود إنارة لإضاءة الحوش، ويذهب إلى أقرب منطقة فيها مياه لملء ما يكفيه منها فى جراكن.
«عطية»: عيشتها صعبة وشاهدت فيها زواحف وحشرات «أشكال وألوان».. و«أحمد»: نستأجرها دون علم أصحابها
«إيجار سكن المقابر يتراوح ما بين 200 لـ500 لـ900 جنيه فى الشهر»، يبدأ «عبدالنبى ع»، 46 عاماً، حديثه عن إيجار سكن المقابر المقابر بهذه الكلمات، متابعاً: «استأجرت فى المقابر حوش بـ500 جنيه بس مش للسكن، عامله مخزن لورشتى»، مبيناً أنه لديه ورشة «للحدادة».
وأضاف «عبدالنبى» أن معظم ساكنى المقابر من أصحاب الأعمار المتقدمة، أو من فقدوا ذويهم وأقاربهم، على حد قوله، واصفاً التربى بقوله: «حالة الجشع عند التربى وصلت إيجار السكن لـ900 جنيه، لأنه بيكون صارف على الحوش وموصل له كهربا ومية، والحوش اللى ساكن فيه التربى موصل له تكييف الواحد ميطولش يسكن فيه»، مكملاً حديثه: «كل واحد فى المقابر له حكاية مختلفة بس الظروف فى الغالب بتكون هى العامل الأساسى أن الشخص يسكن فى الترب».
جاء من بلده بمحافظة أسيوط، ليبحث عن عمل يجنى من ورائه مصاريف معيشته هو وأولاده الذين تركهم خلفه فى مسقط رأسه، محمد عطية، 38 عاماً، يقول: «شغال فى القاهرة بقالى 5 سنين والسكن غالى مش هروح أسكن فى شقة إيجارها ألف جنيه فى الشهر أقل حاجة، معيش فلوس تكفى عشان كدا سكنت فى المقابر»، متابعاً: «لما جيت أدور على سكن فى المقابر مكنتش أعرف إنه بفلوس لحد ما قابلت التربى واتفق معايا أدفع 200 جنيه كل شهر ومكانش قدامى حل غير إنى أوافق نظراً لغلاء أسعار إيجار الشقق»، واصفاً حياته داخل المقابر بنبرة استياء قائلاً: «العيشة فى الترب صعبة وشفت حشرات أشكال وألوان هنا، بس لازم أستحمل عشان كوم اللحم اللى سايبه فى البيت مايموتش من الجوع»، موضحاً أن لديه ثلاثة أولاد جميعهم فى العقد الأول من عمرهم.