"الكافيجي".. صاحب المخطط التراثي العائد من لندن: لا يقل عن ابن خلدون
كتاب "المختصر في علم التاريخ" للكافيجي
"المختصر في علم التاريخ"، هو المخطوط الذي يعد من نوادر تراث مصر للمؤلف محي الدين الكافيجي، والذي بسبب استعادته تعقد الدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة، مؤتمرًا صحفيًا، اليوم، للكشف عن تفاصيل رحلة إعادة مخطوط نادر عمره نحو 600 عام، إلى دار الوثائق القومية بالفسطاط بعد سرقته في سبعينيات القرن الماضي، حيث كان معروضًا للبيع في مزاد علني بصالة "بونهامز" في العاصمة البريطانية، قبل أن تنجح سفارة مصر بلندن في استرداده.
محمد بن سليمان بن سعد بن مسعود الرومي البرغمي، محيي الدين أبو عبد الله المعروف بـ"الكافِيَجي" أو "الكافيه جي" الحنفي، هو مؤلف المخطوط التراثي الذي ولد عام 788 هجريًا وتوفي 879 هجريًا والتي توافق عام 1474 ميلاديًا.
ينحدر الكافيجي من بلاد صروخان من ديار ابن عثمان الروم، واشتغل بالعلم أول ما بلغ ورحل إلى بلاد العجم، فذهب إلى الشام وحج ودخل القدس ثم قدم إلى القاهرة بعد سنة 830 هجريًا، فلقي العلماء الأجلاء كابن حجر والبساطي، وكان إماما كبيرا في المعقولات كلها: الكلام، وأصول اللغة، النحو والتصريف والإعراب، المعاني والبيان، الجدل والمنطق والفلسفة" فكان عالمًا موسوعيًا ملما بجل العلوم، حسب ما ورد في كتاب "العلامة محيي الدين الكافيجي (حياته ومصنفاته)" للدكتور عبد الواحد جهداني.
على الرغم من أن الفترة التي عاش فيها الكافيجي بالقاهرة، كانت زاهرة بالعلم والعلماء، فإنه بعلمه وإخلاصه وجد مكانته بين علمائها ووجهائها.
المستشرق فراز روزنتال كان أول من اهتم بمكانة الكافيجي الرائدة وخصوصًا في علم التاريخ، فيرى أنه على الرغم من أن الكافيجي لم يكن مؤرخًا محترفًا ولا يبدو أنه أصلًا مهتم بالتأريخ، فإن كتابه "المختصر في علم التاريخ" كان له الأثر البالغ على مَن جاء من بعده من المؤرخين، حيث أجاب فيه باختصار عن المسائل المتعلقة بخصائص علم التاريخ وغرضه وهدفه وفوائده، ويعتبر من الكتب المؤسسة بنظرية علم التاريخ عند المسلمين.
أما الباحث أحمد الياس حسن الذي رصد في بحثه "منهج البحث التاريخي عند الكافيجي" توصل إلى أن مفهوم الكافيجي لعلم التاريخ كان مفهومًا واسعًا تعدى الحدث وتاريخه، فتناول جوانب متعددة من النشاط الإنساني، واختتم بأن "لا تقل قيمة أفكار الكافيجي في علم التاريخ عن أفكار ابن خلدون في علم الاجتماع".
ساهم بدوره في النشاط الفكري والثقافي الذي كانت تعيشه القاهرة والتف حوله الطلبة من مختلف المذاهب، وتقلد عدة وظائف أولها التدريس في مختلف علوم اللغة، ووصفه تلميذه العلامة جلال الدين الأسيوطي بـ"أستاذ الأستاذين"، وتقلد مناصب أخرى منها مشيخة الخانقاه الشيخونية، وانتهت إليه رياسة الحنفية بمصر.
له تصانيف، أكثرها رسائل، منها "مختصر في علم التاريخ - خ" و"أنوار السعادة في شرح كلمتي الشهادة - خ" و"منازل الأرواح - خ"، و"معراج الطبقات - خ"، و"قرار الوجد في شرح الحمد - خ"، و"نزهة المعرب - خ" في النحو، و"التيسير في قواعد التفسير - خ"، و"حل الإشكال - خ" في الهندسة، و"الاٍحكام في معرفة الإيمان والأحكام - خ"، و"الإلماع بإفادة لو للامتناع - خ"، و"جواب في تفسير: والنجم إذا هوى - خ"، و"مختصر في علم الإرشاد - خ"، و"الرمز - خ" في علم الأسطرلاب "شستربتي 1: 81".