البنات معاناتها أكبر: الخوف بيخلينا نقفل «البيبان والشبابيك».. والسكن فى منطقة شعبية مخاطرة
طالبات مغتربات يبحثن عن سكن
جربن مرارة الغربة من أجل الدراسة، يعرفن جيداً معاناة البنت مع سكن الطلبة، نظرات الناس القاسية فى الشوارع، مع عدم الشعور بالأمان، غلاء السكن مع جو غير مريح للمذاكرة، هذه الأجواء دفعت ثلاث بنات مغتربات درسن فى كلية الإعلام جامعة الأزهر، وهن إنجى شريف، عائشة السعدنى والزهراء مصطفى، إلى عمل مشروع تخرجهن عن المغتربات، فيلم أطلقن عليه اسم «موقف مصر».
لم تكن «إنجى» إحدى المشاركات فى المشروع، تعلم حجم المعاناة التى ستراها بعد انتقالها فى أول سنة دراسية، من منطقة منية النصر، بالدقهلية، إلى القاهرة حيث الدراسة، فى البداية لم تشعر بالغربة، مطمئنة لوجود بعض صديقاتها المغتربات معها، متحمسة لبداية الدراسة، لتدرك بعد ذلك أن الأيام المقبلة قاسية. ترصد «إنجى» إحساس المغتربة، بداية من المسئولية التى وقعت عليها فجأة، بعد حياة هادئة وسط أسرتها، وجدت نفسها مسئولة عن طهى طعامها، غسيل ملابسها، مواجهة المشاكل بمفردها، التحكم فى مصاريفها، بالإضافة لاستغلال بعض السماسرة ومسئولى السكن للبنت: «استغلال، رفع سعر، بتدفع 500 جنيه تأمين ومابتاخدهاش بعد كده، وحصل موقف شخصى لما حوض الحمام وقع عليّا بسبب إنه مش ممسوك كويس، وصاحبة المكان قالت لى أنا مالى، مع إنى أنا اللى اتضريت وحصلى شرخ فى الجمجمة».
بمرور الوقت علمت «إنجى» أن كل المغتربات يتعرضن لمشاكل، وهو ما قررت نقله فى الفيلم: «أحياناً بتضطر المغتربة إنها تتعامل مع بنات بتضايقها بحكم السكن، وكمان ساعات سكن يضم طالبة مع واحدة موظفة مثلاً، يعنى طباع وميول مختلفة»، حاولت «إنجى» تجسيد مشاكل المغتربات: «بنتين من الصعيد، تحديداً قنا، حكولنا قد إيه كانوا بيعانوا من مشكلة السفر للصعيد بسبب المسافة وطول المدة اللى بتوصل لـ12 ساعة، فبيضطروا يشوفوا أهلهم مرتين بس فى السنة، وقت الإجازات»، رواية أخرى، رصدها الفيلم، لمحاول اقتحام شخص لسكن طلبة بنات، يضم 11 فتاة، حيث حاول اقتحام منزلهن فى الفجر، ما سبب لهن ألماً، بالإضافة لعدم مراعاة صاحب السكن لحجم معاناتهن بطلبه ثمن تصليح الشقة.
معاناة شيماء طه، 21 عاماً، طالبة بكلية طب أسنان جامعة 6 أكتوبر، فى «بيت الطالبات»، لم تكن بالهينة، ابنة محافظة الغربية جربت نار الغربة بعيداً عن أهلها مرتين، الأولى عند سفرها لمدينة العريش عندما ألحقها التنسيق بفرع الجامعة بمحافظة شمال سيناء، والثانية عند انتقالها للكلية نفسها ولكن بجامعة 6 أكتوبر، عادات وتقاليد مختلفة عن مجتمعها واجهتها فى كلتا المحافظتين جعلتها تشعر بالضيق: «الجو فى طنطا مختلف عن العيشة فى العريش أو 6 أكتوبر.. العريش قلق طول الوقت فى الجامعة وطبعاً الاتصالات مابتخلصش من جانب أهلى، لكن أكتوبر دوشة وتصرفات الشباب بتضايق واحنا مش متعودين على كده».
بداية المعاناة كانت منذ اللحظة الأولى التى بدأت فيها «شيماء» رحلتها فى البحث عن سكن عند انتقالها لأكتوبر، فوجئت بالأسعار التى تزيد كلما اقترب السكن من الجامعة: «خدت الشقة فى الحى الأول، هى بعيدة عن الكلية لكن سعرها مناسب جداً بقسمه مع أصحابى وآهى ماشية»، حيث يصل إيجار الشقة إلى 1700 جنيه بخلاف مصاريف الكهرباء والغاز: «أول يوم سكنت فيه فى الشقة كنت خايفة، مكنتش بعرف أنزل لوحدى الشارع لازم أستنى صحباتى».
مشقة من نوع آخر، تحملتها إيمان وهبى، عندما انتقلت من البحيرة إلى بنى سويف، كانت تدرس الثانوى الصناعى، فكان إجبارياً عليها أن تنتظر بعد تقييد طلاب الثانوية العامة داخل الجامعات، ومن ثم يبدأ تنسيق التعليم الفنى، وبالفعل قادها التنسيق إلى محافظة بنى سويف، لاستكمال دراستها الجامعية، ومنذ هذه اللحظة بدأ مسلسل من المعاناة والتوتر والخوف، الذى كان يلازمها منذ استقلالها أول قطار لبنى سويف: «كنت أنا واتنين من صحابى ومش عارفين أى حاجة ومش لاقيين مكان نروح فيه، لقينا شقة صغيرة أوضتين وصالة وكنا 10 بنات، كل واحدة من محافظة مختلفة ودراستها كمان مختلفة، وكنا بنتخانق كتير جداً، حد عايز النور وحد مش عايز النور، واحدة عايزة تاكل والباقى مش جعان، ده غير إن كان فيه ناس صوتها عالى واحنا بنذاكر».