«مكافحة الإدمان» يفتح باب الأمل للمتعافين.. بداية جديدة بقرض صغير
محمد
بداية جديدة، بعد سنوات من التيه والضياع فى ضباب الدخان وظلام الإدمان، حتى وجدوا مَن يمد لهم يد العون والإنقاذ، ليتعافوا من المخدرات، لكن التعافى وحده لا يمكنه إنهاء المعاناة، ما لم يقترن بتجربة حياتية جديدة ومصدر رزق متجدد يجعل من المدمن السابق مواطناً صالحاً نافعاً لمجتمعه. هذا ما قام به صندوق مكافحة الإدمان التابع لوزارة التضامن الاجتماعى، بالتعاون مع بنك ناصر الاجتماعى، بإطلاق مبادرة لإقراض المتعافين من الإدمان، لمساعدتهم فى دخول سوق العمل عبر مشروعات صغيرة ومتوسطة، بعد تقديم دراسات جدوى لها والموافقة عليها.
تامر يسرى، 40 عاماً، واحد ممن وقعوا فريسة للإدمان وهو فى عمر 15 عاماً بدافع حب الاستطلاع، ويحكى لـ«الوطن»، أنه أقدم على تعاطى الحشيش لاعتقاده وقتها أنه ليس كبقية المواد المُخدرة، حتى وصل لمرحلة عدم الإشباع، وبدأ يبحث عن بدائل، فكان «البرشام» الذى لم يكن يتخيل أنه سيتعاطاه يوماً، ومنه إلى الهيروين، ثم بدأت حياته الأسرية والاجتماعية تنهار، وأصبح منبوذاً من القريب قبل الغريب.
ومن هنا بدأ «يسرى» يبحث عن العلاج وسط مخاوف من اعتقاده أن العلاج مكلف، ولا يملك من ثمنه شيئاً، ثم سمع عن الخط الساخن لصندوق مكافحة وعلاج الإدمان وبدأ التواصل باحثاً عن الخدمة. وبعد رحلة العلاج، تحوّل «تامر» من مريض يرغب فى التعافى إلى مريض مُعالِج «Ex-addict»، عندما لاحظ الفريق المعالج لباقته ومهارات التواصل الجيدة التى يتمتع بها، فطلبوا منه أن يساعد المترددين على المستشفى، وإلى الآن يواصل دوره كناقل رسالة للأقسام الداخلية. قارب «تامر» على العقد الرابع من العمر، ولم يكن لديه سوى محل والده، الذى صار خاوياً من البضاعة بسبب إدمانه، ليجد الصندوق يمد يد العون له مرة أخرى، وتم تسجيله فى دورة تدريبية لمدة 28 يوماً يتعلم فيها صيانة الموبايل والأجهزة الكهربائية، واتجه لإعادة تشغيل محل والده، وعرف أن هناك مشروعاً تمويلياً يمكن أن يحصل من خلاله على قرض، فتقدَّم بأوراقه لوزارة التضامن ليزوره مندوبون من بنك ناصر للاطلاع على المحل ومناقشة خطته، ليتسلم الدفعة الأولى بمبلغ 40 ألف جنيه للمرحلة الأولى، ويبدأ مشروعه، وعن ذلك يقول: «صندوق المكافحة، الوحيد اللى وقف جنبى، كنت ميت ورجعت للدنيا تانى».
«تامر»: حصلت على دورة تدريبية بواسطة «الصندوق» لتعلم صيانة الأجهزة الكهربائية.. وأعدت تشغيل محل والدى بقرض 40 ألف جنيه
أما أيمن حسن الذى قرر مغادرة منزله عندما كان عمره 14 عاماً بعد أن ساءت علاقته مع والده، ترك تعليمه الأزهرى قبل أن يحصل على شهادة الابتدائية بأيام، وقرر العمل فى صالون حلاقة بباب الشعرية، وفى أحد الأفراح الشعبية تعرف على أصدقاء «الحشيش» ليدخل بعد ذلك مرحلة «الكيميا أو الترامادول»، كأسلوب للخروج من الملل حتى أصبحت أسلوب حياة.
وبعد التعافى حصل «أيمن» على قرض من الصندوق، بعد أن قدم فكرة مشروع عربة لتوزيع البضائع على المحلات، بعد أن اكتسب ثقته بنفسه وتعلم كيف يتعامل مع الآخرين من عملائه وأولاده حتى لا يسيروا على نفس نهجه، القرض كان شهادة التعافى وحسن السير والسلوك.
12 عاماً سيطر فيها الإدمان على محمد مهدى، الذى خسر عمله كمدير مطعم رئيسى بأحد الفنادق الكبرى، وتعاقبت الأزمات بفقدان والديه وإصابته بفيروس «سى»، ويقول: «قُلت أجرب سكة النضافة مرة ومش هخسر حاجة»، ومن هنا عرف طريقه إلى العلاج بالخانكة، ويضيف: «مريض الإدمان مش مجرم عشان كده حسيت إن الحل سهل».
قَرر «مهدى» أن يبدأ مشروعاً جديداً، وأن يتقدم للحصول على القرض بعد أن مرَّ عليه 5 فرص للتقديم كان يخشى فيها الإقدام على هذه الخطوة تفادياً للفشل فى حياته مرة أخرى، لكن دعم الإخصائيين المسئولين عن حالته ساعده على تخطّى عائق توقعه أنه سينتقل من سيئ لأسوأ. تسلّم «مهدى» الدفعة الأولى من قرض صندوق مكافحة وعلاج الإدمان بعد دراسة جدوى لمشروعه الذى يأمل أن يكون فرصة جديدة لمستقبل يحلم به ليصبح فخراً لأبنائه.