أبطال قناطر أسيوط: اشتغلنا 24 ساعة يومياً.. وتعلمنا من الأجانب
قناطر أسيوط الجديدة.. شاهدة على بطولة عمل استمرت 6 سنوات
6 سنوات من العمل المتواصل ليلاً ونهاراً دون توقف، يراقبون عمل آلات الحفر والتركيب بدقة، مختلفين فى المهن والمهام المكلفين بها، يملأهم العزم على إتمام المشروع على أكمل وجه، ولم يتذكر أحدهم صعوبات ما مر به عبر سنوات العمل بمجرد خروج المشروع للنور وحضور الرئيس عبدالفتاح السيسى لافتتاحه.
يحمل شهر مايو من عام 2012 ذكريات كثيرة لعمال ومهندسى مشروع قناطر أسيوط الجديدة، التى افتتحها الرئيس عبدالفتاح السيسى أمس، حيث كانت متابعة العمل فى بدايته تتم من داخل «كرافانات» وسط الصحراء قبل إنجاز المشروع وتخصيص مبنى إدارى للعاملين به، حسب محمود عيد، مدير العقود الخاصة بالمشروع، والمكلف بمتابعة نسب التنفيذ فى المشروع ومراجعة المبالغ المصروفة.
اختلفت ملامح منطقة قناطر أسيوط عما كانت عليه قبل 2012. وحسب محمود فإن «عرض الطريق فوق القنطرة الجديدة أصبح أكبر بمرتين ونصف عن عرض الطريق الذى كان موجوداً فوق القنطرة القديمة، ما سمح بمرور حمولة أكبر، والهويس الجديد أكثر اتساعاً ويسمح بمرور سفن أكثر». قبل 4 سنوات، تسلَّم المهندس عبدالرحمن محمد، عمله فى مشروع قناطر أسيوط الجديدة، كمهندس متخصص فى أعمال التركيبات الكهربائية، يتابع أعمال مد الكابلات وربط بوابات القناطر ببعضها عبر نظام إلكترونى دقيق، الأمر الذى كان يتطلب منه العمل لنحو 12 ساعة فى اليوم والعمل فى أيام الأعياد والإجازات، وحسب قوله فإن «طبيعة الشغل دقيقة، وتحتاج إلى المتابعة على مدار 24 ساعة بالتناوب بين المهندسين، لأن الخطأ البسيط قد يتسبب فى مشكلة كبيرة». ويتذكر المهندس العشرينى الشكل الذى كانت عليه الأرض قبل إنشاء القناطر الجديدة، قائلاً: «أول ما شفته كان أرض فاضية وتم عمل سد غالق حول مكان المشروع، وهو عبارة عن دائرة وسط مياه النيل يتم تفريغها من المياه بالمضخات لتصبح أرضاً عادية ونتمكن من الحفر والعمل عليها، وتحيط بنا مياه النيل من خارج السد الغالق». وكانت البداية من مد الكابلات لتركيب اللوحات الكهربية للمشروع عبر أنفاق تحت المياه يصل ارتفاع الواحد منها نحو 10 أمتار، يقول: «كنا بنقضى وقت شغلنا فى الأنفاق المحفورة فى عمق المياه وبناكل ونشرب ونصلى فيها».
«عمر»: وثقنا عملنا مع المهندسين الأجانب بالمشروع عبر قناة على «يوتيوب» لنقل الخبرة للطلبة والمهندسين
فى يونيو عام 2016، عاش المهندس عبدالرحمن وزملاؤه لحظات فارقة عند بداية غمر موقع العمل بالمياه، فبعد الانتهاء من أعمال الكهرباء، تم البدء فى فتح السد الغالق حول الموقع بالتدريج وغمرت المياه موقع العمل، وبعدها بأشهر تم تجريب تشغيل البوابات المتحكمة فى المياه بالقناطر، وتأكدوا من نجاح عملهم بدقة، يوضح «محمود» قائلاً: «لحظات تاريخية نسينا فيها تعبنا، لأن كل خطوة فى المشروع لو ماتنفذتش بدقة هتحصل مشكلة كبيرة».
مكاسب أخرى فاز بها المهندسون والعمال بمشروع قناطر أسيوط الجديدة، إلى جانب نجاح عملهم، إذ اكتسبوا معارف وصداقات وخبرات عالمية عبر المهندسين العاملين معهم بالمشروع والمقبلين من بلدان مختلفة من فرنسا وألمانيا والنمسا، فحسب ما أكد مهندس الكهرباء: «نقل الخبرات العلمية والعملية من مختلف الدول فيما بيننا ميزة كبيرة استفدنا بها من العمل بالمشروع».
المهندس عمر الحريرى، مهندس الميكاترونك، وهو تخصص يجمع فى عمله بين الهندسة الميكانيكية والكهربائية، وصف قناطر أسيوط الجديدة بـ«المشروع العملاق»، وقال إنه يساعد على توزيع المياه لخدمة 5 محافظات بالصعيد دون إهدار فى المياه وفق نظم هندسية عالمية شديدة الدقة.
وقرر المهندس الشاب توثيق خبرته التى اكتسبها خلال تعامله مع المهندسين الأجانب خلال عمله بهذا المشروع عبر قناة على موقع «يوتيوب» ليستفيد منها طلبة الهندسة والمهندسين، تضم شرحاً مبسطاً لكافة مراحل التنفيذ بالمشروع لتعم الفائدة ويستفيد منها العاملون فى مشاريع أخرى، حسب قوله.
من داخل معامل كيميائية مخصصة لتحليل عينات الماء وعينات من التربة لدراسة الآثار المحتملة للمشروع، كان يتابع الكيميائي أحمد راغب، بانتظام خط سير العمل بالقناطر للتأكد بشكل دوري من سلامة المياه من أي تلوث أو أملاح زائدة قد تؤثر على كفاءة المشروع.
وحسب قول راغب،«العينات كانت تأتي إلى المعمل بشكل دوري منتظم منذ بداية الحفر والعمل بالمشروع حتى الانتهاء منه ولم نرصد في أي مرة وجود نسب تلوث أو أملاح مضرة بالماء قد تؤثر فيما بعد على الخرسانة والبناء الخاص بالمشروع».