ستات «حارة المنوفية» فى الخدمة: الجزّارة وصانعة الرقاق وبائعة الفراخ
سيدة تجهز «الرقاق» لبيعه للمواطنين
حارة ضيقة داخل منطقة الوايلى الشعبية، تشبه ألعاب البازل المعقدة، تحوى العديد من البيوت السكنية القديمة، المتجاورة، التى تفوح منها روائح عدة، ما بين رائحة الخبز والرقاق واللحوم الشهية، فضلاً عن رائحة قاطنيها والعاملين بها الذين يتصببون عرقاً من التعب والإرهاق، وحرارة الشمس الحارقة.
إنها «حارة المنوفية» التى تملأها النساء من كل زاوية، يستيقظن فى الصباح حاملين أمتعتهن وبضاعتهن، ويبحثن عن لقمة العيش، التى تتضاعف قبل العيد من مهنة الجزارة، وبيع الدواجن، والخضراوات، وحتى خبز رقاق العيد، فيما تجد أناساً ذاهبين وآتين لشراء ما يحتاجونه من الطعام، خاصة فى الأيام والليالى التى تسبق عيد الأضحى المبارك. من بين نساء الحارة تقف «أم معتز» بعباءتها السوداء داخل محل جزارتها، لا تنظر لكونها امرأة، ولكنها تنظر لقيمة عملها الذى ورثته أباً عن جد، مثلما أنه عمل زوجها ووالدته أيضاً.
«مش مهم شغالة إيه، المهم إنى بشتغل عشان أحس بقيمتى»، هكذا تحدثت السيدة البالغة من العمر 31 عاماً، لـ«الوطن»، مشيرة إلى سعادتها بعملها الذى بدأته منذ 10 سنوات مضت، ورغم أنها تزوجت وأنجبت خلال هذه المدة، فإن ذلك لم يؤثر على منزلها أو عملها، ولا يزال اسمها محفوظاً بين البائعين فى الأسواق المجاورة.
تخرج «أم معتز» فى العاشرة صباحاً تقف بالمحل مُمسكة بساطورها الحاد، تنتظر زوجها حين عودته من المذبح لتتسلم المواشى عقب ذبحها، فتقطع منها وتزنها وتبيع لزبائنها بكل نفس راضية. «الرجالة بيحترمونى، لكن عيالى هما نقطة ضعفى»، هكذا استطردت «أم معتز». فى زاوية داخل الحارة تجلس سيدة أخرى بصحبة بناتها، ومعهن بضاعتهن من الدقيق والماء والملح، يتقاسمن حمل «فُرن» كبير لتسوية «الرقاق»، لتجهيزه وبيعه قبل عيد الأضحى.
يساعدن أزواجهن.. وينشطن قبل العيد
تخرج «أم عبدالله» من منزلها فى الواحدة ظهراً، بصحبة زوجها، وتترك أبناءها الخمسة، تظل بالمحل حتى التاسعة مساءً، مؤكدة أنها تساعد زوجها بدلاً من أن يأتى بعامل آخر ليساعده، ويتقاسم معه الرزق، قائلة: «عيالى أولى بالفلوس عشان نعلمهم ويروحوا مدارس».
غير أن «أم عبدالله» يضيق صدرها من «تحكمات الزبائن» من السيدات، على حد تعبيرها، اللاتى قد تعلو أصواتهن أو يتعاملن معها بشكل غير آدمى.
وبجوار محل الدجاج يوجد ما يشبه قطعة من الريف داخل محل صغير آخر بالحارة، جدرانه من الجير ويتوسطه فُرن حجرى قديم، يشبه الموجود بالبيوت الريفية القديمة. داخل المحل تجلس «أم كريم»، صاحبة الـ38 عاماً، مرتدية عباءة ملونة، وغطاء رأس، تجلس أمام طاولتها المستديرة، لتعجن الدقيق ثم تخبزه، بينما يكاد ينقصم ظهرها من العمل من أجل تجهيز طلبات زبائنها، التى تتزايد قبل أيام عيد الأضحى.
تقول «أم كريم»: «بخبز طول السنة وجوزى سندى فى قعدتى فى الحارة بيساعدنى ويقسم معايا لقمتى وياخد باله منى عشان محدش يتعرض لى.. وعيالى عمرهم ما اتكسفوا من شغلى».