خبير عالمى فى «التسويق الرقمى»: الإنترنت مزدحم.. ونماذج «الربحية» أصبحت مهددة
راند فشكين
قال راند فشكين، مؤسس موقع MOZ الشهير، أحد الخبراء المميزين فى العالم فى مجال التسويق الرقمى، إن العديد من الشركات سعت مؤخراً إلى تطوير وجودها على المنصات الرقمية من خلال تصميم أدوات وحلول خاصة بها، والبعض حوّل جزءاً لا بأس به من ميزانيته لشراء أو تطوير حلول وتطبيقات تعتمد على التعلم الآلى Machine-Learning.
«راند فشكين»: أغلب حصيلة الإعلانات تذهب لـ«فيس بوك» و«جوجل».. ووسائل الإعلام لم تعد تسيطر على منصاتها
وأضاف «فشكين»، فى حواره، لـ«مسار»، أن «فيس بوك» و«جوجل» لديهما نماذج أعمال مختلفة عن وسائل الإعلام، لكنهما يشتركان بالطبع فى أن الدخل الرئيسى لكل طرف من ميزانية الإعلانات التى ترصدها الشركات.. وإلى الحوار.
فى البداية.. كيف ترى أهم الاتجاهات الرقمية الحديثة فى عالم التسويق والإعلانات الرقمية؟
- العديد من الشركات قامت بتطوير وجودها على المنصات الرقمية من خلال تصميم أدوات وحلول خاصة بها، والبعض حول جزءاً لا بأس به من ميزانيته لشراء أو تطوير حلول وتطبيقات تعتمد على التعلم الآلى Machine-Learning، وظهرت كذلك تجارب جديدة أكثر تنظيماً واحترافية للتسويق عبر الشخصيات الشهيرة والمؤثرين Influencers بنظام وقواعد واضحة بصورة ومدمجة مع حملات التسويق الرقمية. وهناك أيضاً جهود كثيرة لتوحيد تجربة المستخدمين مع حملات التسويق الرقمية على مختلف الأجهزة والمنصات من محركات بحث وتطبيقات ومواقع وشبكات اجتماعية وأيضاً ربطها مع حملات تسويق الواقع الحقيقى.
وماذا عن أهم التحديات التى تواجه العاملين فى مجال التسويق الرقمى؟
- التحدى الأكبر الآن، يكمن فى القدرة على الصمود، ثم الصعود فى ظل مناخ بزنس الإنترنت المزدحم والصاخب وغير المنظم والملىء بنماذج الأعمال غير المربحة والعشوائية، فلم يكن الإنترنت أصعب من الآن، ولم يكن هناك أبداً كل هذا الكم من المنافسين الذين يتقاتلون لجذب انتباه الجمهور لخدماتهم ومنتجاتهم. وحالياً هناك اتجاه متصاعد من كافة الأطراف تقريباً التى تعمل فى فضاء ديجيتال ميديا لإيجاد صيغة تعاون لوضع قواعد تنافسية عادلة مع الشركات المسيطرة على كعكة الويب «فيس بوك وجوجل»، خاصة بعد التغيرات الأخيرة التى قامت بها «فيس بوك»، التى قللت كثيراً من وصول الجمهور لصفحات الشركات والمعلنين وصناع المحتوى، وما تقوم به «جوجل» أيضاً ونهمها الدائم للحصول على المزيد والمزيد من النقرات المجانية لنفسها مع زيادة حصة النقرات إلى الإعلانات المدفوعة التى تقدمها.
الحكومات يجب أن تتدخل فى تنظيم الإنترنت لا السيطرة عليه.. والإعلام ومواقع التواصل تشترك فى «مصدر الدخل»
لماذا بات أغلب مديرى التسويق الرقمى يعتمدون على منصات الشبكات الاجتماعية ومحركات البحث ويتجاهلون منصات المؤسسات الإعلامية؟
- أظن أن السبب واضح، وهو مدى تطور هذه المنصات، وقدرتها على الوصول للجمهور الذى يستخدم أو مرشح لاستخدام منتجات وخدمات المعلنين، فطبيعى أن يلجأ مدير التسويق للأماكن/المنصات التى يوجد عليها جمهوره المستهدف، وهذا ما اعتاد عليه مشترو الإعلانات الرقمية، لذا فالأسهل لهم أن يذهبوا مباشرة لـ«فيس بوك وجوجل».
وإلى أى مدى ترى سيطرة «فيس بوك وجوجل» على قنوات المرور والتواصل بين المعلنين والمؤسسات الإعلامية؟
- هذه العلاقة تدار حالياً تحت مظلة «فيس بوك وجوجل»، وهما حارسا البوابة الوحيدان، وفرص طرق الأبواب بصورة مباشرة دون المرور عليهما أو أحدهما نادرة، وهذا الوضع يزداد سوءاً، فى ظل تضاؤل امتلاك وسائل الإعلام لمنصاتها الخاصة، التى تتيح لها أن تبيع إعلانات وخدمات عليها، وهذا يضع كل قوة الإعلام الرقمى فى يد «فيس بوك وجوجل» فقط.
وهل ترى أن الحكومات يجب أن تلعب دوراً فى تنظيم هذا الشأن بقوانين وتشريعات؟
- أعتقد أنه يجب على الحكومات أن تلعب دوراً أكبر فى تنظيم الإنترنت بشكل عام، ففى الأساس الحكومات هى من أنشأت الإنترنت، وقامت بتنظيم عملية امتلاك أسماء النطاقات «دومين نايم»، وتقريباً كل الصناعات الكبرى فى العالم تساهم الحكومات فى قواعدها التنظيمية، ويقوم القطاع الخاص بالتشغيل والتطوير فى إطار هذا. فالتنظيم الجيد للاعبين الجيدين هو أمر إيجابى للغاية للجميع، للمجتمعات والشركات التى تعمل على الإنترنت، وأيضاً للحكومات باعتبارها مستفيدة تنظيمياً وخدمياً من الإنترنت، وباعتبارها مسئولة عن التشريعات والقوانين التى تنظم الفضاءات العامة، ويحتاج الويب بالتأكيد إلى هذا لكى يستمر ويتطور.
«جوجل» يحتكر 90% من عمليات البحث على الإنترنت و«فيس بوك» يستحوذ على 90% من الشبكات الاجتماعية
لكن هذا التنظيم قد يحد من حيوية وحرية سرعة تطور الإنترنت؟
- التنظيم يعنى التنظيم، ولا يعنى أبداً التقييد أو السيطرة ولا يجب أن يكون ذلك أبداً، والتنظيم الذى أتحدث عنه يتصدى للممارسات الاحتكارية، ويجعل من الصعب على Facebook وGoogle الاستفادة بشكل غير عادل من قوتهما الاحتكارية، والدخول فى مجالات تنافس وساحات جديدة تطرقها كل يوم على الإنترنت لأنها تملك المنصة التى يتردد عليها الجمهور.
كيف ترى طبيعة العلاقة بين نموذج عمل «فيس بوك وجوجل» ووسائل الإعلام فى ظل أن الدخل الرئيسى للجميع هو الإعلانات؟
- أرى أن «فيس بوك وجوجل» لديهما نماذج أعمال مختلفة عن وسائل الإعلام، ولكن يشتركان بالطبع فى أن الدخل الرئيسى لكل طرف من ميزانية الإعلانات التى ترصدها الشركات، والآن بات على مدير تسويق أى مؤسسة أن يقرر إما أنه يضع ميزانية التسويق الخاصة بمؤسسته فى جيب «فيس بوك أو جوجل»، أو كليهما، أم فى جيب وسائل الإعلام، وكلنا يعرف القرار الآن لصالح من.
وهل ترى فى هذه المعادلة ممارسات احتكارية؟
- بالتأكيد هنا الكثير من الاحتكار، «جوجل» تملك 90% من جميع عمليات البحث على الإنترنت، و«فيس بوك» تملك 90% من كل اهتمام ونشاط وسائل الإعلام الاجتماعية، ولضمان إحياء عملية المنافسة، تحتاج الشركات الناشئة إلى العثور على أشياء لا تحتكرها هذه الشركات، أو العثور على طرق أفضل تخدم بها شرائح معينة من العملاء، وهذا بدوره يعطى المزيد من الفرص للشركات الصغيرة والناشئة. ولكن سيطرة «فيس بوك وجوجل» على فضاء الإنترنت تقتل الكثير من فرص نمو وصعود الشركات الصغيرة، وهذا الركود ليس جيداً، ويضر الجميع بمن فيهم «فيس بوك وجوجل»، على مدى البعيد.
بعد خبرتك الطويلة فى العمل فى مجال التسويق الرقمى، خاصة محركات البحث، ما هى أهم النصائح التى خلصت لها؟
- لا تقفز قبل أن تنظر جيداً، وتستقر على ما يجب أن تفعله وكيف ستفعله، مع الاطلاع على تجارب السابقين، والعمل قدر الإمكان مع محترفين حقيقيين، كل هذا سيزيد من فرص النجاح، خاصة فى مجال التحديثات فيه متلاحقة، فمثلاً فكرة وجود روابط خارجية كثيرة لموقع جيدة، ولكن شراء ذلك أمر سيئ عندما يكتشف «جوجل» ذلك، شراء كلمات دالة وربطها بالموقع جيد، ولكن دون محتوى بجدوى عالية قد يضر. فالبداية دائماً مع إنشاء محتوى جيد يساعد الأشخاص على حل المشاكل ويجيب على الأسئلة التى يبحثون عنها، والحرص على أن ما نقدمه سواء خدمات أو محتوى أو حلول أفضل مما يقدمه المنافسون، وأفضل بصورة كبيرة يصعب تجاهلها، إذا لم تكن قادراً على ذلك فيجب أن تتوقف وتعيد التفكير من جديد. وطبعاً مع كل هذا يجب أن يكون هناك تحديث مستمر لفهم عمل محركات البحث ولوغاريتماتها التى يتم تطويرها باستمرار، بما يضمن استخدام أفضل ممارسات وتقنيات تحسين أداء محركات البحث لكى يسهل الزحف نحو المنصة التى نبنيها، وتكون قابلة للربط، وغير مزدحمة ولا مربكة، هذا طبعاً مع استخدام الكلمات الرئيسية بذكاء، والترميز باحترافية.