خلال اجتماع مجلس الوزراء المنعقد يوم الأربعاء الموافق 20 يونيو 2018، وهو الاجتماع الأول بعد صدور قرار رئيس الجمهورية بتعيين حكومة جديدة برئاسة الدكتور مصطفى مدبولى، وافق المجلس على مشروع قرار باستحداث وتطوير عدة تقسيمات تنظيمية بوحدات الجهاز الإدارى للدولة، بمسميات «التخطيط الاستراتيجى والسياسات»، «التقييم والمتابعة»، «المراجعة الداخلية»، «الموارد البشرية»، «الدعم التشريعى»، «نظم المعلومات والتحول الرقمى». وقيل إن هذا القرار يأتى ضمن متطلبات الإصلاح الإدارى، تنفيذاً للاستراتيجية المصرية للتنمية المستدامة 2030، بوصفها خريطة المستقبل. وما يعنينا هنا هو استحداث وحدة تنظيمية بمسمى «نظم المعلومات والتحول الرقمى»، فى كل جهة حكومية.
وفى بداية اجتماع الحكومة الأسبوعى المنعقد يوم الأربعاء الموافق 18 يوليو 2018، أشار رئيس مجلس الوزراء إلى أن الحكومة تعمل حالياً على ملف التحول إلى مجتمع رقمى، وتطبيق أنظمة الحكومة الإلكترونية، الأمر الذى من شأنه أن يُحدث نقلة حقيقية فى الخدمات المقدمة للمواطن، مضيفاً أن هناك مجموعات عمل من عدة جهات تعمل فى هذا الملف، وأن الحكومة قطعت شوطاً كبيراً فى هذا الشأن، وقريباً سنبدأ هذه التطبيقات، وسيكون هناك دور لكل وزارة فى هذا الملف.
وحسناً فعلت الحكومة الجديدة بإيلاء الاهتمام الواجب بهذا الملف الحيوى المهم. وربما يكون من المناسب هنا إبراز الفارق بين «الحكومة الذكية أو الرقمية» وبين «الحكومة الإلكترونية»، التى تعرّضنا لها فى مقال سابق. فالحكومة الإلكترونية هى عبارة عن «تحويل المعاملات الحكومية من معاملات ورقية إلى معاملات إلكترونية على شبكة الإنترنت، بحيث يستطيع الشخص الحصول على الخدمة من خلال الشبكة العنكبوتية دون حاجة إلى الانتقال من مكانه». أما «الحكومة الذكية»، فهى «حكومة يمكن للأفراد أن يستفيدوا من خدماتها عبر الهواتف الذكية، الأمر الذى يقود إلى أن تنتقل الجهات الحكومية كلها إلى هاتفك المحمول». وبعبارة أخرى، فإن الحكومة الإلكترونية تتحقّق بمجرد تحويل الخدمات من ورقية إلى إلكترونية، وبحيث يتم الاستفادة منها عن طريق شبكة الإنترنت. وقد حدث هذا التطور مع بداية الألفية الثالثة. أما الحكومة الذكية، فقد بدأ التفكير فيها مع ظهور الهواتف الذكية، وبحيث تم استحداث بعض التطبيقات المتوافقة معها، الأمر الذى أمكن معه الحصول على الخدمات الحكومية عن طريق الهاتف الذكى. ويمكن القول إذاً إن الحكومة الإلكترونية هى مرحلة سابقة على الحكومة الذكية.
وبالنظر إلى أن الاعتماد على التكنولوجيا ينطوى على بعض المخاطر، عمدت الحكومات التى سبقتنا فى هذا المضمار إلى توفير الحماية اللازمة للبنية المعلوماتية. بل إن توفير هذه الحماية هو المقدّمة الضرورية واللازمة للتفكير فى الحكومة الذكية. وإدراكاً لذلك صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم (2259) لسنة 2014 فى شأن إنشاء المجلس الأعلى للأمن السيبرانى. وتحدّدت اختصاصات هذا المجلس، بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم (1630) لسنة 2016 فى شأن تحديد اختصاصات ومهام المجلس الأعلى للأمن السيبرانى وتنظيم عمله. وكذلك صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم (994) لسنة 2017، الذى ينص على أن «تلتزم جميع الجهات الحكومية بكل مستوياتها وشركات قطاع الأعمال العام بتنفيذ قرارات وتوصيات المجلس الأعلى للأمن السيبرانى فى ما يتعلق بتأمين البنية التحتية الحرجة للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الخاصة بها، واتخاذ كل الإجراءات الفنية والإدارية لمواجهة الأخطار والهجمات السيبرانية وتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للأمن السيبرانى».
وفى الختام، المأمول هو أن يتم إنجاز التحول الرقمى فى أسرع وقت ممكن، حتى تدخل الحكومة المصرية نادى الحكومات الذكية. والله من وراء القصد..