خبراء: «النهضة» متعثر لكنه لن يتوقف.. ورئيس وزراء أديس أبابا «يبرّئ نفسه» أمام شعبه
جدل حول مصير سد النهضة بعد تصريحات رئيس الوزراء الأثيوبى الأخيرة
«إذا سرنا على المنوال الحالى، قد لا يرى مشروع سد النهضة النور فى أى يوم». هكذا قال أبى أحمد، رئيس الوزراء الإثيوبى، فى خطاب له عن مشكلات تواجه تنفيذ السد، وهو الأمر الذى أثار ضجة كبيرة وتساؤلات عدة حول مصير السد الذى يعتبره الإثيوبيون «مشروعاً قومياً».
وأورد موقع «ذا ريبورتر» الإثيوبى، المزيد من التصريحات لرئيس الوزراء، حيث نقل عنه قوله «إنه زار مشروع سد النهضة منذ شهرين، ورصد تأخراً فى تنفيذ الجوانب الكهروميكانيكية من جانب هيئة المعادن والهندسة المتعاقد معها».
وتابع «أبى أحمد» فى تصريحاته المثيرة للجدل: «لم نتمكن حتى من تثبيت توربينين مائيين حتى الآن، ناهيك عن استكمال المشروع وفق الجدول الزمنى، ولقد سلمنا سداً مائياً معقداً لشعب لم ير سداً فى حياته».
تصريحات «أبى أحمد» كانت مثار خلاف بين خبراء الموارد المائية، حيث اعتبرها البعض منهم بمثابة «رسالة طمأنة» إلى مصر التى تتخوف من مخاطر السد على حصة البلاد من مياه النيل، فيما رأى البعض الآخر أن رئيس الوزراء الإثيوبى «يبرّئ نفسه» أمام شعبه من تأخير اكتمال مشروع السد، غير أنهم أكدوا جميعاً أن «السد لا يمكن أن يتوقف العمل فيه وإن تأخر استكمال البناء».
وقال الدكتور ضياء الدين القوصى، خبير الموارد المائية والرى ومستشار وزير الرى الأسبق، إن «تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبى فى منتهى الخطورة، ولكنها تشير فقط إلى التأخير المستمر فى بناء السد وليس عدم اكتماله».
«القوصى»: تصريحات «أبى أحمد» دعوة لدعم تمويل السد عبر «استعطاف» أى جهة دولية.. و«شراقى»: الشعب الإثيوبى سوف «يثور» على حكومته بعد اكتمال البناء
واعتبر «القوصى» تصريحات «أبى أحمد» بمثابة دعوة للدول لدعم تمويل بناء السد عبر «الاستعطاف» من أى جهة دولية، بدعوى أن إثيوبيا دولة فقيرة ولا تستطيع إكمال بناء السد. وأضاف «القوصى»، لـ«الوطن»، أن «السد يواجه مشاكل عدة تتمثل فى مشاكل فنية ومشكلات أخرى خاصة بالتمويل وثالثة أمنية»، موضحاً أن إثيوبيا أعلنت بناء السد فى 2011 على أن يتم الانتهاء منه خلال 3 سنوات، ولكنها أعلنت العام الماضى عن أنه لم يتم إكمال سوى 60% فقط من حجم السد، وهو ما يؤكد التعثر المالى الذى يواجه المشروع.
وأوضح «القوصى» أن «هناك مشاكل فنية تواجه بناء السد خاصة بعدم وجود دراسات فنية خاصة بموقع بناء السد أو ميكانيكا التربة، كما أن المقاول ليس بالكفاءة التى يتطلبها السد، فضلاً عن المشاكل الأمنية وصراعات القبائل والتظاهرات التى تنشب بين الحين والآخر»، مطالباً بضرورة استغلال مصر لهذه التصريحات إيجابياً من خلال الترويج لمخاطر السد التى أعلنت عنها قبل ذلك.
من جانبه، وصف الدكتور عباس شراقى، رئيس قسم الموارد المائية بمعهد البحوث والدراسات الأفريقية بجامعة القاهرة، تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبى «أبى أحمد» بشأن المشاكل التى تواجه استكمال العمل فى سد النهضة بأنها «غير دقيقة».
وأكد «شراقى» أن «إثيوبيا لديها العديد من السدود ولكن ليس بحجم سد النهضة، فقد انتهت أديس أبابا من بناء سد تاكيزى على نهر عطبرة عام 2009 بسعة 9 مليارات متر مكعب وسد جيبى 3 على نهر أومو فى 2016 بحجم 12 مليار متر مكعب».
وأضاف «شراقى» لـ«الوطن»: «لا أعتقد أن المشروع سيتوقف لأن الحكومة الإثيوبية لن تتحمل غضب الشعب فى هذه الحالة، والذى سوف يثور بشدة على الحكومة بعد اكتمال السد بعدة أشهر عندما يكتشف أنه بلا فوائد كما وعدته الدولة»، مشيراً إلى أنه «من المتوقع أن يستغرق المشروع وقتاً أطول مدته 3 سنوات على الأقل وتكاليف أعلى، وهذا شىء طبيعى فى إثيوبيا».
ولفت إلى أنه «تبقى من أعمال سد النهضة الجزء المهم وهو اكتمال جسم السد الرئيسى وتركيب التوربينات الستة عشر، وتكملة بوابات مرور المياه الجانبية، وكذلك الانتهاء من بناء السد المكمل بطول 5 كم فى فترة زمنية لا تقل عن عامين من الآن إذا ما سارت الأمور بشكل طبيعى».
وأوضح الخبير الدولى أن «شهرى أغسطس وسبتمبر هما موسم الأمطار فى إثيوبيا، ولذلك تم إيقاف العمل فى الوقت الحالى لإفساح الطريق للمياه لأنه لا يمكن إكمال البناء فى وقت هطول الأمطار وذروة الفيضان، ولكن يمكن استكمال البناء بعد انتهاء الموسم، أما عدم إكمال بنائه تماماً فهو أمر صعب»، حسب قوله.
وتابع «شراقى» أن إثيوبيا تعانى من مشاكل مادية خاصة بعد القبض على أحد ممولى سد النهضة وهو الملياردير السعودى - الإثيوبى محمد العمودى، ويحاول أبى أحمد الضغط على السلطات السعودية للإفراج عنه.
من جهته، قال الدكتور أحمد نور عبدالمنعم، خبير الموارد المائية، إن «السد يواجه مشكلات عدة منذ بدء العمل فيه، كان أولها اعتراض مصر عليه خوفاً على حصتها من مياه نهر النيل، وقد جاء تقرير المكتب الدولى الفنى ليؤكد أن عامل الأمان فى السد ضد الزلازل ضعيف جداً، ثم إن هناك مشاكل كبيرة فى التكلفة تؤكد صعوبة التمويل، وكلها مؤشرات على وجاهة الرؤية المصرية تجاه هذا المشروع من البداية».
وأضاف «عبدالمنعم»، لـ«الوطن»، أن المرحلة الأولى من بناء السد كان من المقرر الانتهاء منها عام 2015 وحتى الآن لم تنتهِ، إضافة إلى اعتراضات الجانب المصرى والمكاتب الدولية على بعض جزئيات المشروع، وكلها دلائل على السير فى اتجاه تعثر إكمال البناء وتحقيق الأمن المائى لمصر التى لا تعترض على المشروع كفكرة ما لم تتأثر حصتها من مياه النيل».