الجريمة تغير «مود» المصريين.. وطبيب نفسى: متابعتها تقلل الإنتاجية
سيد محمد بائع الصحف حزيناً على انتشار الجريمة الأسرية
حالة من الوجوم تعلو وجوه المصريين، عقب متابعتهم لجرائم قتل الآباء لأطفالهم والتى انتشرت فى الفترة الأخيرة، ما دفع البعض إلى العزوف عن متابعة مستجداتها، تجنباً للشعور بمزيد من الإحباط خاصة قبل التوجه إلى أعمالهم صباحاً.
يعمل سيد محمد بائعاً للصحف منذ أكثر من 55 عاماً، جاء من الصعيد واحتك بشتى أنواع القراء والزبائن، مستنكراً ما احتوته صفحات الحوادث فى الأيام الأخيرة: «يعنى إيه أب يرمى ابنه فى الترعة أو أم تقتل طفلها، ده ضعف إيمان، مهما كان الابتلاء العظيم، ما أقدرش آجى على الضنا ده حتة من لحمى». لم يعتد «سيد» على متابعة أخبار الحوادث: «زمان لما كان يحصل حادثة، يجرى بتاع الجرايد ينادى عليها، إقرا الحادثة، دلوقتى بقا العادى جرايم كل دقيقة».
رغم أسفه على هذه الحوادث، لكنه لا ينكر أن ذلك يسبب ارتفاعاً طفيفاً لحظياً فى حركة بيع الصحف، إلا أنها سرعان ما تقل ثانية بشكل كبير: «فى ساعتها تلاقى الناس عايزة تعرف التفاصيل، بعدها تلاقيهم مش حابين يدفعوا جنيه عشان يشتروا الغم ده».
اعتاد محمود عبدالنبى، 33 عاماً، شراء الصحف منذ الصغر: «والدى عوّدنى على كده، كبرت معايا العادة، رغم إن الأخبار الموجودة فى صفحات الحوادث بتسبب لى شخصياً تأثير سلبى».
انفرجت عينا «محمود» فجأة، معلقاً على ما تابعه مؤخراً من حوادث جنى فيها القاتل على فلذات كبده بطرق مختلفة: «الموضوع فيه حاجة غلط، مش قادر أستوعب اللى بيحصل ده». أصبح «محمود» يكتفى بقراءة العناوين فقط دون الخوض فى تفاصيل الجرائم وتحقيقاتها: «نفسيتنا تعبت».
بمعطفه الأصفر الفسفورى، الدال على طبيعة عمله، يقف محمود عبدالعزيز، 23 عاماً، مهندس مساحة، فى موقع عمله، حاملاً هاتفه المحمول يتابع تحديثات مواقع الأخبار المختلفة: «فى العادى بكون حريص أفهم الوضع حواليا والدنيا فيها إيه، لكن جرعة الجريمة المكثفة الأخيرة دى قفلتنى». أوقف «محمود» عادته فى تصفح حسابه على الفيس بوك: «بحاول أتفادى استنفاد طاقتى على الصبح، لما بشوف أخبار زى دى بدخل فى حالة اكتئاب».
يوضح الدكتور أحمد هلال، الطبيب النفسى، أن متابعة مثل هذه الأخبار تنال من السلام النفسى لأى شخص سوى، ما يترتب عليه انخفاض مستوى صفاء ذهنه، وبالتالى ضعف أدائه ومستوى إنتاجيته فى أى عمل، مؤكداً أنها تترك آثارها الأولية بتوليد شعور بالأسف والحزن، بالتراكم سيحدث للمتابع حالة من التشبع تولِّد بعدها شعوراً بالبلادة واللامبالاة، والاستهانة بالنفس البشرية، مع تحفيز الميول العدوانية داخله، وزيادة مستوى الاستعداد لارتكاب سلوكيات غير لائقة.