«المنوفية».. نقص المستلزمات وتخفيض النفقات ينسفان أى جهود.. والنقيب: نسبة التطبيق جيدة
نقل العدوى ينتشر أحياناً بسبب الاستعانة بطواقم طبية غير مدربة
حلم الحصول على علاج يخفف عن المرضى آلامهم أو يشفى أسقامهم يتحول إلى كابوس مزعج عندما تصبح المستشفيات هى المصدر الأول للعدوى، التى تنتقل بين المرضى وبعضهم البعض، أو بين المرضى وأعضاء الطواقم الطبية، من أطباء وممرضين وفنيين وعمال، نتيجة تجاهل الإجراءات التى اعتمدتها وزارة الصحة لمكافحة العدوى، سواء كان هذا التجاهل متعمداً، أو بسبب نقص المستلزمات الطبية فى كثير من المستشفيات الحكومية بمحافظة المنوفية، أو نتيجة لجوء المراكز الطبية الخاصة لتخفيض النفقات، والاستعانة بطواقم طبية غير مدربة على مكافحة العدوى.
وكشفت إحصائيات رسمية لمديرية الشئون الصحية بالمنوفية عن أن أعداد المنشآت الطبية التابعة لمديرية الصحة أو الجامعية بالمحافظة، تبلغ نحو 25 منشأة ما بين مستشفى عام أو مركزى، ونحو 250 وحدة لطب الأسرة، و5 مستشفيات تتبع جامعة المنوفية ووزارة التعليم العالى، ويقع عليها العبء الأكبر فى تقديم الخدمات الطبية لآلاف المرضى من أبناء المحافظة، الأمر الذى يضعها أمام تحديات هائلة فيما يتعلق بتطبيق إجراءات ومعايير مكافحة العدوى بها، وسط الأعداد الكبيرة من المرضى الذين يرتادونها يومياً.
«أحمد ش»، طبيب بمستشفى شبين الكوم التعليمى، أكد أن «برنامج مكافحة العدوى به العديد من أوجه القصور، وتحول مع الوقت إلى برنامج على الورق، يهتم ببعض الإجراءات الأولية، ولا يوجد تنفيذ على الأرض، من أجل الحصول على شهادات الاعتماد، وكذلك لصرف المكافآت على جهود صورية فى مجال مكافحة العدوى».
وأضاف «أحمد»، فى تصريحاته لـ«الوطن»، أن إدارة المستشفى رفضت إعادة ثمن المصل إليه، رغم تقديمه المحضر الرسمى الذى يثبت تعرضه للوخز أثناء ممارسة عمله بالمستشفى، كما قدم قسيمة شراء المصل من الشركة، وذلك بدعوى أنه لم تثبت إصابته بالفيروس، وأن قيامه بشراء المصل وتناوله مجرد إجراءات وقائية، وأن المستشفى يقوم برد الأموال التى صرفها فى حالة تأكد إصابته بالفيروس.
من جانبه، أكد مصدر مسئول فى إدارة مكافحة العدوى بمديرية الشئون الصحية، رفض ذكر اسمه، «أن التقييمات تشير إلى أن المنوفية من أعلى المحافظات فى مجال تطبيق بروتوكولات مكافحة العدوى، وأضاف المصدر لـ«الوطن» أن هناك فرقاً كبيراً جداً فى مجال مكافحة العدوى بين المستشفيات الحكومية، والمنشآت الطبية الخاصة، ومن خلال الحملات المستمرة من إدارتى العلاج الحر ومكافحة العدوى، رصدنا قصوراً شديداً فى تطبيق إجراءات مكافحة العدوى بالمستشفيات الخاصة، آخرها اكتشاف حالة إصابة بالالتهاب السحائى بأحد المستشفيات الخاصة بمدينة شبين الكوم».
وأشار المصدر إلى أن ذلك القصور كان فى معظمه بسبب الاعتماد على كوادر غير مدربة، وغير حاصلين على دورات تدريبية فى مجال مكافحة العدوى، بالإضافة إلى الاتجاه نحو ترشيد النفقات، باعتبار المنشأة الخاصة مشروعاً اقتصادياً.
وبالنسبة للعنصر البشرى، أكد المسئول بإدارة مكافحة العدوى أن هناك استجابة كبيرة، وتغطية جيدة من جانب الكوادر المدربة فى مجال مكافحة العدوى، بالإضافة إلى أن الوزارة تحرص على توفير الأمصال للأطقم الطبية، للوقاية من الإصابة بعدوى الفيروسات الكبدية.
الدكتور حسين ندا، نقيب أطباء المنوفية، أكد لـ«الوطن» أن وزارة الصحة اعتمدت برنامجاً فى مجال مكافحة العدوى، بدأ تطبيقه فى سنة 2003، وتم تعميمه بعد عامين فقط، على جميع المستشفيات فى مختلف محافظات الجمهورية، مشيراً إلى أن هذا البرنامج ساعد فى تخريج عدد كبير من الكوادر المدربة على إجراءات مكافحة العدوى، وأضاف أن البرنامج يجرى تطبيقه على نطاق واسع، وبصورة جيدة، فى العديد من المستشفيات بمحافظة المنوفية، وحقق نتائج إيجابية بها.
وعن أسباب انتقال العدوى إلى أعضاء الأطقم الطبية، قال إنها من الوارد أن تكون نتيجة التعامل المباشر مع المرضى المصابين بالأمراض المعدية، وأضاف أن النقابة تتلقى شكاوى فى هذا الشأن، ويتم التعامل معها، من خلال إبلاغ الجهات المعنية للتفتيش والمتابعة، ومتابعة حالات المصاب بالعدوى، وتوفير الأمصال اللازمة.
وتابع نقيب أطباء المنوفية بقوله إنه منذ تطبيق برنامج مكافحة العدوى فى مستشفيات المحافظة، منذ سنة 2005، ونسبة التطبيق فى ارتفاع مستمر، لافتاً إلى أنها وصلت إلى نسبة تطبيق «جيدة»، كما أكد توافر الواقيات الشخصية، بالإضافة إلى الاهتمام الملموس من جانب الدولة بتطبيق معايير مكافحة العدوى، إلا أنه شدد على قوله إن «عدم حصول الأطباء على بدل عدوى مناسب، أكبر من أى مؤسسة حكومية أخرى، هو ظلمٌ بيِّن»، وأضاف متسائلاً: «كيف يحصل الطبيب، وهو الذى يتعامل مع المريض بشكل مباشر، على بدل عدوى أقل من موظفين آخرين فى أجهزة الدولة، يقتصر دورهم على التعامل مع الجمهور والأوراق فقط؟»، واعتبر أن أزمة بدل العدوى لا تحمل أى منطق من جانب الحكومة، معتبراً أن الحكومة برفضها الحكم الصادر لصالح الأطباء، من محكمة القضاء الإدارى، فى نوفمير 2015، بأحقيتهم فى زيادة بدل العدوى إلى 1000 جنيه، أهدرت حقاً أصيلاً من حقوق الأطباء، بما يحول دون تأديتهم رسالتهم على الوجه المطلوب.