مصالح حكومية في كفر الشيخ بـ"شقق مؤجرة".. وموظف: وفروا لنا بيئة عمل
صورة ارشيفية
شقق مؤجرة تعج بالمكاتب المتراصة بجانب بعضها، يجلس عليها موظفين لأكثر من 8 ساعات عمل، تفتقد لوسائل التهوية ما يجعلهم غير قادرين على تقديم خدمة جيدة للمواطنين، هكذا يكون حال عدد كبير من المصالح الحكومية المنتشرة بقرى ومراكز كفر الشيخ، فالموظفون يعملون في بيئة عمل غير ملائمة، والمواطنون يشكون من بطء الإجراءات ويتهمونهم بالتكاسل.
في وحدتين سكنيتين مقابلتين لبعضهما البعض بإحدى العمارات السكنية بقلب مدينة كفر الشيخ، يقع الشهر العقاري، يقصده مئات المواطنون بشكل يومي، ففي كل صباح تبدأ معاناة الأهالي معه، من ضيق المكان والتكدس أمام الشقتين، تدخل إحداهما لتجد 4 مكاتب متراصة بجوار بعضها في غرفة لا تتعدى مساحتها الـ4 أمتار، موظفون ومواطنون يشكون على حد سواء.
أحد موظفي المكتب، فضل عدم ذكر اسمه، يقول لـ"الوطن"، نعمل في بيئة عمل لا تليق ومطلوب منا الجلوس 8 ساعات متواصلة في مكاتب تفتقد أدنى وسائل الآمان والتهوية، وإنجاز مصالح المواطنين المترددين علينا، نعيش في زحام بشكل كبير، نتعرض للتوتر طوال اليوم بسبب تلك الزحام، فضلاً عن الخناقات التي تحدث بشكل يومي، فنضطر لاستخدام سياسة "الشخط والنطر"، مع المواطن عقب نفاذ صبرنا.
"عزام": مكاتب الشهر العقاري الأسوأ ونقف بالساعات
يضيف الموظف: "بنقعد طول اليوم فى صداع مش عارفين نقعد، كل واحد بيجيب الشاى والسكر بتاعه معاه، ومفيش حمامات آدمية، محدش عارف يعمل حاجة، في الجو الحر، مراوح غير آدمية، ومطلوب مننا إنهاء مصالح الأهالي، متسائلا متى سيتم تطوير تلك المكاتب؟ وبيقولوا الموظفين مش عاوزين يشتغلوا والإمكانيات وإحنا الضحايا".
في غرفة مجاورة بالشقة السكنية المؤجرة تجلس سيدة أربيعينة وإلى جوارها 3 موظفين، تستقبل شكاوى الأهالي تعمل على حلها قدر المستطاع، لكنها مع شدة الزحام تضطر أحياناً لترك المكتب، يذهب إليها أحد المواطنين يبلغ من العمر نحو 55 عاما، يطلب منها استثناءه من الدور وتحرير توكيل له نظراً لمرضه، لترد "استئذن من الناس إحنا مش ناقصين، طول اليوم خناقات بسبب الدور، وإحنا مش هنظم الناس، ليرد الأخير ياحضرة المديرة أنا جاي بستأذن حضرتك لأني مريض وعندي كشف عند الدكتور، لترد مش هقدر، ويخرج المواطن متمتماً بكلمات غاضبة".
يقول أحمد عزام، 43 عاما، من إحدى قرى كفر الشيخ، إن مكاتب الشهر العقاري تعد أسوأ مصالح حكومية يمكن للمواطن التعامل معها، بسبب ضيق أماكنها والزحام الشديد عليها، فضلاً عن معاملة غير لائقة من بعض الموظفين، وقلة عددهم، فضلاً عن عدم وجود وسائل تهوية "بنقف بالساعات علشان نقدر نخلص مصلحة في الشهر العقاري، في طابور يمتد طويلاً ويضطر الناس للجلوس على القهوة أسفل العقار لحد ما يجي عليهم الدور، طرقة 4 أمتار بيقف فيها أكثر من 50 مواطنا في انتظار أدوارهم، وأداء الموظفين بطيء".
لم يختلف الحال كثيرا في مكتب الشهر العقاري بمدينة الحامول، الذي يقع في وحدتين سكنيتين مؤجرتين بالقرب من مركز الشرطة، ويشهد زحاما شديدا، حيث أكدت سعيدة محمد، إحدى المترددات على المكتب، أنها اضطرت للانتظار طويلاً أمام المكتب لتحرير توكيل بيع قطعة أرض لشقيقها، وعانت من بطئ الإجراءات، "كله شغال ورق مش كمبيوتر، وقضيت طول اليوم في المكتب علشان اعمل توكيل ، الموظفين صدرهم ضيق زى المكان اللي قاعدين فيه، وطلبت من موظفة إنجاز التوكيل لكن دون جدوى، بنلف الشقتين كعب داير".
تضيف: "المكان ضيق، واللي عاوز يتعذب يروح مكتب الشهر العقاري، ومكاتب التأمينات كمان نفس القصة، لسان حال الموظفين، روح هناك وتعالي هنا، والموظفين بيتخانقوا ومش بيراعوا آدمية الناس، إحنا نفسنا يبقى عندنا مصالح حكومية متطورة، نقدر ندخلها نخلص مصالحنا في نص ساعة ونخرج، مش نروح 8 صباحا نرجع 4 عصرا".
موظف: نعمل في ظروف صعبة وأماكن غير آدمية
وأكد أحد موظفي المكتب، رفض ذكر اسمه، أنهم يعانون بشكل يومي، فالمكتب مازال يعمل بالطرق البدائية "اليد" دون ميكنة، بالإضافة إلى عدم توفير وسائل حماية وآمان ولا وسائل للتهوية الجيدة، مشيراً الى أنهم يجلسون من 4 إلى 5 موظفين في غرفة ضيقة لاتتعدى مساحتها الـ3 أمتار تفتقد لأدنى وسائل الأمان، يعيشون بين أوراق متناثرة ومواطنون يرغبون في قضاء أعمالهم بسرعة، مؤكدًا نقص بعض الأدوات الكتابية الهامة، كالأوراق والأقلام، مطالباً بتطوير المكاتب وزيادة رواتب موظفيها، "بنشتغل في ظروف صعبة لازم يتم تحسين مرتباتنا انهم بيتعاملوا مع أملاك المواطنين".
يبدو الوضع أكثر سوءاً في مكاتب التأمينات، ففي مكتب دسوق، يتراص المواطنون أمام شقتين مؤجرتين مقابلتين لبعضهما البعض كالأوراق المتراصة فوق "استاندات خشبية"، يجلس موظف ذو لحية بيضاء طويلة، على مكتب خشبي متهالك، وبجواره "العدة" غلاية صغيرة وبرطمانين أحدهما به سكر والآخر شاي، وكوب كبير، يستهل يومه بإعداد كوب الشاي لنفسه ثم يبدأ في تلقي طلبات المواطنين في الاستعلام عن أرقامهم التأمينية أو غيرها من الطلبات.
يقول "إ. ع"، أحد موظفي التأمينات، اذهب للعمل في الثامنة والنصف صباحاً، قبل أن ادخل غرفة مكتبي التي تعج بـ4 موظفين غيري، أجد عشرات المواطنين ينتظروننا أمام المكتب، لتبدأ دوامة العمل التي تستغرق أكثر من 8 ساعات أحياناً، بنشتغل في جو مشحون والناس معندهاش صبر، وإحنا مضغوطين، بنفضل متجولين طول اليوم بين شقتين بمكاتبهم، لا قادرين نشتغل صح ولا قادرين نرتاح، طبعاً لازم يكون في بطئ في الإجراءات، تخيلي موظف قاعد وسط استنادات خشب بين آلاف الملفات، وجاي مواطن عاوز يطلع ملف سيارة مثلاً من سنة 70، وكله ورقي مش إلكتروني، نفضل ندور بين كل الملفات دي لحد ما نطلع الملف، أو نقوله عدي علينا بكرة، مقدمناش حل تاني".
ويضيف: "كتير طالبنا بأن يكون لنا مكاتب في مبنى محترم يليق بالموظف والمواطن، لكن ما باليد حيلة، وفي الآخر يتهمونا بأننا مبنشتغلش، وفرولنا الأول بيئة عمل محترمة وإحنا نشتغل، فساد الموظف بيأتي أولا من عدم تلائم بيئة العمل، موظف قاعد طول اليوم في غرفة صغيرة بجواره 4 أو 5 موظفين، مش عارف يتنفس، مطلوب منه إيه؟".
فيما أضاف حمادة إسماعيل، أحد المواطنين، أنه ذهب لضم مدة تأمين رخصة سيارتي القديمة لا عمل معاش جديد إلا أنني فوجئت بالانتظار طويلاً لضيق المكان وبطئ الإجراءات، ﻻ يصلح مقرا للتأمينات، فضلاً عن أن عدد الموظفين غير كاف، مطالباً بنقله إلى مكان آخر ومراعاة السلبيات التي ترهق المواطنين - على حسب قوله.