سامي عبد الراضي يكشف مفاجأة عن المتهم بـ"مذبحة الشروق": حاورته في 2009
سامي عبدالراضي يحاور المتهم في 2009
تابعت منذ اللحظات الأولى، خبر مقتل زوجة شابة في مدينة الشروق وأولادها الأربعة (3 ذكور وبنت)، وبعد نحو ساعة، تأكد الجميع أن القاتل هو الأب وأنه تخلص منه بسبب شكه في النسب وبسبب علاقة بين زوجته وخفير، المعلومات لم تتوقف، بل جاءت لي معلومة أن المتهم محكوم عليه بالإعدام في القضية رقم 2026 جنايات الجيزة، الحكم صدر في فبراير 2011 لجريمة وقعت في 2009، قلبت في ذاكرتي، ووصلت إلى جريمة القتل هذه، وتذكرت أنني حاورت المتهم بالقتل في حينها، في 2009، واتصلت بمصادر لي في الجيزة وسألتهم عن القاتل، وتأكدت أنه نفسه القاتل.
"القاتل" طلع معرفة.. حاورته حول جريمة أكثر بشاعة في 2009
نعم هو الشاب النحيف الذي حاروته في 2009 بقسم العمرانية في الجيزة وروى بـ"دم بارد" كيف قتل وقطع جثمان مقاول إلى قطع صغيرة ووضعها في أكياس، وتذكرت روايته لي كاملة في ذلك الوقت، حينها كان مسموحا لنا أن نلتقي بالمتهمين في جرائم القتلما هذا.. المتهم في جريمته عام 2009.. ارتكبها يوم 9 سبتمبر.. وجريمة الشروق التي نحن بصددها في نفس اليوم 9 سبتمبر ولكن 2018.. نفس اليوم 9 ونفس الشهر.. سبتمبر.. والفارق الزمني 9 سنوات كاملة.. ما هذا القاتل الذي يعشق ارتكاب الجرائم في سبتمبر.. "قاتل سبتمبر".. من هذا. منذ أمس وعلى مدار 24 ساعة متواصلة أحاول تأكيد معلومة "هو نفس القاتل".. في البداية قال رجال المباحث بالقاهرة إن قاتل زوجته وأولاده الأربعة "ذبحا" من قنا.. وهو الأمر الذي جعلني أتوقف.. فالقاتل الذي حاورته منذ نحو 10 سنوات.. من سوهاج وتحديداً من مركز أخميم شرق المدينة.. وأحضرت صورة جمعتني بـ"كرم" في 2009.. وصورة أخرى نشرت له في بعض الصحف أمس.. وسألت نفسي.. هل هو؟.. نفس الشعر.. ونفس الهدوء.. نفس الأذنين.. والجبهة.. والوجه المسحوب.. لكن "شاربًا" ظهر له.. عندما حاروته كان من دونه.. تشككت وقلت لنفسي "نصبر شوية".. وصرفت النظر عن النشر.. وفجر اليوم علمت أنه سقط في سوهاج.. ضبطوه في قطار 1902.. وقلت لنفسي يبدو أنه هو.. وتذكرت أنه حين ارتكب جريمته في 2009 سافر إلى الصعيد وفي القطار أيضاً.. وصباح اليوم تأكدت أنه هو.. نعم هو من أخميم في سوهاج وقتل صديق عمره في العمرانية.. واعترف حينها وتم حبسه ولكنه هرب من السجن في يناير 2011.. اخبتأ وسط زحام القاهرة.. وتزوج.. وأنجب.. وفتح بيتًا.. وعاش.. عاش حتى قتل زوجته وأولاده الأربعة.. هل هي لعنة دم المجني عليه الذي أنهى حياته في 2009.. هل طاردته اللعنة.. بعد أن هرب كرم من العدالة.. واختفى بعيدًا عن العيون.. ولكنه ظهر.. ظهر بجريمة تقود مجددًا إلى حبل المشنقة.. تقود إلى "عشماوي" من أول جلسة.. تقوده إلى "موت قادم" لا محالة.. وهناك سيلتقي من قتلهم.. هناك "حساب آخر".... وفي السطور القادمة تفاصيل حواري ولقائي معه عن جريمته التي وقعت منذ 9 سنوات. نقلتها كما هي، بمصادرها، بتوقيتها، بنفس الجمل دون تغيير أو تحديث:
كرم قتل صديقه ومزق جثته لـ5 أشلاء وهرب للصعيد .. وأمس قتل 5 من أسرته وهرب في نفس القطار
وكأنه يتحدث إليك عن "مشوار" قطعه بين شارعين أو صعد إلى شقة في الطابق الثاني دون "أسانسير" أو كأنه "بدل" مكان نومه، لا يعطيك إحساسا نهائيا بأنه قتل صديقه وفصل رأسه عن جسده ومزق جثته إلى أشلاء، لا تشعر نهائيا أنه عبأ أجزاء الضحية في أكياس وحملها في حقيبة، أو أنه ارتكب جريمته في "عز الضُهر"، في نهار رمضان، وحين كان مدفع الإفطار ينطلق وأذان المغرب ينتظره الجميع، كان هو يواصل عملية التقطيع و"التشفية" والتعبئة.
كرم محمد عبده، 34 سنة، شاب نحيف، وجهه "منحوت"، تظهر عظام جسده بوضوح أسفل جلباب أبيض كان يرتديه، نسبت إليه تحريات مباحث الجيزة ونيابة حوادث جنوب الجيزة تهمة قتل صديقه سيد محمد سليمان في العمرانية، كرم قابل "التحريات والتحقيقات" بابتسامة واعترافات دقيقة مفصلة "تقود" كثيرا إلى حبل المشنقة، قال إنه قتل وفصل الرأس ومزق الجثة إلى 5 أشلاء،
قاتل يعشق "جرائم سبتمبر ".. جريمته الأولى يوم 9 سبتمبر 2009.. و"مذبحة الشروق" في نفس اليوم 2018
وتخلص منها في شارع ضيق بالعمرانية، وقبل لحظات من انطلاق صوت مؤذن المسجد: "امنع يا صايم وتوكل على الله"، توجه كرم إلى مكان الحادث برفقة وائل صبري، مدير نيابة حوادث جنوب الجيزة، ووليد مدحت، سكرتير التحقيق ووسط حراسة أمنية مشددة من أجهزة الأمن، قال بهدوء: "كنا نجلس هنا، ودخلت غرفة النوم وخرجت وفي يدي ساطور وضربته 3 ضربات متتالية، وهنا سحبت الجثة وقطعتها، وحملتها في حقيبة سفر وألقيتها هنا، مشيرا إلى مكان محدد في شارع عبدالغني حسن"، بينما عثر رجال المباحث على عقد بيع قطعة أرض،
كان بحوزة القتيل استولى عليه المتهم ليبيع الأرض بعد الجريمة، العقد أيضا، لقى مصير صاحبه، قطعه المتهم إلى أجزاء صغيرة عند شاطئ ترعة في أسيوط عندما تأكد أن رجال الشرطة توصلوا إليه، العقد الممزق، حرزته النيابة العامة، بينما حضر أقارب القتيل وحملوا أشلاءه إلى قريته في مركز المنشأة في سوهاج.
بهدوء شديد، يتحدث كرم، يتذكر اللحظات الأولى التي حضر فيها من بلدته، أخميم في سوهاج، كان عمره 13 عاما، وظهرت على التو نتيجة آخر السنة للصف الثاني الإعدادي: "يومها رحت المدرسة، والمدرس قال لي إنت أخذت ملحقين، يومها كان في جيبي حوالي جنيه وربع، وأخذتها مشي إلى محطة القطر في سوهاج، الكلام ده كان سنة 88،
وركبت القطر ودفعت تمن التذكرة، كان 60 قرش، في الدرجة الثالثة، ونزلت في رمسيس وتهت في المحطة يومين ونمت تحت الكوبري، وبعدين وصلت إلى ابن عمي، كان شغال في محل واشتغلت معاه بجنيه ونص في اليوم، ونسيت أبويا والبيت وبلدنا وبعد 6 شهور،
رجعت البلد، كنت خايف من أبويا موت، أنا الكبير، وعملت "عملتين"، سقطت في الامتحان وهربت من البلد، ويومها لا كان فيه موبايلات ولا تليفونات أرضية، العملية كانت "ناشفة"، يوم ما رجعت لقيت أمي بتعيط، وأخدتني في حضنها وهي بتقول "ليه كده يا ولدي"، ربما يكون هذا "الحضن" هو حائط الصد من "علقة ساخنة" و"توثيق" بالحبال كان ينتظرني.
بعد الجريمة، كنت "خايف موت"، وتوجهت إلى محطة القطر في الجيزة لأسافر إلى صديقى في محافظة أسيوط، يومها مكنتش في الدرجة التالتة، لأ، كنت درجة أولى مع "الكبار"، لكن الرابط الوحيد بين رحلتي من سوهاج إلى مصر- هكذا يقولون في الجنوب عن القاهرة- منذ 21 سنة وبين رحلتي من الجيزة إلى الصعيد بعد الجريمة هو"الخوف"، الخوف من والدي في الأولى،
ومن الشرطة في "الثانية"، ومثلما جاء الخوف من والدي "سلاما" دون ضرب وتوثيق، جاء الخوف من رجال الشرطة هكذا، جاء "سلاما"، اعترفت وأرشدت دون "قلم واحد" أو إهانة، عاملوني مثل أبي قبل 22 عاما، كانوا "حنينين".
"تربطني علاقة بالقتيل منذ عام"، الحديث مستمر لـ"كرم" والتقينا على مقهى في الطالبية وبدأ عملنا في "السمسرة وبيع الأراضي"، طوال العام، كان القتيل قاسيا، "طماعا"، ياكل عرقي، وصبرت كثيرا، أنا متزوج ولدي 3 أولاد يعيشون في الصعيد مع زوجتي وأزورهم كل شهرين، حسب الظروف، دخلي "رايح جاي"،
بمعنى أنه في شهر لا يدخل جيبى قرش واحد، وفي يوم يدخل "نفس الجيب" قرابة 20 ألف جنيه، منذ أسبوعين أحضرت قطعة أرض للقتيل في منطقة فيصل، ثمنها وصل إلى 285 ألف جنيه، وانتظرت أن أحصل على نسبة من السمسرة لم يحدث،
اتخذت قراري بالقتل، اشتريت ساطورا ومجموعة سكاكين وحبل كتان ونص كيلو شنط سوداء قبل الجريمة بـ3 أيام، ووضعت أدوات الجريمة في المنزل، واستدعيت القتيل إلى المنزل وقضى معى ليلة كاملة وفي الصباح استيقظنا ونزلنا إلى الشارع وعدنا في الثالثة ظهرا، جلس هو في الصالة يجرى مكالمة من هاتفه المحمول، دخلت إلى غرفة نومي.
وتابع: "وضعت الساطور في قلب البطانية وخرجت للصالة، وبعد لحظات وهو في (طمأنينة)، ضربته بالساطور، جاءت الأولى في يده والثانية في رقبته والثالثة في رأسه، سقط بعدها على الأرض وهو يتألم، كان يصارع الموت، لم أنتظر طويلا، فصلت رقبته بنفس الساطور، كان حادا، وساعدني في فصلها دون مجهود كبير، خلعت ملابسي وبقيت بـ"الشورت"، وبدأت الوصلة الثانية من التقطيع،
سحبت الجثة في (طرقة) بين المطبخ والحمام، قطعت ذراعه الشمال ثم الجزء من أسفل الركبة في القدم اليمنى، الدماء أغرقت المكان، لم أتوقف، أحضرت (الحقائب) البلاستيك، وبدأت وضع الأشلاء، الرأس بمفرده، الذراع والقدم اليمنى في حقيبة، القدم اليسرى في حقيبة،
والجزء المتبقي في حقيبة وشمل الصدر حتى أسفل السرة، مع تلك اللحظات، سمعت صوت أذان المغرب، لا جديد، كأنني كنت في "مشوار"، أو في رحلة عمل بسيطة، لم يتحرك قلبي، أو يطلب مني عقلي الباطن أن أتوقف أو تسقط مني دمعة أو حتى أفكر في مصير قادم، مصير يحمل رائحة الموت.
أحضرت علبة "بويا"، وأغرقت الشقة بها ونظفت الدماء وتابع كرم: "أخفيت بعض معالم الجريمة، نزلت إلى الشارع جلست على المقهى التي تعرفت فيه على القتيل،
تذكرت رحلتي معه التي استمرت عاما، شملت "تضييقه" علىّ والحصول على نصيبي من صفقات بيع وشراء أراض، تذكرت توسلاتي إليه بعد الصفقة الأخيرة، أخرجت عقد الأرض التي اشتراها، كنت سأتوجه إلى صاحب الأرض لنحرر عقدا جديدا باسمي وأرد إليه عقد القتيل، مرت الساعات بسرعة، وفي الثالثة فجرا،
استوقفت تاكسي، أخبرته أن لدى منقولات أريد أن آخذها إلى شقتي الجديدة، وبعد دقائق كنت أحمل الحقيبة وألقي بها أعلى التاكسي، وتحرك وفي منتصف شارع عبدالغني حسن طلبت منه التوقف وأعطيته 10 جنيهات وحملت الحقيبة وبعد انطلاقه، ألقيت بها في مقلب للقمامة.
أضاف المتهم: "قلت لنفسي، أهرب إلى الصعيد، سيعثر البعض على الجثة وربما تحوم حولي الشبهات، ركبت قطارا وبعد 6 ساعات كنت في أسيوط، اتصلت بصديقي محمد وأخبرته أنني بحاجة لأن أقضي معه أياما، رحب بي وعشت معه 4 أيام كاملة، كنت أمارس حياة طبيعية، يوم الجريمة كنت (فاطر)، وفي رحلة لأسيوط كنت كذلك،
المهم في اليوم الخامس، تلقيت اتصالا من ضابط شرطة في سوهاج: "بص يا كرم، انت فين، أنا عايزك، الموضوع بتاعك اتكشف"، كنت أتوقع ذلك، قلت له: "أنا في أسيوط وجاي بعد يومين"، رد بحزم: "النهارده تكون عندي في المركز"، وهو ما حدث، وجدت مأمورية من ضباط قسم العمرانية،
وعدنا جميعا في قطار إلى مصر، تذكرت أول رحلة لى بالقطار وعمرى 13 سنة، يومها كنت هاربا من والدي، تيقنت أنها ستكون رحلتي الأخيرة عبر القطار من وإلى مصر، رحلتي القادمة ستكون سيارة نقل الموتى بعد إعدامي، أعلم أن العقوبة هي الإعدام وأنا اعترفت في الشرطة أمام المقدم مدحت فارس وفي النيابة،
وسأعترف أمام المحكمة لتقول كلمتها من الجلسة الأولى، الحياة عندي تساوي الموت، ولست نادما على الجريمة أو مستقبل "أطفالي" الثلاثة، ولا يهمني حزن والدتي أو غضب والدي أو خوف أشقائي، لكن رحلتي الأولى بالقطار قبل 22 عاما انتهت بـ"علقة مؤجلة" من أبي، أمام رحلتي الأخيرة، وبالقطار مع رجال الشرطة ستنتهي بـ"علقة" على يد عشماوي، علقة ليست بالمعنى المفهوم، لكن أدواتها غرفة مغلقة، وحبل طويل يقود حتما إلى الموت.
المتهم عقب تنفيذ جريمته في 2009
صورة حديثة للمتهم بارتكاب مذبحة الشروق