العشور والبكور.. أموال فى «صناديق الرب»
العشور والبكور.. أموال فى «صناديق الرب»
«العشور والبكور والنذور»، منها تأتى أموال الكنيسة التى تنفقها على منشآتها ومؤسساتها الدينية، حيث تقوم أعمال الكنيسة على تلك الأموال التى ذُكرت فى الكتاب المقدس، إذ يُعد دفع الأقباط «عشورهم»، الذى يعنى 10% مما يكسبونه، إلى الكنيسة، فريضة دينية، وكذلك البكور والمقصود به دفع أول شىء يتكسّبه القبطى للكنيسة، كمرتبه، أو أول مكسب له، والذى يمكن تقسيطه على دفعات شهرية، بينما النذور هى ما ينذره القبطى إلى الرب ولا يتم احتسابها من العشور أو البكور.
وعانت الكنيسة الأرثوذكسية، خلال الفترة الماضية، من سرقة تلك الأموال، فضلاً عن أموال التبرعات التى يتقدم بها الأقباط إلى الكنيسة خارج «عشورهم وبكورهم ونذورهم»، التى تذهب إلى نصابين يرتدون الزى الكهنوتى، دون وجه حق، وهو ما دفع الكنيسة لتحذير الأقباط أكثر من مرة.
اللوائح تنظم تسلمها وأوجه صرفها وثلاث خطوات لمعاقبة الأساقفة والكهنة والرهبان بمحاكمات سرية.. والعقوبات تصل إلى الشلح من الكهنوت والتجريد من الرهبنة أو العودة إلى الأديرة
وتفشّت فى الآونة الأخيرة ظاهرة سرقة تبرعات الأقباط، حتى وصلت إلى قيام رهبان وكهنة بتلقى التبرعات والعطايا من الأقباط خارج علم الكنيسة، ويتم إنفاقها بطريقة غير مشروعة كنسياً، مثل إقامة أديرة أو كنائس غير معترَف بها من بطريركية الأقباط الأرثوذكس، واستقبال هؤلاء الرهبان والكهنة، رحلات وزائرين فيها وجمع التبرعات دون وجه حق.
وحاولت الكنيسة الأرثوذكسية، مواجهة ذلك بقيادة حملة توعية فى صفوف الأقباط بخطورة هذا الأمر، والإعلان بشكل رسمى عن حساباتها الخاصة لتلقى التبرعات أينما احتاجت إلى ذلك، بدلاً من توجيهها بطريقة غير شرعية، كما أعدت نظاماً مالياً محكماً للحفاظ على تلك الأموال، منها جمع العشور والبكور والتبرعات بإيصالات رسمية مختومة بخاتم الكنيسة، تشرف على ذلك اللجنة المالية من مجلس الكنيسة، وكذلك اللجنة المالية للإيبارشية التابعة لها كل كنيسة، فيما يتم وضع صناديق للنذور فى الأديرة والكنائس، مغلقة بواسطة اللجنة المالية لمجالس الكنائس، التى تضم كهنة وعلمانيين، ويتم جرد تلك الصناديق بشكل مستمر عبر محاضر رسمية.
وفى إطار محاولته ترسيخ النظام المؤسسى داخل الكنيسة، عكف البابا تواضروس الثانى منذ وصوله للكرسى البابوى فى 2012، على وضع لوائح كنسية لهذا الأمر، منها لوائح «الكهنة ومجالس الكنائس، وإدارة الحياة الديرية»، فنصت لائحة مجالس الكنائس الصادرة عام 2013، على تعيين مراقب للحسابات من خارج مجلس الكنيسة لمراجعة القوائم المالية السنوية لكل كنيسة وإعطاء تقرير عنها للرئاسة الكنسية كل عام. وتنص لائحة شئون الكهنة، على أن يكون تلقى التبرعات والعشور من الأقباط عبر إيصالات رسمية مختومة من الكنيسة بدفاتر خاصة بها، فيما تقع مراقبة والتصرف فى أموال كل كنيسة على مجالس الكنائس.
ووضعت الكنيسة إلى جانب ذلك نظاماً محاسبياً لكل رجال الكهنوت، فى حال تورطهم فى أى مخالفات مالية، عبر إقامة محاكمات كنسية سرية، يتم تنظيم قوانينها من خلال اللوائح الكنسية التى صدرت، وحددت الكنيسة 3 درجات لمساءلة الكاهن الذى يتورط فى مخالفات مالية أو غيرها، طبقاً للائحة تنظيم خدمة الكهنة، تبدأ بالنصح والإرشاد فى حالة المخالفات البسيطة ويمكن وقف الكاهن فى المرحلة الأولى لمدة أسبوعين عن الخدمة، ثم الإحالة إلى المجلس الإكليريكى لشئون الكهنة الفرعى بالإيبارشيات للنظر فى محاسبته على الأخطاء الكبرى وتكون من سلطاته إيقاف الكاهن عن الخدمة لمدة سنتين، والدرجة الثالثة هى الإحالة إلى المجلس الإكليريكى العام، وتصل سلطاته إلى شلح الكاهن من الكهنوت بعد موافقة البابا.
وكذلك الرهبان تم وضع 3 خطوات لمحاسبتهم، تبدأ بالإنذار عبر أب الاعتراف ورئيس الدير، حتى ثلاث مرات، ثم العرض على لجنة الانضباط الرهبانى داخل الدير، وأخيراً محاسبته عبر لجنة الانضباط الرهبانى التابعة للمجمع المقدس، وتتنوع العقوبات على الراهب، ما بين النقل من ديره إلى دير آخر، أو التجريد نهائياً من الرهبنة.
بينما تم وضع 5 خطوات لمحاسبة الأساقفة، منها جلوس البابا أولاً مع الأسقف وبحث الشكاوى المقدمة ضده لتصحيح الأخطاء، ثم إرسال البابا طرفاً ثالثاً لهذا الأسقف لعلاج الأخطاء، قبل أن يحول البابا الأمر إلى لجنة الإيبارشيات بالمجمع المقدس التى ترفع تقريراً بالتحقيق وتوصياتها إلى البابا، الذى يجلس مرة أخيرة مع الأسقف ومحاولة علاج الأخطاء، قبل أن يعرض أمر الأسقف على المجمع المقدس للكنيسة لاتخاذ القرار المناسب وعرض العقوبة لتصويت سرى لأعضاء المجمع المقدس على الأسقف المخالف، وقد تصل العقوبة إلى العودة إلى الأديرة وترك الإيبارشية.