في مئوية "الوفد".. الأزمات تهوى بـ"بيت الأمة" فوق رؤوس قياداته
مؤتمر لحزب الوفد- أرشيفية
مع اقتراب مئوية أعرق الأحزاب السياسية، التى حكمت مصر خلال الفترة من 1924 وحتى 1952، يتعرض حزب "الوفد" الذي أسسه سعد زغلول 1919، إلى هزة عنيفة ضربت صفوف قواعده وقياداته، إثر قرار المستشار بهاء أبوشقة رئيس الحزب، بفصل النائب محمد فؤاد، من الحزب وكافة تشكيلاته.
بركان من الغضب الوفدي انفجر داخل جدران "بيت الأمة" بعد قرار فصل فؤاد من الحزب، الذي نتج عنه موجات متتالية من الاستقالات الجماعية، بدأها 6 أعضاء وهم أحمد عبدالمعز، ومروة منصور، وكريم زكي، وأيمن سمير، وأحمد شحاتة، وممدوح عبدالباقى.
وأرجع المُستقيلون سبب انسحابهم من الحزب، إلى تراجع "الوفد" عن الأهداف التى انضموا للحزب بسببها، مؤكدين أن فصل النائب محمد فؤاد يعد خذلان لجموع الوفديين، حسب نص الاستقالة الذين تقدموا بها لرئيس الحزب، والدكتور هاني سري الدين سكرتير عام الحزب.
وأعلنت لجنة حزب "الوفد" بالعمرانية في الجيزة بالكامل، وعددهم 14 عضواً، تضامنهم مع "فؤاد"، وتقدموا باستقالتهم من عضوية الحزب وكافة تشكيلاته، وأشاروا في نص استقالتهم إلى أن القرارات التي خرجت عن رئيس الحزب مؤخراً غير اللائحية، مؤكدين أن الحزب خرج عن مساره، وتفرغ للمشكلات الداخلية للنيل من كل صاحب نشاط، حتى نالت أنشط نواب الوفد فى البرلمان.
وجاءت استقالة النائب أحمد السجيني من الحزب، لتكون الأكثر مفاجئة، وإنذارًا بدخول "الوفد" إلى فصل جديد من التفكك والانهيار، ويعقبها حالة من التشرذم داخل أروقة "بيت الأمة"، وتزيد الأمور تعقيداً، ليواصل الحزب الذي وصل عمره 100 عام، فقدانه لقوته في الشارع، وتراجعه في المشهد السياسي.
وقال السجيني، في نص استقالته: "قرار انسحابي من الحزب غير موجه لأشخاص أو قيادات بعينها، وإنما يأتي لأسباب تراكمية أعتبرها موضوعية تخص قناعتي الشخصية بعدم الاستيعاب والموائمة بين الأجواء والسياسات التنظيمية، والمؤسسية المستقرة في عقلي ووجداني وبين ما تحقق أخيرا ويتحقق الآن وما يمكن أن يتحقق في المستقبل".
وأبدى عدد من قيادات "الوفد" استكارهم لما يحدث داخل الحزب، من بينهم، الدكتور محمد نصر، عضو الهيئة العليا، الذي أعتبر أن هذه الأزمات تبعد "الوفد" رويدا رويدا عن الشارع وتفقده شعبيته، معبراً عن غضبه، قائلا: "الوفد ليس شركه مساهمة، كل يوم نحاكم واحد، ونرفد واحد".
"نرفض دعوات الإقصاء أو التطهير، وقادرون على تجاوز الأزمة داخل بيت الأمة بإخلاص النوايا وإعلاء مصلحة الوفد"، هكذا وجه الدكتور هاني سري الدين، سكرتير عام الحزب كلمته إلى جموع الوفديين، فى محاولة لإحتواء الأزمة، مؤكداً أن الاختلاف في المواقف تجاه قضايا الحزب والوطن هو سمة لصيقة بالعمل الحزبي الحقيقي، والوفد بتاريخه ومبادئه يتسع لجميع المصريين، ومن باب أولي جميع الوفديين.
وأكد "سري الدين" أنه سعى مع رموز وقيادات "الوفد" فى منع تفاقم الأزمة للحفاظ على وحدة وتماسك الحزب، رافضاً دعوات البعض للإقصاء أو التطهير، وأنه يواصل جهود لم شمل كافة أبناء "الوفد" دون تفرقة أو تمييز، معربا عن ثقته في قدرة المستشار بهاء أبو شقة، بصفته أحد حكماء ورموز الوفد، على قيادة سفينة الحزب بعقلانية إلى بر الأمان.
وتطاير دخان الأزمة المشتعلة داخل "الوفد"، خارج جدران "بيت الأمة"، ليعلن عدد من نواب البرلمان دعمهم للنائب محمد فؤاد، من بينهم المهندس إيهاب منصور، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب المصرى الديمقراطى، والنائبة هيام حلاوة، والنائبة إيناس عبدالحليم، والنائبة شادية ثابت.
وقال منصور، إن الأزمة التي يفتعلها رئيس "الوفد"، مع النائب محمد فؤاد هدفها تصفية حسابات بسبب دعم الأخير للمهندس حسام الخولي في انتخابات رئاسة الحزب، التي فاز بها أبو شقة، منتقداً أن يكون هذا هو حال أكبر حزب في مصر في التعامل مع نائب يعد إضافة لـ"الوفد" وقدم العديد من الدعم له.
وأيد منصور في الرأي، النائبة هيام حلاوة، التي اعتبرت أن فؤاد إضافة لأي مكان، نظراً لما يمتلكه من رؤى متميز وشعبية جارفة مجهودات كبيرة، مؤكدة أن النواب هي من تعلي أسماء أحزابها، والأحزاب لا تصنع أسماء نواب.
وترى النائبة إيناس عبدالحليم، أنه ليس من مصلحة "الوفد" التفريط فى النائب محمد فؤاد، وخاصة أنه من أنشط النواب، سواء في الأنشطة الحزبية أو البرلمانية، داعية المستشار بهاء أبوشقة، بضرورة ضبط النفس فى التعامل مع الأزمة وإنهائها، وفق بيان لها.
وأعربت النائبة شادية ثابت، عن أسفها الشديد على الأزمة داخل الوفد، قائلة: "ما يحدث مع النائب محمد فؤاد لا يليق بحزب في حجم الوفد وتاريخه العظيم"، منوهة إلى أن فؤاد من أنشط النواب في الحزب والبرلمان ويجب سرعة إحتواء الأزمة.
وتدخل عدد من شيوخ "الوفد" لحل النزاع المشتعل داخل "بيت الأمة"، وعلى رأسهم عمرو موسى، رئيس المجلس الاستشاري للحزب، وأحمد عودة، عضو الهيئة العليا، ومصطفى الطويل، الرئيس الشرفي للحزب، والدكتور عبدالسند يمامة، عضو الهيئة العليا، رئيس لجنة عودة المفصولين بالحزب.
ودعا عمرو موسى، المجلس الاستشارى لـ"الوفد"، الذي يترأسه للاجتماع، مساء اليوم الخميس، لاحتواء الأزمة، وبحث قرار المستشار بهاء أبوشقة، رئيس الحزب، بفصل النائب محمد فؤاد، دون العودة للمجلس أو الهيئة العليا.
كشفت مصادر داخل الهيئة العليا بالوفد لـ"الوطن"، أن "أبوشقة" يعمل منذ توليه مقاليد الحزب على "لم الشمل" داخل "بيت الأمة"، وحتى الآن، وجاهزون ببدائل لشغل مناصب القيادات التي انسحبت مؤخرا من الحزب، وكل يوم ينضم للحزب أعضاء جدد من بينهم عدد من الفنانين والشخصيات العامة.
"المناخ داخل بيت الأمة يساعد على اشتعال الأزمات بشكل كبير، وأعضائه فقدوا الأمل في عودة الحزب بقوة للحياة السياسية مرة أخرى"، ويضيف الدكتور جمال عبدالجواد، مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، على الأزمة داخل "الوفد"، مؤكداً أن الحزب تعرض خلال الفترة الماضية إلى تجريف على مستوى الأفكار والكوادر، ويحتاج لإنقاذه إلى فكر جديد من خلال ضخ دماء جديدة تكون قادرة على استعادته مرة أخرى.
ويرى عبدالجواد أن الوفد يعاني من أزمة كبيرة في الوقت الحالي، وتحول خلال الفترة الماضية لتحالف جماعات المصالح، وكي يعود للحياة يحتاج إلى مجهودات كبيرة وتكاتف جموع الوفديين في كل المحافظات، إذا كان هناك إرادة للإصلاح، وإلا سيوقعون على شهادة وفاته.