مبدعون يحلمون بتنمية مواهبهم.. ويستعدون لـ«الملتقى العربى» بحضور الرئيس
مبدعو «الصم» يشيرون بعلامة النصر
أصوات عذبة، وموسيقى منمقة تنبعث من آلات موسيقية مختلفة، يرسلها مجموعات طلابية تتراص على مقاعد المسرح الكبير بوزارة التربية والتعليم، يجاورهم مسئولو الملابس الذين جاءوا لأخذ مقاساتهم من أجل تصميم «زى» لتقديم عروض غنائية فى الملتقى العربى لذوى الاحتياجات الخاصة خلال أكتوبر المقبل فى مدينة شرم الشيخ بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسى.
«باحب الفن وعاوز أدخل فنون جميلة علشان أقدر أحقق طموحى وأبقى رسام كبير»، حُلم يوسف حسين، ابن الخامسة عشرة، الطالب فى الصف الثانى الإعدادى بمدرسة الأنصار الابتدائية، الذى وجد طريقه فى التخلص من حياة الإعاقة الذهنية الراكدة برسم شخصيات فنية ورياضية يحبها، ويجد فيها تنمية لموهبته التى اكتشفها بالصدفة عندما أمسك بورقة وقلم وبعد «شوية شخبطة» اكتشفت شقيقته الأكبر منه سناً أنه رسم الفنان عادل إمام، فقررت اصطحابه إلى الجهات المعنية فى وزارة التربية والتعليم من أجل وضعه على بداية طريق تنمية الموهبة.
يقول «يوسف» إنه «اكتشف موهبته بالصدفة، ومن خلال ممارسة الرسم أصبح وقته أكثر متعة، خاصة مع كل لوحة ينتهى من رسمها بأدواته البسيطة، التى تحولت فى ما بعد إلى أدوات احترافية، وبعد مُضى عام واحد فقط على بدايته فى الرسم، أقام معرضه الخاص فى مدرسته ووضع فيه عدداً كبيراً من اللوحات الفنية التى حظيت باهتمام وثناء كل من شاهدها، لدرجة جعلت المحيطين يأملون دخوله كلية الفنون الجميلة من خلال تنمية مهاراته فى المذاكرة».
يوسف «الرسام» لم تمنعه الإعاقة الذهنية من صقل موهبته.. و«كشاف المواهب»: نختار الطلاب بناء على مقاييس علمية بجانب الموهبة ونستمر فى ملاحظتهم
صابر حسن، مسئول الموهوبين والتعلم الذكى فى محافظة الدقهلية، جاء بصحبة مجموعة من الطلاب لحضور بروفة العروض، فى مشوار أسبوعى اعتاد عليه ومعه بعض الطلاب وأولياء الأمور فى «رحلة ممتعة» على حد تعبيره. يقول «صابر»، إنه «تم اختياره لشغل تلك المهمة منذ تأسيس الإدارة فى عام 2015، حصل بعدها على مجموعة كبيرة من التدريبات فى قطاعات الوزارة، لطريقة اكتشاف الموهوبين، من خلال مقاييس علمية، تتمثل فى ملاحظة ومتابعة الطفل، وأخرى عادية تتمثل فى مجىء الطالب بنفسه أو إبلاغ الأب والأم عن موهبة طفلهما». «اهتمام الأب والأم بالطفل أهم مراحل النجاح»، يرى «كشاف الموهوبين»، أن «تعاون الأسرة مع الإدارة يصب فى مصلحة الطالب الموهوب، ويسمح له بحضور البروفات واللقاءات الدورية، ويرفع عنه حرج التأخير واستقطاع بعض أوقات المذاكرة من أجل تنمية موهبته، لكن حدوث عكس ذلك، هيخلى الطالب خايف يتأخر برة ومش هيقدر يركز فى أى حاجة، وبالتالى مش هيقدر يكمل طريقه».
يشير «الكشاف» إلى أن برنامج الموهوبين والتعلم الذكى يعتمدان فى خطواتهما على الترقى، والاكتشاف والرعاية، من خلال 11 مركزاً للموهوبين فى محافظة الدقهلية بمفردها، التى تعد أعلى نسبة على مستوى الجمهورية، تضم عدد طلاب تجاوز 4800 طالب، تختلف مستوياتهم الإبداعية فى مجالات «الموسيقى والإلقاء والشعر والمواهب الرياضية والرسم والنحت والقيادة»، مؤكداً أن غالبية هؤلاء الطلاب من مدارس التعليم الفنى الذين يمتلكون مواهب استطاعت إدارة الموهوبين إظهارها وتحويل سلوكهم من الشغب إلى موهوبين حقيقيين. لا تنقطع والدة رحمة السيد، الطالبة بالصف الأول الثانوى بنظام الدمج، عن حضور بروفات وتمارين ابنتها، التى بدأت قبل عامين تقريباً، تصطحبها فى الذهاب إلى معهد قيثارة للموسيقى لذوى الاحتياجات الخاصة، ثم المجىء بها إلى بروفات قطاع الموهوبين فى الوزارة. تقول الأم إنها اكتشفت موهبة ابنتها فى الغناء والعزف الموسيقى قبل عامين، من خلال ملاحظتها وهى تقوم بالتسجيل لنفسها، وحفظ الأغانى وترديدها، الأمر الذى دعاها للوقوف معها من أجل تنمية موهبتها التى تتوازى مع تفوقها الدراسى، خاصة فى ظل إعلان الطفلة عن طموحها فى دخول كلية التربية الموسيقية.
والدة «رحمة» طالبة الدمج: اكتشفت موهبتها فى الغناء والعزف بالصدفة ولديها رغبة فى دراسة التربية الموسيقية
تجلت موهبة «رحمة» -طبقاً لرؤية والدتها- خلال حفل وزارة التربية والتعليم لتكريم مديرى المديريات على المسرح الكبير للوزارة، الذى أدت فيه الطفلة مقطوعات موسيقية ووصلات غنائية، انتهت بتصفيق وتشجيع كل الحضور الذين أثنوا على أدائها المبهر، الأمر الذى زاد من تشجيع الأم على مواصلة مشوار ابنتها.
رقصات استعراضية، مقطوعات غنائية، ورسومات لأبرز الشخصيات الحضور، تجهيزات على قدم وساق، من أجل إتقان تقديم الأعمال الفنية خلال أيام الملتقى العربى الذى سيُقام خلال شهر أكتوبر القادم بحضور عدد كبير من الشخصيات المصرية والعربية يتقدمهم الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى سوف يحضر الجلسة الافتتاحية للملتقى.
آسر محمود، طالب بالصف الثانى الابتدائى فى إحدى مدارس مركز شربين بمحافظة الدقهلية، الابن الأكبر لوالديه الطبيبين، اللذين اكتشفا قبل عامين موهبته الموسيقية، فقررا تعليمه «الأورج»، ومن ثم ضمه لإدارة الموهوبين لصقل موهبته.
تقول والدة «آسر» : إنها لاحظت -ووالده- أذنه الموسيقية، من خلال تمتمته بالقطع الموسيقية وحفظها، وإعادة صياغتها على الكتل الخشبية والكرتون، وبعد عرضه على أكثر من متخصّص فى الموسيقى، نصحوه بدراسة موسيقى الأورج وإتقانها، وهو ما حدث بالفعل، حيث تمكن خلال فترة قصيرة من خوض غمار أكثر من مسابقة والفوز فيها، والأهم من ذلك تمثيل وزارة التربية والتعليم المصرية فى مهرجان الشارقة بدولة الإمارات والحصول على المركز الأول فى العزف الموسيقى.
مشوار والدى «آسر» العلمى، تسبب فى شعورهما بالقلق ببداية المشوار، خوفاً من أن يكون ذلك سبباً فى تخلفه عن دروسه وتراجع مستواه العلمى، رغم إيمانهما الكامل بموهبته، لكن هذا الخوف تبدد بعدما شاهدا ارتفاع مستواه الدراسى وتفوقه فى نفس وقت حصوله على جوائز فى العزف الموسيقى، ومنذ ذلك الوقت، أصبحا يلازمانه فى بروفاته وتدريباته الموسيقية، ويصقلان موهبته بجانب حثه على مذاكرة دروسه بشكل منظم.