لن تستطيع المؤتمرات والأحداث الخاصة وحدها التصدى للمشكلات الاجتماعية أو الحد منها، فعلى الرغم مما تتخلله من فعاليات اتصالية بين فئات وشرائح اجتماعية متعددة تثرى رأس المال الفكرى والاجتماعى، فإن تغيير أو مجرد تعديل الواقع الاجتماعى القائم يتطلب ضربًا من ضروب التفكير يثور على كل ما هو شائع داخل هذا الواقع؛ لتأسيس بناء فكرى جديد؛ تتضافر فيه جهود أجهزة التنشئة الاجتماعية، فى إطار استراتيجية قومية متكاملة وموحدة الأهداف؛ ترسم ملامح واضحة لتغيير الثقافات المجتمعية الخاطئة، وإعادة تشكيل وعى المواطن.
لقد كان لزامًا سرد هذه المقدمة؛ قبل أن أتحدث عن ظاهرة اجتماعية شديدة الإلحاح لا تخلو أى استراتيجية للمسؤولية الاجتماعية أو مواثيق أخلاقية من الإشارة إليها، بل وإلزام منظمات ووحدات المجتمع بتبنيها، وهى دعم وتأهيل ذوى الاحتياجات الخاصة؛ نظرًا لإيمانى التام بعدم وجود شخص معاق، بل مجتمع معوق عاجز بما يمتلكه من ثقافة اجتماعية ضحلة عن دعم وتأهيل ذوى القدرات الخاصة؛ كقوى إنتاجية تمثل شريكًا رئيسًا فى التنمية المجتمعية المستدامة بشتى مجالاتها وقطاعاتها.
ومع إعلان الحكومة المصرية عن أن عام ٢٠١٨ هو عام ذوى الاحتياجات الخاصة، بدأت ألتمس خطى السعى الجاد نحو تغيير الصورة الذهنية لذوى الاحتياجات الخاصة فى المجتمع، وهى الفكرة التى ترسخت بشكل أكبر، مع الإعلان عن انعقاد الملتقى العربى الأول لذوى النجاحات الخاصة بالوطن العربى تحت عنوان " قصص ملهمة ، وذلك فى ١٢ ديسمبر ٢٠١٨ بالقاهرة.
ويعد الملتقى أول منصة تفاعلية لأصحاب النجاحات الخاصة بالوطن العربي؛ حيث يمنحهم الفرصة لعرض رؤيتهم ومتطلباتهم لرسم مستقبل مشرق ؛يضمن دمجهم و تمكينهم بالشكل اللائق، من خلال تفاعلهم ومشاركة خبراتهم مع الأطراف المعنية بقضايا واهتمامات ذوى الاحتياجات الخاصة؛ عبر الحوار الجاد بين ممثلى الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدنى والخبراء، للوصول إلى رؤية واضحة يرسمها الجميع ، وفقًا للاحتياجات الفعلية لذوى النجاحات الخاصة.
كما يسعى الملتقى إلى عرض أفكار وقصص نجاح ذوى الاحتياجات الخاصة بمختلف المجالات، وترويج مبادراتهم وأفكارهم المبتكرة أمام أصحاب الشركات وممثلى المؤسسات والهيئات المختلفة؛ لنشر ثقافة ريادة الأعمال بين مجتمع ذوى الاحتياجات الخاصة ، ومنحهم الثقة للتفكير والبدء بمشروعاتهم الخاصة، وإتاحة الفرصة للشخصيات الملهمة لخلق حافز و دافع لغيرهم على تخطى العقبات ومواجهة التحديات.
فلنتخذ من هذه المبادرة نموذجًا فى العمل المجتمعى الصالح الذى يخدم المجتمع ؛ ويستثمر طاقات أبنائه؛ ويوظّف جهودهم البنّاءة فى تنمية الوطن؛ كى يخرج الملتقى بمبادرات اجتماعية قابلة التطبيق، ويقدم نتائج وتوصيات علمية؛ تفتح مجالات وآفاق بحثية جديدة حول قضايا ذوى القدرات الخاصة، فضلًا عما يحققه الملتقى من ترويج للصورة الذهنية لمصر؛ كبلد لديها من الموارد البشرية والمقومات والبنى التحتية والأطر التشريعية؛ ما يؤهلها لاستضافة هذا الحدث الدولى الضخم فى دورته الأولى، تمهيدًا لدورية انعقادة فى بلداننا العربية.
يقول تعالي؛ بسم الله الرحمن الرحيم "فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِى الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ" صدق الله العظيم.. الرعد.. الآية "17".