الأسواق الشعبية: «اليونيفورم».. جديد ومستعمل
تشكيلات عديدة من ملابس البالة المستوردة من الخارج
على بُعد أمتار من محطة مترو جمال عبدالناصر، وفى منطقة وكالة البلح بالتحديد، يتراص على جانبى الشارع عدد من الأعمدة المعدنية المعلق عليها تشكيلات عديدة من الملابس البالة المستوردة من الخارج، التى يقدم على شرائها المواطنون لانخفاض أسعارها، مقارنة بالملابس الجديدة فى المحلات الأخرى، ومع قُرب بداية العام الدراسى، يلجأ إليها بعض أولياء الأمور، فى محاولة لشراء ملابس قريبة من شكل الزى المدرسى، هرباً من الأسعار التى تفرضها عليهم المدارس والمحال التابعة لها، وخلال جولة داخل منطقة الوكالة بوسط البلد، أكد البائعون أن هناك حالة ركود فى بيع الزى المدرسى الجديد والمستعمل، بسبب ارتفاع الأسعار من ناحية، ولجوء الكثير من المدارس إلى استخدام ألوان وتفصيلات صعب تقليدها من جانب آخر.
«أم محمد»: «البعض يحضر ملابس عياله القديمة لأشتريها بالقطعة وبابيع المريلة المستعملة بـ45 جنيه» و«فتحية»: «ماباشتريش لبس باهت ولا مقطع»
يقف أحمد أبوالخير، 38 عاماً، أمام محله، ويحاول اجتذاب الزبائن وإقناعهم بالشراء مما لديه: «عندنا فى الوكالة كل أنواع اللبس، لكن مابنشتغلش فى الزى المدرسى مخصوص، إنما وقت المدارس بنطلع كل الملابس المرتبطة بمدارس من قمصان بيضاء ولبنى والبلوزات البيضاء والبناطيل والجيب البالة، ونعرضها على الاستاندات». ويؤكد أن هناك تفاوتاً فى أسعار الملابس، وذلك يختلف وفقاً للبلد المستوردة منه، حيث تعتبر الملابس البلجيكية والإنجليزية الأعلى جودة، وبالتالى هى الأغلى سعراً، مضيفاً: «دلوقتى اللى بيدور على زى مدرسى مابقاش ينزل الوكالة، لأن أغلب المدارس بتعمل الزى بتاعها، لكن إحنا بنخدم الطبقة اللى أولادها فى مدرسة ماعندهاش زى محدد، لأن الزبون بيحاول يوفق ملابس من البالة تنفع لمدرسة عياله». يعرض «أبوالخير» أسعار ملابس المدارس فى محله، فيقول: «البلوزة البناتى سعرها يتراوح من 75 إلى 100 جنيه، والقميص الأطفالى بـ35 جنيهاً، والبناطيل الأطفالى بـ50 جنيهاً، والرجالى من 100 لـ150 جنيهاً». ناجى عادل، أحد البائعين، يجلس على كرسى خشبى وضعه أمام محله بشارع الأحمدية بوكالة البلح، مترقباً إقبال الزبائن عليه، يقول: «شغال فى زى مدارس الأطفال الجديد من أكتر من 20 سنة، والسنة دى مافيش بيع ولا شراء، رغم أننا معروفين بأن أسعارنا أرخص من أى مكان تانى»، موضحاً أن أسعار الزى المدرسى فى الوكالة ارتفعت مقارنة بالعام الماضى بنسب بسيطة لا تتعدى الـ5%، فمثلاً الـ«تى شيرت» بـ50 جنيهاً والبنطلون بـ35 جنيهاً والمريلة البناتى بـ40 جنيهاً. ويرجح «ناجى» أن السبب وراء ذلك الركود يعود إلى تغيير بعض المدارس ألوان زيها واختيارها درجات من الألوان التى يصعب تقليدها، فيقول: «مدارس كتير غيرت زيها وأيضاً مديرى المدارس بيتعاقدوا مع محلات معينة علشان ياخدوا نسبة من الربح، وبالتالى أولياء الأمور بيضطروا يشتروا منهم، وده أثر علينا». ويتابع: «الزبون دلوقتى لو جه بيجى يشترى منى تى شيرت وبنطلون لونه مقارب للون طقم المدرسة مع الطقم اللى اشتراه من المدرسة، بحيث يبدل بينهم». لم يختلف الوضع داخل سوق الخميس الواقعة بمنطقة المطرية التى حضر فيها الزى المدرسى وبقوة على طاولات الباعة الجائلين الخشبية. رومان عزت غلاب، 32 عاماً، وضع بضاعته بجوار مبنى مستشفى المطرية التعليمى تحديداً، وتضمنت تشكيلات متنوعة من أزياء المدارس الحكومية: «بقالى 20 سنة بافرش هدوم فى السوق، وناس كتير بتيجى تشترى منى ملابس المدارس علشان أرخص من المحلات»، ورغم ذلك فإن «رومان» يشير إلى أنه اضطر إلى تقليل حجم البضاعة التى يشتريها بعد أن زادت أسعار الملابس هذا العام، مقارنة بالعام الماضى «الأسعار زادت السنة دى، فأصبح سعر القميص يتراوح بين 35 و45 جنيهاً، والبنطلونات القماش بين 35 و45 جنيهاً، أما الجينز بـ75 جنيهاً، والجيبة بـ75 جنيهاً، والمريلة البناتى بـ75 جنيهاً، والبدلة كاملة يبدأ سعرها من 100 لـ160 جنيهاً، وكانت السنة اللى فاتت بـ75 جنيهاً». ويعلق قائلاً: «المكسب قل، والزبون بدل ما كان بيشترى قطعتين أصبح يشترى قطعة واحدة فقط، لافتاً إلى أن أغلى قطعة زى مدرسى لديه هى الـ«تى شيرت» ويصل سعرها لـ75 جنيهاً، رغم أنها لم تكن تتعدى الـ50 جنيهاً العام الماضى. يقطع الحديث رأفت صدقى، بائع بالسوق منذ 30 عاماً، اعتاد على الاستيقاظ مبكراً كل يوم خميس، والقدوم من مسكنه فى منطقة الوراق ليفرش فى السوق بجوار «رومان»، قائلاً: «أسعار الزى المدرسى زادت بنسب بسيطة نحو 10 جنيهات فى الحتة، وسعر قميص المرحلة الثانوية بـ55 جنيهاً، والمريلة البناتى بـ65 حتى 100 جنيه، والـ«تى شيرت» بـ65 حتى 85 جنيهاً»، وذلك وفقاً للخامات والمقاسات، لافتاً إلى أنه يهتم ببيع قمصان المدارس الحكومية من اللبنى والبيج والأخضر ليحقق ربحاً مضموناً: «أكتر حاجة بتتباع عندى هى القمصان البيج والبلوزات البيضاء البناتى الخاصة بإعدادى وثانوى». وسط زحام الباعة الذين اتخذوا من ميدان المطرية فى يوم الخميس مقراً لهم ليفترشوا فيه بضائعهم المتنوعة من ضمنها الأدوات المدرسية والزى المدرسى الذى سيطر على المشهد الرئيسى بالسوق، استطاعت «أم محمد» أن تحجز لنفسها مكاناً وسط الباعة لتفترش فيه بضاعتها من ملابس جديدة وأخرى مستعملة، ومنها الزى المدرسى: «أنا ساكنة فى المربع هنا، ودايماً كل خميس بافرش فى الحتة دى، وشغالة فى الهدوم المستعملة من زمان، وفى فترات المدارس باشتغل فى لبس المدارس المستعملة بجانب الهدوم التانية»، سنوات قضتها «أم محمد» فى بيع تلك الملابس حتى أصبحت معروفة بين البائعين والزبائن مرتادى السوق بالمنطقة، فأصبحوا يأتون إليها لبيع ملابس أبنائهم المدرسية القديمة، وهناك آخرون يشترونها منها. تقول: «فيه ناس بقت عرفانى هنا وبيجيبوا لى لبس عيالهم القديم وأنا أشتريه منهم بالقطعة، بس باشوفه الأول وأنقضه، وأتأكد أن حالته كويسة، وبعدين باحدد السعر المناسب»، وتصمت لوهلة، ثم تكمل قائلة: «باخد كل اللبس، وباشترى البنطلون سواء رجالى أو أطفالى بـ10 جنيه، وأعرضه بـ20 جنيه، والقميص باخده بـ15 جنيه وأبيعه بـ25 جنيه والمريلة باخدها بـ30 وأبيعها بقميصها بـ45 جنيه، أما البدلة كاملة ببنطلونها وقميصها بابيعها بـ75 جنيه».
وتوضح أنها عندما تحدد سعر الزى المعروض للبيع تضع فى اعتبارها نوعية الفئة البسيطة التى ستشترى منها، بحيث تضع سعراً ملائماً يتناسب معهم، ويحقق لها الربح فى نفس الوقت: «أنا بازود فى سعر الحاجة 10 جنيه علشان الزبون هيفاصل معايا فى 5 جنيه، وبارضى الزبون، وأنا كمان أكون كسبانة»، لافتة إلى أن حركة البيع والشراء تأثرت هذا العام، مقارنة بالعام الماضى، وتضيف قائلة: «أنا طول السنة بيجى لى لبس من ضمنه زى مدارس وباعرضه وقت دخول المدارس، واللى يتبقى من هدوم المدرسة باحافظ عليه وأشيله علشان أعرضه فى السنة اللى وراها، لأن سوقها مش بيبقى ماشى طول الوقت».
«ناجى»: «الزبون بيشترى من المدرسة.. وبعدين ياخد من عندنا تى شيرت وبنطلون شبههم علشان الطقمين غاليين»
إلى جوار «أم محمد»، تجلس فتحية السيد، فى أواخر الأربعينات، بجلبابها البسيط على سجادة، واضعة عليها تشكيلة من الملابس المستعملة ويتوسطها عدد من البناطيل الكحلى والرمادى والقمصان اللبنى والبيج، وتقول: «باخد لبس المدارس القديم من عيال قرايبنا وكمان من البياعين فى السوق وحبايبى بيجيبوا لى لبسهم برضه»، مشيرة إلى أن من شروط شرائها الملابس القديمة أن تكون بحالة جيدة، أى لا يوجد بها أى قطع، وألا تكون ألوانها باهتة. وتضيف: «الزبون كان بيجى لنا علشان يشترى طقمين بسعر طقم من الجديد، لكن دلوقتى الزبون لو جه هيشترى طقم واحد بالعافية». وتضيف أن أسعار الملابس لديها تختلف وفقاً للمقاس، مثلاً البنطلون الأطفالى سعره 10 جنيه، وكذلك القميص، أما البنطلون الرجالى فيصل لـ15 جنيه».