مدير مشاريع المياه بـ«أبوظبى»: السدود الإثيوبية ستفاقم الإجهاد المائى.. ويجب إدارتها بمشاركة مصرية
الدكتور أسامة سلام
قال الدكتور أسامة سلام، الأستاذ بالمركز القومى لبحوث المياه، مدير مشاريع المياه بهيئة البيئة فى أبوظبى بالإمارات العربية المتحدة، إن مصر أدرجت فى قائمة من 10 دول مهددة بنقص حاد فى المياه بحلول عام 2025 بسبب التناقص المستمر فى نصيب الفرد من المياه نتيجة الزيادة السكانية.
وأوضح «سلام»، فى حواره، لـ«الوطن»، أن الدراسة التى أعدها أكدت أن السدود الإثيوبية ستؤدى إلى تفاقم الإجهاد المائى فى مصر إذا كانت تعمل بشكل غير حكيم دون مشاركة مصرية.. وإلى نص الحوار.
بدايةً.. ما هو الوضع الحالى للمياه فى مصر؟
- مصر تقع فى الحزام القاحل لشمال أفريقيا ومناخها شبه جاف إلى جاف. وبسبب النمو السكانى من 59 مليوناً فى 2000 إلى أكثر من 94 مليوناً فى 2017، وكذلك التوسع الزراعى الأفقى وارتفاع مستوى معيشة الأفراد، ازداد الطلب على المياه العذبة لتلبية احتياجات الأنشطة الزراعية والصناعية والتعدينية، ما تسبب فى انخفاض مستمر فى نصيب الفرد من موارد المياه المتجددة حتى وصلت، فى عام 2017، لنحو 630 متراً مكعباً للفرد، لذلك أُدرجت مصر فى قائمة من 10 دول مهددة بنقص حاد فى المياه بحلول عام 2025.
«سلام»: تعديل السياسات ضرورى للتغلب على تحديات السدود
وما الذى تشكله المياه الجوفية للموارد المائية الأرضية؟
- كما هو معروف، أنه منذ العصور القديمة، كان النيل المصدر الرئيسى للمياه العذبة فى مصر، التى تغطى جميع الاحتياجات المائية لسكان مصر، الذين سكنوا وادى النيل والدلتا. أما المياه الجوفية فهى من أهم الموارد المائية فى مصر، وهى تحتل المرتبة الثانية بعد النيل.
حيث توجد طبقات مياه جوفية ذات أهمية للاستخدامات المختلفة، وتتراوح من الطبقات الضحلة المتجددة إلى طبقات المياه الجوفية العميقة وغير المتجددة. ويمكن تصنيف الموارد المائية فى مصر إلى الموارد المائية التقليدية والمتمثلة فى مياه النيل والمياه الجوفية والأمطار والسيول، والموارد المائية غير التقليدية كإعادة استخدام مياه الصرف الزراعى ومياه الصرف الصحى المعالجة بالإضافة إلى تحلية مياه البحر، وموارد المياه العذبة فى مصر من نهر النيل تمثل أكثر من 96%، وتأتى من خارج الحدود وتشارك مصر فيه 11 دولة هى دول حوض النيل.
هل هناك علاقة بين سد النهضة الإثيوبى والمياه الجوفية؟
- فى عام 2011، أعلنت الحكومة الإثيوبية خطة لبناء سد كهرومائى على النيل الأزرق، على بعد 45 كم إلى الشرق من حدودها مع السودان، يسمى سد النهضة الإثيوبى العظيم (GERD). وستنشأ خلف السد بحيرة سعتها 74 مليار متر مكعب ومن المتوقع أن يؤثر بناء هذا السد على حصة مصر، مما سيؤدى إلى انخفاض فى تصريف السد العالى فى أسوان وسيكون الانخفاض فى تدفق السد العالى له تأثير سلبى على إمدادات المياه وكفاءة نظام الرى ومحطات الطاقة المائية والملاحة. وسيغير هذا السد النظام التاريخى لتدفق النيل على النطاق الموسمى والسنوى، لذا فإن السدود الإثيوبية ستؤدى إلى تفاقم الإجهاد المائى فى مصر إذا كانت تعمل بشكل غير حكيم دون مشاركة مصرية.. وفى المقابل، ينبغى تعديل سياسة وإدارة المياه فى مصر للتغلب على التحديات الرئيسية لبناء السدود الإثيوبية. وإلا فستواجه مصر العديد من المشاكل البيئية والاقتصادية والاجتماعية إذا تم استكمال السدود الإثيوبية بدون التنسيق الكامل بين الحكومة المصرية والإثيوبية، وتم نشر العديد من الدراسات والبحوث التى ناقشت الموارد المائية فى دلتا النيل وتعاملت معها بطرق مختلفة، وركزت معظم هذه الدراسات على المياه السطحية والجوفية باستخدام العديد من الأدوات والإجراءات للتوصيف والتصنيف والتقييم والتحليل، وكانت هذه الدراسات دائماً محلية، ولا تغطى كامل دلتا النيل. علاوة على ذلك، فإن معظم دراسات التكيف والتخفيف تركز فقط على مناطق صغيرة محدودة لا تأخذ فى الاعتبار التأثيرات الشائعة التى يمكن رؤيتها عند دراسة دلتا النيل من منظور إقليمى، مثل استنزاف مستويات المياه الجوفية، والتلوث، وارتفاع مستوى سطح البحر، وآثار تغير المناخ والتغيرات المتوقعة فى المستقبل بعد الانتهاء من السدود الإثيوبية.
توقعات بانخفاض تصريف السد العالى وتراجع كفاءة نظام الرى ومحطات الطاقة المائية والملاحة وتغيير نظام تدفق النهر
وما الهدف من الدراسة التى أعددتها؟
- تهدف إلى تطوير رؤية مستقبلية لإدارة نظام المياه الجوفية فى دلتا النيل فى مصر، والتى ستأخذ بعين الاعتبار القضايا والتحديات القائمة، بما فى ذلك استنزاف طبقات المياه الجوفية وتدهور النوعية والتلوث وتداخل مياه البحر، علاوة على ذلك. التحديات المستقبلية بعد إتمام السدود الإثيوبية وتأثيراتها المحتملة على نظام الموارد المائية المصرية، لا سيما خزان المياه الجوفية فى دلتا النيل. كما تم من خلال هذه الدراسة مراجعة وتحليل المشكلة وتحديد استراتيجيات التكيف المستقبلية التى يمكن أن تخفف من الآثار السلبية للسدود الإثيوبية على المياه الجوفية.
ما المعايير الهيدروجيولوجية التى اعتمدت عليها الدراسة؟
- تم استعراض وتحليل عدد من المعايير المهمة لتطوير هذه الرؤية المستقبلية لإدارة المياه الجوفية فى دلتا النيل، مثل الوضع الكمى للمياه الجوفية من حيث سماكة طبقة المياه الجوفية، وعمق المياه، وسحب المياه الجوفية، وحالة نوعية المياه الجوفية من حيث التلوث والملوحة وتداخل مياه البحر، والتأثيرات والآثار المباشرة المحتملة للسدود الإثيوبية على نظام مياه مصر وتأثيراتها على المياه الجوفية فى دلتا النيل فى مصر.
الموضوعات المتعلقة
التلوث والمبيدات وتداخل مياه البحر.. أسباب تدهور المياه الجوفية
دراسة حديثة تحذر: دلتا النيل.. أولى ضحايا «نقص المياه»