مدير مدرسة بدرجة "أسطى".. نجار وسباك ونقاش لتلاميذه: "المهم راحتهم"
محمد السباعي البسيوني - مدير المدرسة
معلم يرتدي بدلته الأنيقة، يقف في فصله وسط تلاميذه، ممسكًا بالطباشير ليشرح على "السبورة"، وفي مشهد اعتيادي آخر يجلس بينهم ليصحح بقلمه الجاف الأحمر التدريبات والواجب المدرسي، ويقوّم أخطاءهم، أو تجده يمسك بالكتاب المدرسي يقرأ ويلخص لهم أهم نقاط درسه.
ذلك هو المظهر التقليدي للمعلم، الذي عاصرته أجيال وأجيال، ولكن خلف باب مدرسة سعد زغلول الابتدائية، كان هناك مُعلم من طراز آخر، يجلس بعد ساعات عمله الرسمية، مرتديًا ثيابًا بالية، مليئة بالرقع، وبقع البوية، كـ"العفريتة"، التي يرتديها الصنايعية بالورش، ليبدأ رحلة عمل شاق، ولكنه محبب لقلبه، يمسك بمقاعد التلاميذ "التخت" ليصلحها بعدة النجارة حتى يجد التلاميذ ما يجلسون عليه في بداية العام الدراسي الجديد، وفي موقع آخر، تجده نقاشًا، ممسكًا بالفرشاة ليجدد مظهر السبورة، وداخل حديقة المدرسة، تراه "جنايني" يهدب ويقلم الأشجار ويروي الزرع، ليطبق على أرض الواقع، حكمة كثيرًا ما نقرأها على جدران المدارس وظهر الكتب، "المدرسة بيتي الثاني"، ويكون مثالا عمليا لـ"معلم بدرجة أسطى صنايعي".
محمد السباعي البسيوني، مدير المدرسة الحكومية الخمسيني، والذي تولى المنصب بها منذ عدة سنوات، يتبنى مبادرة تحقيق المدرسة اكتفاء ذاتي لنفسها، فيشترك مع معلمي المدرسة في صيانة كافة مرافق المدرسة، ودون تحميل ميزانيتها أعباء إضافية.
"عادي لما أصلح للطلاب الديسك بتاعهم المهم راحتهم"، لا يرى السباعي في الأمر شيء غير مألوف، فحرصه على إسعاد طلابه يفوق كل شيء، فيرى أنه واجب عليه كمدير للمدرسة أن يظهرها بشكل مميز ولائق: "مقاعد الطلاب كان لونها باهت، فجددتها علشان التلمذة تفرح بيها، وقمت أنا وزمايلي المدرسين بتجديدها، النجار عايز 10 جنية على الديسك الواحد"، كما يعمل البسيوني على صيانة كافة مرافق المدرسة، فقبل بداية العام الدرسي قاموا بتغير "اللمبات" الموجودة بالمدرسة، وتقليم الأشجار، وصيانة السباكة.
ولم تكن صيانة المدرسة وتأهيلها لاستقبال الطلاب، هي المبادرة الوحيدة للمدير الخمسيني: "أطلقت مبادرة منذ ثلاث سنوات لتأهيل التلاميذ الجدد للدراسة، والقضاء على تخوفهم من المدرسة مدته 5 أيام، يبدأ هذا البرنامج قبل أسبوع من بداية الدراسة"، ففي اليوم الأول من هذه البرنامج يتم تعرف الطالب على الفصل وإتاحة الوقت له للعب في الفناء وتوزيع الحلوى عليهم، والثاني للتعارف بين الطالب والمعلم، أما اليوم الثالث مخصص للتعرف على أماكن المدرسة، والرابع اجتماع مع أولياء الأمور للتعرف على نظام المدرسة، واليوم الأخير، يترك فيه الطالب بمفرده داخل المدرسة.
وعن تفاصيل أول يوم في العالم الدراسي، يقول: "لم تكن هناك أي عقبات.. كل شي كان مجهز قبل بدأ اللدراسة"، موضحا أن الطلاب الجدد قضوا على تخوفهم بالقضاء بالبرنامج التأهيلي، وحمسوا على الدراسة، وتوزيع بعض الحلوى عليهم حتى يزداد تعلقهم بها".