الزوجة «المقموعة» بوصفها فاعلة ومفعولاً بها: البداية إهانات.. والنهاية خيانة وطلاق
صورة تعبيرية
«قتل القهوجى لزوجته وإلقاؤها من الطابق الخامس بسبب خلافات زوجية فى القطامية، وحالة أخرى تقتل زوجها بالسم لإشباع رغبتها الجنسية من آخر، بسبب خلافاته الدائمة معها، والطفل الذى قتل أباه فى المطرية بسبب طلاق أمه، وقيام أبيه بضربه بصفة مستمرة»، جميعها حوادث تكررت أمامنا، وهى نتيجة طبيعية للعنف الأسرى تجاه الزوجة، أو بسبب ضرب أحد الآباء للطفل الذى يدفعه الأمر إلى التفكير فى رد الإيذاء أو الهروب من المجتمع أو الانتقام منه، أو اللجوء إلى شرب المخدرات كوسيلة للنسيان من الهزة النفسية التى يتعرّض لها نتيجة الاعتداء عليه، هكذا وصف علماء علم النفس لـ«الوطن» تأثير العنف الأسرى.
وقال الدكتور جمال فرويز، استشارى الطب النفسى بالأكاديمية الطبية: «ظاهرة العنف الأسرى أصبحت منتشرة بشكل ملحوظ، فضرب الزوج لزوجته يؤثر عليها ويجعلها تشعر بالحرمان العاطفى الشديد وكراهيته، ويصل الأمر فى بعض الأحيان إلى البحث عن علاقة غير شرعية، لتفريغ مشاعرها وحاجاتها».
وأضاف أن العنف بين الزوجين يقطع المودة والرحمة بينهما، ويؤدى إلى الطلاق، وإن لم يحدث طلاق، فإنه يخلق نوعاً من أنواع الانفصال الجسدى والروحى وكره الزوجة للمكان، وهذا التأثير يختلف من شخصية إلى أخرى، مضيفاً: «ضرب الزوج لزوجته يعمل على زيادة جرائم الأسرة، ففى بعض الأحيان يصل ضرب الزوج لزوجته إلى قيامها بقتل الزوج، وتأثير ضرب الزوج للزوجة أمام الأطفال الذى بدوره يجعل الطفل يشعر بالحرمان العاطفى وتكرار العبارات والألفاظ الذى ينطقها الأب وقت الاعتداء على والدته أمام الأقران أو الجيران ويصبح الطفل عدوانياً».
وأشار «فرويز» إلى أن تأثير العنف الأسرى على الطفل بالغ الأهمية والخطورة، حيث يصل ضرب الأب أو الأم لأولادهما إلى خلق جيل غير سوى نفسياً، فضلاً عن حدوث اضطراب نفسى داخل الطفل وهروبه من المجتمع أو الانتقام من المجتمع ذاته، فالطفل يزداد داخله الشعور بالكره للأب أو الأم والبيئة التى يعيش بها، والخوف من الأقران، أو التواصل معهم، لأن شخصيته أصبحت مهزوزة بسبب الاعتداء عليه من الأهل.
«فرويز»: اعتداء الزوج على زوجته يدفعها للبحث عن علاقات غير مشروعة وقد تصل إلى قتل زوجها.. و«منصور»: تنشيط دور المؤسسات الدينية يقلل من المشكلة
الدكتور سامى محمود أبوبيه، أستاذ علم النفس التربوى بجامعة المنوفية، يرى أن للعنف الأسرى تأثيراً على الجانب النفسى للطفل، فيعتبر من أحد الأسباب التى تدفعه للعيش فى نفس دائرة العنف ويميل بشدة إلى السلوك العدوانى فى كل تصرفاته مع من يتعامل معهم، فبعض الأطفال تظهر عليهم المشاكل النفسية الناتجة عن العنف الأسرى، والبعض الآخر لا يظهر عليه، وهذه المشاكل تتمثل فى آثار التوتر وزيادة الخوف أو الغضب، إلى جانب امتداد هذه الآثار على تصرفات الأطفال وسلوكياتهم السلبية، كشرب المخدرات أو ترك المدرسة، وغير ذلك من السلوكيات الخاطئة.
وقال إن العنف الأسرى نوعان، الأول هو ضرب الزوج لزوجته، وهذا غالباً ما يشاهده الأطفال بأعينهم من اعتداء جسدى، أو سمع التهديدات، كما يلاحظون آثار ما بعد الاعتداء، كالجروح والإصابات، كما أنهم يستشعرون الجو المتوتر فى البيت، وخوف والدتهم، وهذا بدوره يخلق طفلاً ضعيفاً، مضيفاً: «هذا الطفل دائماً ما تجده يعانى من الخوف والقلق، فهو فى حالة حذر مستمر، وحالة من الترقّب والانتظار لما سيحدث بعد ذلك، ولذلك تجده لا يشعر أبداً بالأمان، فالطفل الذى يرى والدته وهى تتعامل بشكل به نوع من الإهانة لها يترسخ داخل هذا الطفل أن المرأة لا قيمة لها وتبدأ هذه الفكرة تسيطر عليه، وعلى أساسها يبدأ يطبق هذا المبدأ على باقى النساء».
«أبوبيه»: ضرب الطفل يجعله عدوانياً ويتمادى فى تصرفاته السلبية وصولاً إلى المخدرات وترك المدرسة
وتابع «أبوبيه»: «النوع الثانى من العنف الأسرى هو ضرب أحد الآباء للطفل، الذى بدوره يُعزّز سلوك العنف عند الطفل، وقد يفكر إذا كان من حق أمه أو أبيه أن يضربه، فلمَ لا يقم هو بذلك أيضاً، فضلاً عن سلوكه العدوانى مع أقرانه، وقد يصل الأمر إلى قتله أحد والديه».
وترى الدكتورة هالة منصور، أستاذ علم الاجتماع، أن ظاهرة العنف بمعناها الشامل تعود إلى ضغوط الحياة اليومية، وليست فقط الضغوطات الاقتصادية، التى يشير إليها البعض، فالضغوطات الاقتصادية ما هى إلا جزء بسيط من ضغوطات الحياة بشكل عام. وقالت إنه فى الماضى كانت هناك ضغوط، لكن كانت هناك حالة اجتماعية تعوض كل هذه الضغوط، وكان هناك نوع من الأمان الأسرى، فيجب عودة الأسرة مرة أخرى للتراحم فى ما بينهم، وتقوية ترابطهم للتقليل من هذا العنف. وأضافت: «التوعية المجتمعية مهمة جداً للتقليل من حدة العنف الأسرى، وهذا مرتبط بوسائل الإعلام والمواقع الإخبارية، فضلاً عن التقليل من الدراما التليفزيونية الملاحظ بها زيادة العنف، وكأنه أمر مباح وسهل، والمؤسسات الدينية أيضاً لا بد أن ينشط دورها لتوسيع مفهوم الدين، فهو ليس للعبادات فقط، لكن الدين معاملة».