ملاك عقارات وسكان يتخلون عن «الترميمات العقارية»: «هنصرف ليه فلوس ع الفاضى؟»
ارتفاع الأسعار دفع ملاك العقارات إلى تجاهل الصيانة الدورية للمنازل
تباينت آراء الناس فى الشوارع حول أهمية صيانة شبكات المياه والصرف الصحى، وفيما رأى بعضهم أن «الصيانة ليست جزءاً أساسياً من ثقافة الشعب المصرى»، خاصة أن الغالبية العظمى من الناس تهتم بـ«إصلاح الأعطال» فقط عند حدوثها وليس بالصيانة الدورية، أكد البعض الآخر أن هناك العديد من الأسباب التى تجبر أصحاب العقارات على تجاهل فكرة الصيانة، ومن بين أهم هذه الأسباب، حسب عدد من المواطنين، الفكرة المأخوذة عن «جشع الصنايعية»، والسبب الآخر الذى لا يقل أهمية من وجهة نظرهم هو ارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه، مما أدى إلى الإحجام تماماً عن فكرة الصيانة «توفيراً للنفقات» على حد قولهم.
«نجم»: «المتابعة الدورية» ليست جزءاً من «ثقافة الشعب».. «والشوربجى»: بيتى يتخرب من غيرها
فتحى محمد، ٢٨ سنة، من سكان منطقة «عين شمس» فى القاهرة، ليس لديه أدنى فكرة عن ماهية الصيانة، ولذلك لا يبادر بإجراء فحص شامل ودورى على محتويات الشقة الخاصة، وإنما فقط يهتم بإصلاح ما يتلف من مواسير المياه والصرف الصحى، معللاً ذلك بقوله: «هاصرف ليه فلوس على الفاضى، لو فكرت أعمل صيانة كل ٦ شهور مثلاً، هطمع الصنايعية، وماهيصدقوا إنى أقول هعمل صيانة علشان يستغلوا الفرصة، والحاجة لو مش محتاجة تصليح هيقولوا لازم تتغير، علشان يكسبوا ويشتغلوا».
ويتابع «فتحى» قائلاً: «كان عندنا فى الشقة حنفية بتنقط، جبنا سباك يصلحها، قال لازم الماسورة تتغير، طيب إيه علاقة الماسورة بتنقيط الحنفية؟، ومع ذلك عملنا كده وسمعنا كلامه وغيرنا شبكة المواسير فى المطبخ، ويادوب هما أربع شهور بس، والماسورة رشحت تانى من منطقة اللحام».
ويتذكر «فتحى» أول ما قام به من أعمال عند قدومه مع عائلته من أسيوط للعيش فى القاهرة، قائلاً: «الشقة كان حالها مش تمام، كل حاجة فيها ماكانتش سليمة، حتى البلاط كان فيه أجزاء مكسرة، فقلنا نعمل صيانة ليها، على أمل إننا مش هندفع كتير، وبالمرة نلحق قبل ما تبوظ خالص، وهيبقى الموضوع مقتصر على شوية مرمات، وشوية تصليحات فى مواسير الميّه اللى فى المطبخ وخلاص، لكن للأسف الصنايعية لما جم شافوا الشقة، قالوا ده لازم شبكة المواسير تتغير كلها، وبدل ما كنا عاملين حسابنا ندفع بالكتير ٢٠٠٠ جنيه، دفعنا ٩٠٠٠ جنيه، وكنا بنام بره الشقة بالإيجار علشان الشقة مكركبة».
غالبية أصحاب العمارات يهتمون بـ«إصلاح الأعطال» فقط عند حدوثها بسبب «جشع الصنايعية» وارتفاع الأسعار
أما طاهر خطاب، ٢٦ سنة، من محافظة كفر الشيخ، وهو مهندس مدنى فى إحدى الشركات الخاصة، فيقول: «مجاش فى بالى أعمل صيانة فى بيتنا، الكلام ده قبل ما أتخرج، وبعد التخرج قررت إنى ماعملش أصلاً صيانة، لأن شغلى كله بيعتمد على أساليب حديثة فى تركيب مواسير فى الشقق، وبيكون فيه ضمان من بعض شركات صناعة المواسير، واللى بتعتمد على عملية الكبس».
وأضاف «طاهر» أن «الأنظمة التقليدية فى تركيب المواسير لم تعد فى حاجة إلى الصيانة لأنها ستكون فى حاجة دائمة لمتابعتها ومن ثم زيادة المصروفات، والأفضل أن يتم تغييرها أولاً واستخدام مواسير خاصة بالشركات التى تقدم للعميل خدمة ضمان، وهذا بدوره سيوفر الكثير من المبالغ، وسيشجع الكثيرين على الاهتمام بفكره الصيانة، طالما أنها لن تكلفه أى نفقات».
فيما تشكو مروى جمال، 35 عاماً، موظفة فى القطاع الخاص، من أنها عانت لفترة طويلة من مشكلة عدم صيانة الخزانات التى يضعها جيرانها أعلى سطوح العمارة فى منطقة الدقى، مما تسبب لها فى مشكلات عديدة أثرت على سقف شقتها باعتبارها فى الدور الأخير، بسبب المياه التى تنتشر فوق السطح، لوجود بعض الثقوب فى خزان المياه الخاص بأحد الجيران، والذى لم يعتد على متابعته بشكل دورى، للتأكد من سلامته.
وتقول «مروى»: «إحنا ساكنين فى الدور الأخير، غلطتنا إننا مفكرناش نطلع فوق السطح، نشوف الوضع إيه، وبعد فترة قليلة، دهانات السقف كانت بتقع لوحدها، فقلنا يمكن ده بسبب ارتفاع درجات الحرارة بحكم إننا ساكنين فى الطابق الأخير، ولما الموضوع تكرر جبنا نقاش تانى، قالنا السقف ده فيه نسبة رطوبة عالية، ومن هنا جات فكرة إننا نطلع لأول مرة من يوم ما سكنا نشوف السطوح فيها إيه، لما طلعنا لقينا السطح كله رملة، وغرقانة ميّه من الخزان، وطبعاً جارنا مافكرش يطلع يشوفه أو يعمل له صيانة من الأساس، يمكن من وقت ما ركب الخزان أصلاً، ما دام بيشرب منه خلاص، ومش مهم الصيانة».
ويرى على نجم، ٤٧ سنة ،من سكان مدينة نصر، أن فكرة الصيانة الدورية يصعب تطبيقها فى مصر، وذلك لانعدام ثقافة الصيانة، حيث يقول: «الصيانة تعتبر ثقافة شعب، ماينفعش نقول ليه فى دول أوروبا صيانة وإحنا لا، لأن بمنتهى البساطة الدول دى عندها ضمان حقيقى، وعندها شركات بتضم فرق مهمتها الأساسية المتابعة والإشراف والصيانة، وده بيكون من غير ما يدفع العميل فلوس مقابل الصيانة، لأن الشركة بتحاول تحافظ على شغلها واسمها».
ويؤكد «نجم» أنه يهتم بالصيانة الدورية فى شقته لأن لها مميزات لا حصر لها كما يقول: «بالنسبة لى لازم أعمل صيانة فى شقتى كل ٥ شهور، لأن شغلى علمنى إنى لازم أتابع بشكل دورى كل المعدات اللى عندى، علشان كده معنديش أى مشاكل فى البيت، وأتمنى إن الدولة تهتم بالفكرة وده هيكون من خلال تشجيع الشركات على إنها تقدم ضمان حقيقى ومتابعة دورية لمنتجاتها، ده هيخلى الكل يهتم بالصيانة، وبعد فترة قليلة، الموضوع هيكون حاجة عادية عند كل الناس، ومن غير صيانة الشركة الناس بنفسها هتدور على الصيانة».
ولم ينكر الحاج عادل الشوربجى، ٥٧ سنة، صاحب عقار يقوم بتأجيره للطلبة، الدور المهم للصيانة، وهو يقول: «من غير صيانة بيتى يتخرب، لأنى لازم أهتم بالصيانة، علشان الطلبة اللى عندى، ولو استنيت الحاجة تبوظ وبعد كده أصلحها، يبقى كده فجأة مش هلاقى حاجة فى الشقة تنفع وهكون محتاج أبنيها بقى من أول وجديد».
ويتابع «الحاج عادل» قائلاً: «محدش يقدر يقول إن الصيانة شىء مش مهم فى حياتنا، لكن هى الفكرة ملخصها إن الناس مش عايزة تدفع طالما شايفة الحاجة شغالة قدامها، وكمان مفيش أى توعية للمواطنين بأهمية الصيانة المنزلية المستمرة، وده سبب كل الكوارث اللى بتحصل كل يوم بسبب عدم الصيانة».