"طِما بلدتي".. أنشودة الشهيد أبوضيف في حب قريته
طِما بلدتي في ربوع الصعيد
حباها الإله المقام السعيد
ففوقا تباهت وفي المجد تاهت
وقدمت لسوهاج لحن الخلود
أبيات يرددها صديق الشهيد، يحكي أنشودة رفيقه التي يحفظها عن ظهر قلب، ولا يكل ولا يمل من التغني بها، فالحدوتة مصرية، بدأت من طما في أحضان الصعيد، حيث يقلب الصغير صاحب الثمانية أعوام بين صفحات الكتب، فهو ليس ككل أقرانه الصغار يلعب ويلهو، فقرينه الكتاب ورفيقه القلم، يجلس بينهما في مكتبة مدرسته صباحا وفي قصر الثقافة ليلا، الكل يبحث عنه وهو لا يبتغي سواهما، فالجورنالجي الصغير خلق ليثور، ويصدح بالحق، ويهتف بالحرية، خلق لأن يكون الحسيني أبوضيف.
"منذ صغره وعندما كان في مراحل التعليم الأولى، وهو يحب القراءة"، هكذا يروي لنا صديقه، فالحسيني أبو ضيف، الذي ولد في الصعيد، كان لا يبحث في حياته إلا عن كلمة يقرأها سواء في مدرسته أو قصر ثقافة بلدته، كان يجلس لا يبغي شيئا سوى المعرفة، يبحث عنه أهله في كل ربوع القرية ظنا منهم أنه تاه، ولا يجدونه إلا تائها بين صفحات مجلد أو كتاب".[FirstQuote]
"كان شهيدا منذ صغره"، هكذا وصفه حسام السويفي، صديق الشهيد ومنسق لجنة الحسيني أبوضيف للدفاع عن مهنة الصحافة، والذي يقول عنه "أول مرة أشوفه في نقابة الصحفيين بالدور الرابع، وكان يحاول أن يبادر للبحث عن حقوق الصحفيين خلال اجتماع حركة "صحفيون بلا حقوق"، لقيته الوحيد اللي كان موجودا في المكان، كعادته فهو أول شخص يبادر في أي فعالية أو مظاهرة للدفاع عن الزملاء، تعرفت عليه، وحسيت أنه حد نقي وكمان صعيدي مثلي، فحسيت بتقارب فكري بيننا".
يحكي السويفي لـ"الوطن" عن الصغير الحسيني في قريته، من روايات الحسيني عن نفسه، ومن شقيقه وأفراد عائلته، فيشهد بأنه "كان يحب كتابة القصص والشعر، وأول من كتب عنها كانت بلدته طما"، ويتابع "كان له مواقف إنسانية في منتهى الرقي، فهو مخلص في طلب العلم، فذات مرة وفي أحد الحصص في الصف الأول بالمدرسة الإعدادية، هرب جميع الطلاب في الحصة الأخيرة، وبقي الحسيني أبوضيف وحيدا بالفصل يأبى الهروب مثلهم، وعندما دخل عليه المدرس، ووجده وحده فرفض شرح الحصة، فأصر على أن يشرح له الحصة، وطالب بحقه، وقال لمدرسه إذا كان زملائي هربوا وفرطوا في حقهم أنا مهربتش، وأريد حقي، فكان شديد الإخلاص لقضيته".[SecondQuote]
الشهيد أبوضيف، ظل في حياته كلها تلميذا في محراب العلم، لا يريد سوى البحث عن حقه في الحياة، فرغم أنه التحق بكلية التربية جامعة أسيوط بعد أن أنهى دراسته الثانوية، وحصل على شهادة بكالوريوس، حسبما يقول السويفي، بدأ رحلة دراسية جديدة للبحث عن حقوقه ومعرفة واجباته، عندما التحق بكلية الحقوق جامعة أسيوط، وعندما سأله أصدقاؤه لماذا التحقت بكلية الحقوق وأنت حاصل على بكالوروس في التربية؟، فكان الرد: "عايز أعرف حقوقي وواجباتي، وعلشان ميجيش عسكري يسلبني حقي أو يعتدي عليّ ويحبسني بدون وجه حق"، وكانت أول مواجهة لطالب الحقوق في منصة القضاء، وحسب قول الشهيد في مدونته، ويؤكده صديقه، "عندما كنت أدرس بكلية حقوق أسيوط، وقتها ظهرت حركة "كفاية" وانضم لها وقمنا برفع دعوى قضائية، تطالب بإلغاء قرار رئيس الجامعة بزيادة الرسوم الدراسية بالمخالفة للقانون، الذي حددها بـ14جنيها فقط، وهي القضية الشهيرة إعلاميا بقضية (مجانية التعليم)، وبالفعل وبعد المعركة القضائية، حصلت على حكم لجنة فض المنازعات بالجامعة الذي يقضي ببطلان كل زيادة عن مبلغ الـ14جنيها، وقمت بطبعه وتوزيعه على زملائي بالكلية".