شجاعة ونجدة
صورة أرشيفية
إذا انفض كل من حولك وشاهدت تلك النظرات المتهمة فى عيونهم توجه إليك سهام الشك وتريد أن تصرخ فلا مجيب وتجنبك أعز الناس إليك ولم تجد سوى كتف واحد يسير بجوارك فتأكد أنه محامٍ. لم يعلم أحد على وجه اليقين متى نشأت رسالة المحاماة، ولكن كانت أقوى هذه الروايات أن المحاماة نشأت فى فرنسا حيث كان نظام المقاطعات وكل أمير يمتلك الأرض وما عليها من زرع أو بهائم أو عبيد، وكان مندوب الملك يحضر مرة فى العام كقاضٍ للفصل فى مشاكل المقاطعة وكان يحرم على العبيد أن يتحدثوا مباشرة إلى مندوب الملك لأنهم لا يمتلكون الألفاظ المناسبة بمخاطبته، فكان يقف أميره بين العبد ومندوب الملك يتحدث إليه العبد فيضع الأمير دفاعه بألفاظ مهذبة ملكية، حتى كان يوم اتهم خباز بالقتل، ولم يكن له أمير ولم يسمع دفاعه فتم إعدامه، وبعد فترة من الزمن ظهرت براءة هذا الخباز فأصبح المحامون يرتدون السواد حزناً على هذا الخباز الذى أعدم دون أن يسمع دفاعه، ووضع الشريط الأبيض أملاً فى العدالة.
والمحاماة رسالة سامية يتعاظم فيها المحامى مع جبابرة المجتمع وأقواهم فى سبيل نصرة موكله مما يخلق الجرأة والشجاعة وهى أهم الصفات التى يجب أن يتحلى بها المحامى فإن كان يؤمن بالحق والعدل استطاع أن يطوع هذه الخدمة بالحق والعدل وقد يكون فى بعض الأحيان وكما يوجد فى جميع البشر بعض ممن نفوسهم ضعيفة من المحامين فيطوع هذه الجرأة والشجاعة وبعض من القانون فى خدمة الظلم. يقول «الرافعى»، نقيب المحامين الأسبق: «إنما المحاماة خلق ونجدة وشجاعة وثقافة وتفكير ودرس وتمحيص وبلاغة وتذكير ومثابرة وجلد وثقة بالنفس واستقلال فى الرأى والحياة وأمانة واستقامة وإخلاص فى الدفاع».