عادت إلى واجهة الأحداث بقوة ظاهرة العنف ضد الصحفيين التى شملت القتل والخطف والتعذيب والتحرش والمضايقات الجسدية كالضرب وتحطيم ومصادرة أدوات العمل كالكاميرات والموبايلات والسيارات وغيرها.. والاهتمام بالظاهرة جاء نتيجة تعرض إعلاميين لاعتداءات جماعية منظمة من متظاهرين يمينيين فى مدينة «كمنيتس» الألمانية قبل شهر مضى، ثم مع صدور تقرير لجنة تقصى الحقائق فى أحداث ميانمار واتهام قيادات عليا هناك بالاسم بالقيام بجرائم حرب ضد الإنسانية منها اغتيال صحفيين.. ثم اختفاء الصحفى السعودى جمال خاشقجى فى سفارته بتركيا على الرغم من أن خاشقجى لم يكن يمارس عملاً صحفياً فى تركيا وكانت وظائفه المعلنة سياسية واستخباراتية فى السعودية، وسوف يزداد الاهتمام الدولى بظاهرة العنف ضد الصحفيين وإدانة الدول التى لا توفر حماية تضمن سلامتهم أثناء تغطياتهم الصحفية مع اقتراب «اليوم العالمى لمواجهة إنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين» الذى أقره مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة ويصادف يوم 2 نوفمبر من كل عام، حيث طالب القرار الدول بتنفيذ إجراءات محددة لمواجهة ظاهرة الإفلات من العقاب فى الجرائم ضد الصحفيين، حيث قتل أكثر من ألف صحفى وإعلامى خلال عشر سنوات بسبب نقلهم للأخبار والمعلومات والآراء للجمهور، وقد انزعج الضمير العالمى لأن دراسات الظاهرة أكدت أن جريمة واحدة فقط من كل عشر جرائم ثابتة ضد صحفيين صدرت فيها إدانة ضد الجانى، أما باقى الجناة فى 90% من الجرائم فقد أفلتوا من العقاب، نتيجة عدم اهتمام الدول بوقف الظاهرة وأيضاً لتقاعس الصحفيين والإعلاميين المحليين ونقاباتهم فى الدولة عن متابعة تلك القضايا بجدية.. وأصبح العنف ضد الصحفيين رقماً ضخماً يتصاعد كل عام فى تقارير منظمة «صحفيون بلا حدود» وجمعية حماية الصحفيين، فضلاً عن التقارير النوعية التى تصدرها اليونيسكو والعفو الدولية وعشرات المنظمات المهمة المدافعة عن حقوق الإنسان.. ويشجع الإفلات من العقاب مرتكبى الجرائم فى الاندفاع فى جرائم بشعة ضد الصحفيين والإعلاميين، كما يلحق الضرر بالدولة والمجتمع، حيث تصنف الدولة دولياً بأنها ضد حقوق الإنسان وتنتهك حرية الصحافة والإعلام والرأى والتعبير، ويترتب على ذلك إدانات دولية وعقوبات وربما حرب ضد الدولة وحكومتها.
حمى الله الصحفيين والإعلاميين.. والله غالب.