مشايخ يتحدثون عن دور «الداعية الأزهرى» ومسئولية الإمامة
الداعية الأزهري - صورة أرشيفية
رسالة للداعية إلى الله
ما أحوجنا اليوم لأن نسير كلنا فى طريق واحد وهو بناء الدولة المصرية، بعد النجاح المبهر الذى شهد له العالم فى حربنا ضد الإرهاب وشهد به الرئيس الأمريكى ترامب فى لقائه بالرئيس السيسى فى نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة، وألا ننساق وراء الشائعات التى تسعى لتدمير ما بنيناه وألا تزيدنا إلا صلابة والتحاماً وراء الدولة.
وأقول لإخوتى فى الدين إنه يجب على المسلم إذا أراد أن يأخذ العلم الشرعى من خطبة الجمعة أو الدروس اليومية يجب أن تؤخذ من دروسها الشرعية وهو إمام الأوقاف الذى لا يحيد عن الفكر الوسطى المستنير والذى لا يسير وراء الأهواء أو الميل أو التعصب إلى مذهب معين، ونرى ذلك من خلال ربط القديم بالحديث، وأن يعيش مع الناس فى مشكلاتهم وواقعهم الذى يعيشونه، أضف إلى ذلك ربط ما يحدث بالكتاب والسنة، من منظور شرعى، والإمام الذى ننظر إليه نجده من الحداثة بحيث إنه يتحدث فى القضايا الفقهية المعاصرة والقضايا المجتمعية التى يعيشها الناس، إضافة إلى ذلك أنه يدعو إلى التروى والتأنى والفكر الصحيح، وأن يكون هذا الفكر لا يتعارض مع منظور القرآن والسنة ولا مع المصلحة العليا للوطن، فمن وجدناه يدعو للإمام والحاكم فهو مصيب للسنة ومن وجدناه يدعو على الحاكم فاعلم أن فى نفسه هوى، وهذا فكر الجماعات المتطرفة التى انحرفت عن مسار الدين الصحيح، وانحرفت بأفكارها الشاذة عن الفكر القويم.
من هذا المنطلق، أوجه رسالتى لإخوتى من الدعاة إلى الله من أبناء الأوقاف الذين يمثلون خطوط الدفاع فى معركتنا الفكرية ضد التطرف والإرهاب، ويسهرون لحماية الوسطية ونشر الدين السمح، ويبذلون الغالى والنفيس لمساندة الدولة وقواتها المسلحة والشرطة فى حربهم ضد الإرهاب، وفى معركتهم الأخرى للتنمية والتطوير، وأقول لهم إن الدعوة إلى الله لا تكون لفصيل أو لجماعة بل لكل الناس، كما قال الله «وقولوا للناس حسناً»، فنحن مطالبون بتصحيح صورة الدين لدى الناس والتى شوهتها جماعات استغلت الدين فى غير موضعه، ونحمد الله أن قام وزير الأوقاف، الدكتور محمد مختار جمعة، بالتطهير منذ اليوم الأول من هؤلاء الفاسدين المفسدين، فعمل على تقوية الصف الداخلى وتوحيد جبهة الأوقاف لتكون وسيلة الدفاع الأولى فى المحاربة الفكرية ونحن نسير فى خطبتنا الدعوية بكل ما أوتينا من قوة لرفعة وعزة الإسلام ومصر.
الشيخ محمد البسطويسى
«الداعية الأزهرى».. قبلة الناس
كلما تعرضت لسؤال من أحد الأصدقاء أو المقربين ممن بلغت حيرتهم مبلغاً حسناً فى مسألة من المسائل الشرعية التى تشكل الإجابة عليها مصير حياته ويبحث عمن يجيبه، أجدنى أقول له احرص أولاً أن يكون من يجيبك عالماً أزهرياً ليس من باب التقديس، وإنما لأن العالم الأزهرى تتفتت على أعتاب إجابته الاختلافات والاتجاهات، وهو من اتخذ من التعددية المذهبية طريقاً للتيسير على الناس وليس العكس، وهو من تأصلت لديه العلوم الشرعية، فلم يكن حديث عهد بها ولم يتلقاها من مصدر واحد صادر رأى غيره ولم يؤمن سوى برأيه، تجدنى أستحضر أنموذج هذا الرجل الذى قتل تسعة وتسعين نفساً ثم أخذ يبحث عن توبة فلم يجد من ينير له الطريق فأكمل المائة بسبب فتاوى مضلة أغلقت أمامه باب التوبة فما كان منها إلا أن كانت سبباً فى ارتكاب مزيد من الجرائم.
وهنا من الإنصاف أن نقول إن قطار الداعية الأزهرى لا يتوقف على من تخصص فى العلوم الشرعية والفقهية فقط، فنماذج الأزهر مليئة بعظماء تصدروا فى مختلف التخصصات العلمية فى الماضى والحاضر، بداية من رفاعة الطهطاوى الذى قاد النهضة العلمية فى مصر فى عهد محمد على باشا، والإمام محمد عبده أحد رموز التجديد فى الفقه الإسلامى ومن دعاة النهضة والإصلاح فى العالمين العربى والإسلامى، وابن حجر العسقلانى، والشيخ حسن العطار الذى بدأ بنفسه فتبّحر فى الكتب التى لم تكن تدرَّس فى الأزهر، جاعلاً من نفسه القدوة فى ذلك، فأقبل على كتب التاريخ، والجغرافيا، والطب، والرياضة، والفلك، والأدب، وقرأ الكثير من هذه الكتب وتفهمها، والإمام الشعراوى الذى دعّم تفسيره لكتاب الله بمعارف من مختلف التخصصات العلمية، وغيرهم الكثير، ووصولاً إلى المعاصرين ممن نجحوا فى علوم الطب وتفوقوا فى الحقن المجهرى واكتشاف أفضل علاج لمرضى السرطان، ومن تفوقوا فى علم النبات والحيوان وغيره من العلوم النافعة للبشرية، ليحق لنا أن نقول «الأزهرى الداعية» وليس الداعية الأزهرى.
د. محمد الوردانى
مسئولية الإمامة ومؤهلاتها
ينبغى على الداعية والواعظ أن يجيد اختيار لغة الخطاب، وأن يراعى تفاوت ثقافات الناس وعاداتهم وأفهامهم، فلا يُحدِّث أحداً بحديث لا يبلغه عقله ويصعب عليه فهمه؛ لكيلا يكون فتنة له، وقد جاء عن أمير المؤمنين على بن أبى طالب، رضى الله عنه: «حدثوا الناس بما يعرفون؛ أتريدون أن يُكَذَّب الله ورسوله؟»، ومن الحكمة الترفق بالناس واللين معهم، وعدم اليأس منهم أو سوء الظن بهم، فإن طريق الأنبياء الصبر على الأذى وعدم استعجال الاستجابة، وقد ظل نبى الله نوح يدعو قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً، وقد ورد عن النبى، صلى الله عليه وسلم، أنّ النبى يبعث يوم القيامة ومعه الرهط، والنبى يبعث ومعه الرجل أو الرجلان، والنبى يبعث وليس معه أحد، فالداعية ما هو إلا مبلغ عن الله، والله هو الهادى إلى سواء الصراط.
ومن هذه الأسس والسنن التى ذكرناها نعلم أن الإمام والخطيب لا بد أن تتوافر فيه صفات علمية وصفات نفسية، كى يكون هادياً للناس ودالاً بحاله ومقاله على الله ورسوله، وأهم هذه المؤهلات: المعرفة الكافية بالعلوم الشرعية فقهاً وحديثاً وتفسيراً وعقيدة، والإلمام بعلوم الآلة التى تعينه على الفهم والاستنباط كعلوم اللغة وعلم المنطق وأصول الفقه واصطلاح الحديث، وينبغى كذلك أن يكون ماهراً فى اكتسابه لأدوات الإفتاء ومهاراته، فالإمام هو مفتى حَـيـّـَه ومنطقته التى يلجأ جيرانه إليه فى كل مسألة، ومن أعظم أدوات الفتوى المعرفة الدقيقة بالواقع حتى لا ينزل نصاً شرعياً على حادثة لم يتصورها، وقبل هذا كله يجب أن يكون قدوة لهم فى الأخلاق وحسن المعاملة، وأن يكون مشفقاً عليهم باراً بهم منشغلاً بأمورهم ليس معتزلاً لهم، كى يثق الناس به، وبهذا يتحقق فيه معنى وراثة النبوّة وشرف الدعوة إلى الله.
الشيخ مصطفى ثابت