الدعاة الجدد فى زمن الفضائيات: تعددت الأشكال والألوان من أجل الشهرة.. والمضمون فارغ
مختار جمعة
لم تعد مواعظ ودروس رجال الدين الإسلامى التى يقولونها عبر الفضائيات هى الشاغل الوحيد لمشاهدى الشاشة الصغيرة، فبخلاف أساليب الدعاة المتباينة والقضايا الدينية والحياتية التى يتطرقون إليها، بات المتابعون لبرامج الميديا أكثر انشغالاً بمظهر المشايخ، الذى اختلف ما بين الزى الرسمى التقليدى، «الجلباب» و«العمامة البيضاء»، والملابس الكاجوال للدعاة الجدد على المنبر الإعلامى. «الوطن» ترصد فى التقرير التالى ملامح التغيرات التى طرأت على الصورة العامة لرجال الدين، وأدائهم عبر برامج التليفزيون المختلفة.
قال ياسر عبدالعزيز، الخبير الإعلامى: «التغيرات الاجتماعية وزيادة نسبة الشباب الذين يتعرضون للمحتوى الدينى، أسهمت فى إحداث تغيير جوهرى على الصورة الذهنية للداعية، إذ إنه ليس من الضرورة ارتداء الزى الأزهرى المعروف، خلال ظهوره على الشاشة، وبالتالى ظهرت مجموعة من الدعاة الجدد الذين يرتدون الملابس الـ«كاجوال»، وربما يستعينون بـ«استايلست»، فى محاولة منهم للاقتراب من شرائح جديدة فى المجتمع، لا سيما فئة الشباب، وكذلك اللغة المستخدمة لم تعد لغة الكتب التراثية، لتكون أكثر مواكبة للواقع، حيث يستخدمون عدداً من الألفاظ الرائدة بين الشباب، خصوصاً مستخدمى السوشيال ميديا».
«عبدالعزيز»: دعاة «الكاجوال» يسعون للتقرب من الشباب.. و«الطلحى»: هناك من يظهر بملابس العلماء وغايته كسب المال
وقال الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، إن «بعض مُقدمى البرامج الدينية أداؤهم أقرب إلى التهريج، ومنهم من يخوض فى ثوابت مستقرة، وبعضهم يزاول الإفتاء الفقهى، رغم أنهم ليسوا متخصصين فى الفقه، لذلك تخرج آراؤهم فيها الخاطئ والفاضح، وهذا النوع بطبيعة الحال له تداعيات خطيرة جداً على الأداء الدعوى والإسلامى، لأنه يتسبب فى إشغال وإلهاء الناس بالقضايا الرئيسية، على رأسها تجديد الخطاب الدينى ومداهمة الإرهاب ومعالجة الفساد وتدهور الأخلاق»، ورفض «كريمة» مصطلح «الدعاة الجدد» المُنتشر فى الوقت الحالى، موضحاً: «الدعوة من شروطها التخصص والتأهيل العلمى، وهذا لا يكون إلا فى خريج الأزهر الشريف فقط، وليس الذين نراهم فى الفضائيات ممن يرتدون ملابس «إفرنجية»، ويقدمون قصصاً وحكايات، ولهم لهجة غريبة ويتحدثون بسرعة»، وأضاف: «أندهش ممن يطلقون على أنفسهم دعاة ويرتدون تيشرتات مكتوباً عليها I live you.. وتسريحة آخر موضة وساعة فاخرة، أطالب بمنع هؤلاء من الظهور عبر وسائل الإعلام، حيث إن غالبيتهم يقومون بإشارات وحركات تمثيلية مسرحية فهذا تهريج».
وأشار الشيخ أحمد الطلحى، مُقدم برنامج «صلّ على النبى»، عبر إذاعة «راديو هيتس»، إلى أن هناك العديد من الشخصيات التى تتحدث عبر وسائل الإعلام باسم الدين، وهم أبعد ما يكونون عنه، متابعاً: «يدعون أنهم أهل للفتوى، ولا يستحون من الله ورسوله والمجتمع، ويظهرون بملابس العلماء، ويتكلمون من أجل كسب الشهرة والمال، وقد يكون بعضهم مدسوساً من قبل بعض الجماعات لتنفيذ أجندات خاصة»، وتابع: «أحرص فى برنامجى أن أتحدث من القلب، فما يخرج من اللسان لا يتجاوز الآذان، مثل رئيس الجمهورية عندما يتحدث مع الشباب من قلبه، يصل إليهم على الفور»، لافتاً إلى افتقاد الشباب الثقة تجاه بعض الشيوخ الذين يختزلون الدين ويرفعون لواء الوصاية ويتحدثون بلغة الآمر والناهى، وهذا الأسلوب ليس مرغوباً لدى المشاهد فى الوقت الحالى، على حد قوله، ولفت إلى أن هناك بعض الشيوخ على الفضائيات صدموا الشباب بسبب تخبطات فتاواهم وآرائهم المتغيرة، مضيفاً: «الشيخ حالياً ليس لديه حصانة تمكنه من الحديث فى أى موضوع، فالشباب صار يُفكر فى كل كلمة، لذلك أطالب المشايخ بالحديث دون استخدام لغة التعالى، بعض الجمهور أصبح يلقبنى بـ«أسامة منير الدعوة.. وصاحب القلب الحنين»، لأنى أستمع لشكاواهم وأحلها من خلال السيرة النبوية، وهذا يتناقض بالطبع مع من يخلطون بين الإثارة والاستنارة فى البرامج، التى قد تصل إلى المناطحة والتكفير».
رئيس «العالمى للطرق الصوفية»: من حق الأزهريين أن يتقاضوا رواتب مثل المذيعين.. الشيخ لا يلعب القمار أو يشرب الخمر
ومن جانبه، قال الشيخ مصطفى فتح الله، مفسر الرؤى والأحلام، إن «المشايخ ثلاثة أنواع، أحدهم شيخ شيّخه الزمن والثانى شيّخه العلم، والأخير شيّخه الشيطان، لذلك تطور مظهر الدعاة والشيوخ فى البرامج لا يُسبب إشكالية، ما دام يبتعد عن الجوهر والمحتوى»، وأضاف: «أحد الدعاة كان يوجه المرأة بالحجاب طوال الوقت، وفى النهاية تزوج فنانة، وقد يظهر الشيخ مرتدياً زياً أزهرياً ولا يفقه شيئاً عن علوم الدين»، ونوه بأن «تفسير الأحلام» موهبة من الله، وليس علماً يُدرس، قائلاً: «علم ظنى يُبنى على عطاء الله»، وتابع «فتح الله» لـ«الوطن»: «فى حال ادعاء أى مُفسر بأنه حاصل على دكتوراه فى علم تفسير الأحلام، فإنه كاذب، حيث لا يوجد له أصوليات أو درجات علمية من الأساس، فمفسر الرؤى لا بد أن يكون مُلماً بكتاب الله، وفقيهاً، وعلى دراية بمجريات الأمور كافة، وأناشد الجمهور عدم عرض الرؤى إلا على مُفسرين تجمعهم بهم علاقة حب أو ثقة، لأن لو أحدهم يكرهك سيفسر الرؤيا على هواه وستتحقق».
«كريمة»: أندهش ممن يرتدون ملابس «إفرنجية» مكتوباً عليها I love you ويفتون الناس دون علم
وطالب علاء أبوالعزائم، رئيس الاتحاد العالمى للطرق الصوفية، بضرورة ارتداء خريجى الكليات الأزهرية الزى الأزهرى خلال ظهورهم على شاشات التليفزيون، مُعرباً عن أسفه بسبب ظهور بعد الدعاة على القنوات».