"فتيات القناطر".. مذاكرة ورسم وشحن حماس مجاني على شط النيل
فتيات القناطر
يجلسن على شاطيء نيل القناطر الخيرية، يتصفحن كتبهن بتركيز شديد، تتدلى أرجلهن لتلامس طرف المياه، فتزداد سعادتهن، وسط حالة من الهدوء تحت سماء شمس صافية ذابت حرارتها مع اقتراب الغروب، حالة من الانسجام يعيشها بعض الفتيات اللاتي يهربن من ضغوطات البيت بالذهاب لضفاف نهر النيل بعد انتهاء دورسهن.
رضا وشرين ومعهن ندى وتسبقهن على المكان إيمان، تعرفهن على المكان قبل عامين، فاتخذن منه مكان آمن للمذاكرة وتحصيل الدراجات: "بنتفائل بيه وبنلاقي هنا راحة عكس البيت"، تقولها رضا محمد طالبة في الصف الأول الثانوي، تحلم بدخول كلية الطب، لذلك تبحث دومًا على أجواء ملائمة لتذاكر بدون تشتت، خصصت ثلاثة أيام في الأسبوع للجلوس ساعتين أمام ضفة النهر الثلاثاء والخميس والجمعة: "باجي أيام الإجازة اللي ماليش فيها دروس"، تأتي من قرية مجاورة للقناطر للحصول على دروسها ثم تذهب لمذاكرتها، وتخصص الخميس للانتهاء من مادة اللغة الإنجليزية.
تتعرض رضا لبعض المضايقات من الشباب لكنها لا تبالي: "باجي أنا وصحابي وبنروح قبل المغرب"، تحكى أنها تغلق صفحات الكتاب قبل المغادرة بنصف ساعة لتتأمل حركة الشمس والأمواج وتراقب شكل قدميها والمياة في طريقها لهما، تستمتع بتلك التفاصيل الصغيرة التي تجلب لها السعادة وتعالج الضغوطات التي تتعرض لها بشكل يومي: "الجو هنا ممتع يخليك تقعد غصب عنك، هادي وبيخليني استقبل المعلومة أحسن وبيزود حماسي"، نبرة متشابهة تحدثت بها شرين التي تسبقها بعام في المرحلة الدراسية، تضيف لحديث صديقتها أن المكان ليس فقط جذاب للمذاكرة بل لطرد الأحزان والهموم التي يتعرضن لها: "ممكن نيجي نقعد ساكتين نسمع صوت المياه، نرجع البيت مبسوطين".
يأخذها الوقت لقرابة 4 ساعات متواصلة ما بين لحظات استجمام ومذاكرة في مادة اللغة الفرنسية التي اعتادت على تصفحها في نفس المكان منذ عام: "أحلى حاجة هنا محدش هيقولنا ذاكر ولا هيسم بدني بكلمتين"، تحكي شيرين عن سعادتهم لإيجاد هذا المكان المجاني الذي يهون عليهن الكثير من متاعبهن اليومية: "هنا فيه راحة نفسية بعيد عن جو البيت"، توافقها الرأي ندى التي قطعت مذاكرتها بعد أن كانت منهمكة في حل مسائل الرياضيات لتشارك في الحديث قائلة: "أنا كمان برسم، باجي هنا أرسم أشخاص وأشكال كرتونية"، تحلم بأن تصبح مضيفة طياران في المستقبل مؤكدة أن النيل شاهد على أحلامهن البسيطة متمنيين أن تتحقق قريبًا: "باجي هنا الأسبوع كله أنا وصحابي".