أحفاد جنود «العلمين» يروون ذكريات جدودهم فى آخر معركة للدفاع عن مصر
محمد عيسى طيفور
78 عاماً مرت على معركة «العلمين»، وما زال الأحياء ممن شاركوا فيها يتذكرون تفاصيلها، بينما يحتفظ أبناء من ماتوا بذكريات آبائهم وأجدادهم، التى سطروها على رمال الصحراء الغربية، وينقلونها للأحفاد، الذين يتوارثون الحكايات والروايات، ويستعيدونها بكل فخرٍ مع استعراض كل نيشانٍ أو تكريمٍ ناله أحد أجدادهم.
«سودانى»: القصف الألمانى حرمهم النوم.. و«إنجليزى» يزور قبر جده: كان مخلصاً لوطنه
«جدى الحسن عبدالرحمن بابكر المشهور، كان جندياً فى قوات الدفاع السودانية، إبان فترة الاحتلال الإنجليزى للسودان، وشارك معها فى معركة العلمين، التى انقسمت بين قوات الحلفاء والمحور»، هكذا بدأ السودانى غسان جعفر يحكى قصة جده، الذى تدرج فى الجيش حتى وصل إلى رتبة «بقجاويش»، وهى الرتبة الأقل من صول أو مساعد فى سلم ترقيات ضباط الصف، بينما كان وقت الحرب على رتبة «أومباشى سرية».
ذكريات كثيرة حكاها بابكر لأبنائه وأحفاده، ويحتفظ بها «جعفر»، الذى يتذكر منها، أنهم فور وصولهم إلى مصر، تم دمج الجنود العرب القادمين من المستعمرات البريطانية فى قوة واحدة أو تشكيل عسكرى واحد، وكان «شاويش السرية»، التى يندرج تحتها جده من فلسطين يسمى أحمد أبوداود، وكانت بينهما خلافات فى نظام إدارة السرية، وطريقة التعامل مع الجنود الأقل رتبة.
انسحاب بابكر ورفاقه إلى العلمين كان الانسحاب الأخير الذى سبق الهجوم، حيث أخبروهم هناك بأنها آخر منطقة للدفاع عن مصر، إما أن ينتصروا أو يموتوا وهم يدافعون عن خنادقهم، ليتعرضوا لقصف مدفعى متواصل من الألمان، واجهوه ببسالة منقطعة النظير، لدرجة أنهم حرموا من النوم لأيام، حتى إنهم بعد الفوز على الألمان وبدء مطاردتهم، نام بعض الجنود فى الطريق من شدة الإرهاق.
محمد عيسى طيفور، جندىٌ سودانىٌ، شارك فى معركة العلمين، ضمن سلاح حرس الحدود المصرى، حيث ينتمى لمنطقة النوبة السودانية القريبة من حدود مصر، وهى التى كانت تسمى منطقة التكامل بين مصر والسودان، فى عهد الرئيسين الراحلين أنور السادات وجعفر النميرى.
ماجد طيفور، نجل الجندى يحكى لـ«الوطن»، أن والده شارك مع مصر فى حربى 48 و56، ونال عدة نياشين و8 ميداليات، وكان صديقاً شخصياً للرئيس السادات، الذى كان قائده فى حرب 48.
«طيفور» الذى عاد إلى السودان فى عام 1956م والتحق بالعمل بمهنة ضابط تعاون حتى ترقى إلى مفتش تعاون، كان عمله فى سلاح الحدود أثناء معركة العلمين على جهاز لاسلكى يرسل الإشارات ويستقبلها، رفقة أحد الجنود المصريين من كتيبته.
ويصف ريتشارد جووست، شاب إنجليزى الجنسية فى الثلاثينات من عمره، جده «جون»، الذى كان ضمن صفوف القوات الإنجليزية المشاركة فى معركة العلمين، قائلاً: «كان شجاعاً فى خدمة جيشه وبلده»، موضحاً أنه كان جندياً فى سلاح المدفعية، وكانت الكتيبة، التى يخدم فيها، ضمن قوات «الكومنولث»، التابعة للجيش الثامن الإنجليزى، أثناء المعركة.
زيارة «ريتشارد» لقبر جده بمصر هذا العام ليست الأولى، فقد سبق أن زاره فى العام 2007، وقال: لم أكن أنوى القدوم إلى مصر هذا العام، فقد كنت أخطط لقضاء العطلة فى جنوب أفريقيا، لكن تذكرت حلول ذكرى موت جدى، وغيرت وجهتى من جنوب أفريقيا إلى العلمين.