كنت أهرول في الشوارع دون هدف محدد أو اتجاه.. أبحث في وجوه المارة لعلّي أجد ضالتي، أقابل صديقا أو شخصا أعرفه "حتى لو من بعيد"، ساعتان وأنا أسير في الطرقات إلى أن وجدتني أمام المستشفى التي تعمل فيها "سهام" ابنة خالتي.
دخلت أسأل عن الدكتورة "سهام" فى كل مكان بالمستشفى إلى أن رأيتها أمامي، وبعدها لم بأي شيء سوى وخزتين في ذراعي الأيمن، واحدة كانت مهدئًا والأخرى كانيولا عُلّق فيها محلولا، وبعد مدة غير معلومة لي استعدت وعي، وبدأت أفكر فيما حدث وما المدة التي قضيتها هكذا، لكن صوت "سهام" قطع تفكيري وقالت مبتسمة:
- حمدالله على السلامة يا بطل.
= سهام.. الله يسلمك، أنا قعدت هنا كتير؟
- يا راجل أنت كأنك منمتش لمدة أسبوع.. أنت نمت 3 أيام متواصلة.
تعجبت من حديثها في البداية.. وبعدها بدأت أتذكر كل شيء.. ذلك الشيء العجيب وصوته المخيف وتهديده لي، والذي بسببه أرقد الآن في المستشفى، ماذا سأفعل؟ وهل سيلحق الأذى بي؟
استسلمت مرة أخرى إلى المهدئ الموجود في المحلول، وخلدت إلى النوم بعدما شعرت ببعض الأمان، وقولت لنفسي: "اطمئن لا تقلق.. أنت الآن بعيدا عنه، وهو لا يعرف مكانك.. لماذا لا تريح نفسك.. نم في هدوء وأنعم بالسلام الآن"، وبالفعل غلبني النعاس.
استيقظت على صوت هاتفي يرن.. ويظهر على الشاشة اسم "سهام".. تعجبت لماذا تحدثني سهام وأنا موجود فى المستشفى ذاته، فتحت عيني ونظرت في الساعة وجدتها الـ12:30 صباحا وأنا في سرير المستشفى لكني لست في الغرفة أنا في بيت "عزيز" وتحديد في القبو، نعم.. أعرف هذه الغرفة وتلك اللوحة، إنه "القبو الملعون"، هل أحلم أنها الحقيقة؟ ولماذا السرير في منتصف الغرفة أمام.
قلبي بدأ يخفق بسرعة جنونية وأنفاسي تتسارع تكاد تتوقف عن الدخول والخروج، هناك خطوات تقترب مني يا الله.. ليته حلما!.. هنا سكن كل شيء إلا هذه اللمبة الموجودة فوق رأسي، كانت لا تضيء لأنها مكسورة، لكنها أضاءت بشدة جعلتني لا أرى جيدا من بالغرفة، ضحكات أسمعها في القبو مصدرها اللوحة.. تارة أسمعها بجانبي وتارة أخرى تأتي من الطابق الأعلى.
إنها ضحكات ذلك الشيء الغريب، والذ بدأ يظهر مرة أخرى الآن أراه بوضوح رأس لا يوجد بها سوى عين واحدة في أعلى الرأس وفم كبيرة تبرز منه أسنانا كبيرة وكثيرة وبين الحين والآخر يخرج لسانا طويلا يسيل من لعابه، أما جسده فهو نحيف يشبه الهيكل العظمي المغطى بفرو كلب أو ذئب، له ذراعان طويلان ورفيعان وأصابع وأظافر طويلة، ورجلين ينطبق عليهما الكلام نفسه، بدأ يتقدم نحو وأظافره تصدر صوتا حينما تلامس الأرض.
بدأ هذا الشيء يفتح فمه ويعوي ويتقدم نحوي، أيقتن وقتها أنني ميت لا محالة، فقد تمكن مني وقد يفتك بي في أي لحظة، بدأت أصرخ لكني صوتي مكتوما لا يخرج وكأن أحد يسد حنجرتي، أقترب مني جدا وغرس أظافره في يدي، بعدها بدأ جسدي على السرير، وبدأت أشعر بأن هناك من يقيدني في السرير، وقتها استسلمت للموت، فأغمضت عيني وأنا أصوات أكاد أميزها، بعدها شعرت بشحنة كهرباء تسري في جسدي، وإذ بي في المستشفى مرة أخرى.
فتحت عيناي ووجدت سهام وخالتي وزوجها، وأصدقائي في الجامعة من حولي، وتقول سهام باكية: خضتني عليك أوووي.. أنت كنت بتروح مننا.
فأخبرتها، لا تقلقي يا سهام زي ما بيقولوا "عمر الشقي بقي" وضحكنا جميعا، بعدها أخذت سهام تروي ما حدث معي من أول يوم دخلت فيه المستشفى، من تشنجات وأفعال غريبة أقوم بها.
مر وقت طويل ونحن نتحدث وأضحك مع أصدقائي، وقصصت الكابوس الذي كنت أحلم لخالتي وزوجها وتعجب أصدقائي من كلامي جدا، بعدها بدأت أشعر بألم في ذراعي الأيسر بالمكان الذي غرس فيه هذا الوحش أظافره، فوجدت 3 كلمات محفورة على يدي وهي "لن تهرب مني"، تملكني الخوف مرة أخرى، وبدأت أبحث بعيني في الغرفة، وكل الموجودين بها في حالة ذهول مما رَأَوْه على يدي.
في هذا التوقيت ظهر لي "عزيز" بيئهة مريبة يقف خارج الغرفة خلف الزجاج، وهو ينظر لي ويبتسم، ثم يرفع ذراعه الأيسر ويشير إليه وإذ بالكلمات نفسها الموجودة على ذراعي محفورة في المكان نفسه بيده والدم ينزف منها، ثم ابتسم مرة أخرى وبعدها اختفى.
يتبع...
الحلقة الأولى من هنا