خلال أعياد رأس العام الجديد ستبدأ الجامعة الأمريكية بطرح كتاب الأمين العام لجامعة الدول العربية، وزير الخارجية المصرى الأسبق، أحمد أبوالغيط بنسخته الإنجليزية فى مكتبات الولايات المتحدة وبريطانيا، بعد ترجمته عن النسخة العربية التى صدرت فى أكتوبر من العام 2013، عن دار نهضة مصر للنشر بمصر، فى ذات الوقت الذى تبدأ فيه الجامعة الأمريكية فى تنقيح النسخة المترجمة من كتاب «شهادتى.. الخارجية المصرية من 2004-2011» تمهيداً لإصداره خلال الأشهر المقبلة.
شاءت الأقدار أن أكون عاملة على الكتابين، بحكم عملى كمدير للنشر الثقافى بنهضة مصر. كان الأول هو «شهادتى» وصدر فى يناير من العام 2013، بينما كان الثانى هو «شاهد على الحرب والسلام» فى أكتوبر من ذات العام. وفى كليهما -وعبر قراءة مسودة الكتابين- تدرك عمق التجربة وعظَم الأحداث التى مرت على مصر فى تلك السنوات التى يحكى عنها السيد أحمد أبوالغيط. وتدرك تواضع الرجل لمهام منصبه وإحساسه العالى بالمسئولية تجاه وطن لم يفارقه فى أى من تلك المناصب، منذ أن بدأ حياته الدبلوماسية فى العام 1966، وحتى انتهى عمله كوزير للخارجية عام 2011.
أتوقف عند كتاب «شاهد على الحرب والسلام» الذى هو شاهد على فترة صعبة فى تاريخ بلادى. فالرجل أتيحت له فرصة الوجود فى قلب صناعة الحدث عبر عمله مع السيد حافظ إسماعيل، مستشار الرئيس السادات للأمن القومى، وبالتحديد منذ العام 1972، ومن خلال وجوده هذا أتيحت له الفرصة ليطلع على المحاضر اليومية الخاصة بلقاءات الرئيس السادات مع كافة الأطراف المعنية بالداخل والخارج للتحضير للحرب وما يحيط بها من قرارات كان على مصر اتخاذها فى ظروف شديدة التحدى. ولم يكن أبوالغيط مجرد حاضر كمدون ومنسق ومحضر للأوراق فى مكتب مستشار الأمن القومى حينها، ولكنه كان، من قبل كل ذلك، قارئاً للتاريخ العربى والعالمى، وبخاصة العسكرى منه، وتفاصيل الحروب فى العصر الحديث، والتداخلات السياسية التى تفرض كلمتها على أطراف كل حرب. كما كان مدوناً لتفاصيل يومه لحظة بلحظة. ولذا تقرأ الكتاب وتعيش لحظات ربما تدرك معها المعنى بأن مصر صنعت المعجزة فى نصر أكتوبر 1973، وأكملتها باسترداد الأرض، بداية من زيارة الرئيس السادات للقدس عام 1977، ثم مفاوضات معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل برعاية أمريكية عام 1978، وما واجه مصر وقتها من ضغوط عربية وداخلية ودولية.
ربما كان كتاب «شاهد على الحرب والسلام»، فى ترجمته الإنجليزية التى ستُطرح فى المكتبات الأمريكية والبريطانية مستهل يناير المقبل، واحداً من الكتب الهامة التى قد يرى فيها المهتمون بالشأن السياسى العربى فى الغرب فرصة، لا لمعرفة تفاصيل ربما كانوا على اطلاع عليها، وبما يزيد عنها عبر ما تم تأليفه بالإنجليزية عن تلك المرحلة، ولكن للاطلاع على وجهة نظر مصرية مخلصة عاصرت الأحداث وسجلتها ودونتها بشفافية فى أزمة صراع مصرى إسرائيلى، وكقضية لم تنتهِ حتى يومنا هذا، وربما ستظل، وإن كتبت فى الأوراق تفاصيل سلام. أوراق من تاريخ الأزمة التى جسدت معاناة مصر من العام 1967 وحتى توقيع معاهدة السلام عام 1978 بكل ما شابها من تحديات. ليدرك هذا الآخر الذى يقرأ عنا أو يخط سياساته للتعامل معنا أو يقترح القرارات لتُفرض علينا، أن لنا إرادة لا تلين كحجر الجرانيت القابع فى نيل أسوان كما قال «أبوالغيط» لـ«كونداليزا رايس» يوماً ما.
فتحية لوزير الخارجية الأسبق أحمد أبوالغيط. دُمت مصرياً.