المغرب.. أمين «المجلس الوطنى»: الاختيار الديمقراطى فى بلادنا لا رجعة فيه
محمد الصبار، الأمين العام للمجلس الوطنى لحقوق الإنسان فى المغرب
قال محمد الصبار، الأمين العام للمجلس الوطنى لحقوق الإنسان فى المغرب، إن هيئة الإنصاف والمصالحة التى استحدثتها «الرباط» تجربة غير مسبوقة فى العالمين العربى والإسلامى، فى إطار العدالة الانتقالية. واعتبر «الصبار»، فى حواره، لـ«الوطن»، أن ما يطلق عليه حراك الريف أو احتجاجات الحسيمة، قد خرجت عن مسارها السلمى، ولم ينف وقوع انتهاكات من قوات الأمن، مشيراً فى الوقت ذاته إلى أنها أمور فردية وغير ممنهجة.. وإلى نص الحوار.
إلى أين وصل المغرب فى الملف الحقوقى؟
- بالنسبة لنا كما يعرف الجميع شهدنا تطوراً كبيراً على صعيد حقوق الإنسان منذ بداية التسعينات، حيث أفرج خلالها عن المعتقلين السياسيين، وعودة المنفيين إلى أرض الوطن وإدخال عدد من التعديلات على القوانين ذات الصلة بحقوق الإنسان، ثم كان هناك أمر مهم جداً، لأن بلادنا فتحت صفحة الماضى الأليم وأحدثت هيئة الإنصاف والمصالحة للكشف عما جرى منذ الاستقلال إلى سنة 1993، وتجربتنا مميزة فى مجال العدالة الانتقالية وهى غير مسبوقة فى العالمين العربى والإسلامى باستثناء التجربة التونسية الحديثة.
وما الدور الذى لعبته هيئة الإنصاف والمصالحة فى تغيير الواقع المغربى؟
- الهيئة ركزت عملها على أربعة محاور رئيسية؛ ماذا وقع، وكيف، ولماذا، وما التدابير الاحترازية التى يجب اتخاذها لضمان عدم تكرار الانتهاكات التى وقعت فى الماضى، ووصلنا إلى معرفة مصير 764 من مجهولى المصير، واكتشفنا مقبرتين جماعيتين، وقامت الحكومة بتعويض الضحايا وتأمين التغطية الصحية للباقى، وإعادة دمجهم وتأهيلهم اجتماعياً، وفى نهاية عملها أصدرت تقريراً من خمسة مجلدات يتضمن الأبحاث والمعلومات والتوصيات التى تضمن الإصلاح الشامل، وفى 2011 صدر الدستور الجديد الذى يضمن حماية وتعزيز حقوق الإنسان.
«الصبار»: «حراك الريف» خرج عن أصول الاحتجاج السلمى.. وتجاوزات أفراد الأمن غير ممنهجة
كل الدساتير تتضمن مواد لتعزيز حقوق الإنسان.. هل تُرجمت هذه المواد إلى قوانين فاعلة؟
- الاختيار الديمقراطى فى بلادنا لا يمكن الرجعة فيه، ودعنى أوضح أننا وصلنا إلى مرحلة متقدمة جداً على صعيد الحقوق المدنية والسياسية، لكن فى المقابل تواجهنا عقبات كثيرة فيما يتعلق بالحقوق الاقتصادية والثقافية والاجتماعية؛ لأن الأخيرة تتطلب تكلفة مالية ونحن كما يعلم الجميع بلد بموارد محدودة ولسنا دولة نفطية، ولم نستطع حتى الآن إشباع حاجات الشعب المغربى من الخدمة الصحية والتعليمية المتميزة، وهناك مجهود تنموى كبير تبذله الدولة ومع ذلك ما زالت هناك فوارق بين المدن والقرى وما إلى ذلك.
وكيف عبر المغرب مرحلة الربيع العربى برشاقة دون الدخول فى موجة الثورات؟
- هذه نقطة مهمة جداً للحديث عنها، المغاربة اعتادوا طوال السنوات الماضية على الاحتجاج بشكل سلمى ينحصر حول مطالبات اجتماعية حول ما يتعلق بالحقوق الصحية والاجتماعية، ولدينا دولة مؤسسات قامت بإصلاحات واسعة لتجنب سيناريو ليبيا على سبيل المثال، وفى كل الأحوال لا يجب الخلط بين العمل السياسى والعمل الحقوقى.
وما خطورة هذا الخلط؟
- تسييس حقوق الإنسان يولد ظاهرة الكيل بمكيالين، ويؤدى إلى انتهاج الانتقائية، وإلى تجريد الخطاب الحقوقى من مصداقيته، فى حين أنه مجال يتطلب الحيادية والمصداقية وعدم التحيز، وعلى الحقوقى ألا يكسب احترام صديقه فقط، بل وأعداء الحريات أيضاً.
ماذا عن حراك الريف؟
- كانت هناك حركة اجتماعية ومظاهرات سلمية تواصلت لنحو 7 أشهر تقريباً، ولكن فيما بعد كان هناك خروج على قواعد التظاهر، على سبيل المثال اقتحام مسجد ومنع الخطيب من استكمال خطبته، والاعتداء على مبنى وحرقه ومنع المطافى من الوصول إليه، فقد خرجت الحركة عن الإطار السلمى للاحتجاج، فى وقت نعيش فيه تحولات اجتماعية وسياسية كبرى.
هيومن رايتس ووتش تصور المغرب كما لو كان ينتهك حقوق قادة الحراك..
- نحن لا نرد على تقارير هذه المنظمات ولا نهاجمها، بل نتخذ منها مرجعية يمكن العودة إليها حين إصدار تقريرنا السنوى ونصحح هذه المعلومات فى التقرير، والمغرب لم يشهد احتجاجات الحسيمة فقط، بل أيضاً بعض التظاهرات فى قرى ومدن ذات مطالب اجتماعية، لكن فى المقابل المغرب ليس بتلك الصورة القاتمة التى تصورها بعض المنظمات، ونحن نتابع التحقيقات والمحاكمات التى تجرى فى هذا الشأن وتقريرنا سيوضح كل الحقائق بكل شجاعة وجرأة، وهناك خطوات وتدرج فى مجال الإصلاح وفى نفس الوقت هناك تجاوزات نعم، لكنها غير ممنهجة، قد تصدر من أفراد الأمن المكلفين بإنفاذ القانون.