تُجار الغلال رداً على المزارعين: «بنروح لحد بيوتكم.. وسعر الأردب معروف»
تجار الغلال يرفضون اتهامات الفلاحين
جالساً أمام مكتبه داخل أحد المحلات بسوق غلال الساحل بمنطقة روض الفرج، مرتدياً جلباباً رمادياً، برفقة ابنه، منتظرين مجىء الزبائن إلى المحل وسط العديد من الأجولة البلاستيكية التى تملأ أرجاء السوق، «محمد دياب»، 64 عاماً، يعمل تاجر غلال منذ سبعينات القرن الماضى، لجأ هذا العام إلى شراء كل كميات الفول من الخارج، موضحاً أن أكثر الدول التى تستورد منها مصر الفول هى أسترليا وإنجلترا وكندا، ومن قبلهم كان الفرنسى والبولندى الذى كان يشتهر بجودته حسب «دياب»، قائلاً: «الفول الأسترالى أفضلها لأنه هو الأقرب للفول البلدى وفيه خط أسود زيه فى الحباية، وهو اللى بيحل مكان البلدى بالظبط وكمان بيستوى كويس والمطاعم بتفضله، وده الكيلو منه عامل 14 جنيه على تاجر الجملة، وده بينزل فى شهر 12»، مشيراً إلى أن الإنجليزى ليس به الخط الأسود المميز للبلدى، ويأتى إلى مصر فى شهر 10، «عيبه إنه بيستوى بسرعة».
وأوضح «دياب» أن المطاعم ومحلات العلافة تحصل على الفول الأسترالى بسعر 14.5 جنيه للكيلو، بينما الإنجليزى بـ12.80 جنيه.
ويرى «دياب» أنه إذا دعمت وزارة الزراعة الفلاح الذى يزرع الفول فى التقاوى والأسمدة سيعود بالمكسب على الجميع، مضيفاً: «بالنسبة لى، كتاجر، الفول المحلى أفضل من أى فول مستورد سواء فى الطعم أو الشكل، وبالتالى أنا مش هروح آخد من المستورد وهاخد من المحلى»، موضحاً أن الفول يوزن بالأردب وهو يُساوى 154 كيلو: «مبقاش حد دلوقتى بييجى ياخد بالأردب وبقينا بنتحاسب على الكميات بسعر الكيلو».
«دياب»: «الأسترالى» الأقرب لـ«البلدى» ومطاعم كتيرة قفلت بسبب ارتفاع ثمنه
يُحفظ الفول داخل ثلاجات من أجل حمايته من التسوس وعدم تغيير لونه، مثلما أوضح «تاجر الغلال بالساحل»، مشيراً إلى أن لديهم ثلاجات لتخزين الفول فى «منيا القمح»، وأنها مُكلفة بشكل كبير بسبب فواتير الكهرباء، متابعاً: «أردب الفول كان سعره 1200 جنيه فى 2017، وقُلنا عليه غالى ومرضيناش ناخده بالسعر ده، دلوقتى بقى سعره تخطى الألفين جنيه، واشتغلنا بكميات مخزنة من قبلها».
ارتفاع أسعار الفول فى السوق أثر بشكل كبير على كمية مبيعات التُجار، حسبما أوضح «دياب»، مضيفاً بنبرة غاضبة: «أصحاب مطاعم كتيرة قفلت محلاتها خالص دلوقتى لأن التكاليف زادت عليهم بشكل كبير سواء المستلزمات أو الكهرباء أو الإيجار، السوق دلوقتى بقى تعبان أوى والشغل واقف، وأهو قاعدين ومفيش أى زبون لا داخل ولا خارج، والكميات اللى بنبيعها فى اليوم بسيطة جداً مش زى الأول ده إحنا كنا منعرفش نتكلم مع حد من كتر البيع والشراء».
ورداً على اتهام التجار بإهدار حق الفلاحين، قال «دياب»: «إحنا بنروح للفلاح لغاية بيته عشان ناخد المحصول وبياخد كمان مُقدم من الفلوس، وأردب الفول سعره معروف فى المحافظات كلها، والفلاح مينضحكش عليه».
أما «مسعد سعيد»، 58 عاماً، أحد تُجار الغلال، فأكد أن السبب فى ارتفاع أسعار الفول المستورد والمحلى هو الاحتكارية، وأن المستوردين الكبار على مستوى الدولة هم سبب أزمة أسعار الفول المستورد، لأن كلا منهم يمتلك ما بين 20 لـ30 ألف طن: «جابوا الفول بسعر 300 دولار للطن الواحد، وقاموا بتخزين كميات كبيرة منه، ولما ارتفع سعر الطن فى الخارج لـ650 دولار، بدأوا ينزلوا الكميات القديمة اللى خزنوها فى التلاجات بالأسعار الجديدة».
«مسعد»: الاحتكار سبب جنون أسعار المستورد والمحلى.. والفلاح مايتضحكش عليه.. و«البحيرة» أكبر محافظة فى زراعة الفول
يرى «مسعد» أن وضع الفول المحلى يُشبه المستورد كثيراً، إلى جانب ما يُعانيه الفلاح وتقلص الأراضى الزراعية المزروعة بالفول، فإن احتكاره لدى التُجار الكبار أيضاً من أهم أسباب ارتفاع سعره، قائلاً بنبرة غاضبة: «التُجار الكبار بينزلوا على الفلاحين وياخدوا الكميات كلها اللى عندهم، ويخزنوه داخل الثلاجات، فى نفس الوقت اللى التجار العادية بياخدوه وبينزلوه فى السوق»، موضحاً أن الكبار ينتظرون انتهاء الكميات المعروضة فى السوق، ثم يبدأون فى عرض ما قاموا بتخزينه من كميات بأسعار أكبر.
وأكد «تاجر الغلال» أن الفول المصرى ليس له مثيل على مستوى العالم فى الطعم والشكل، وأن أقرب نوع مستورد قريب منه هو الأسترالى العريض، وأن مُزارع الفول وجد تكاليفه كبيرة، فاستبدل زراعته بقمح لأن مكسبه أكبر، متابعاً: «فدان القمح بيجيب 25 أردب، على عكس الفول حوالى 11 أردب، وبالتالى كل سنة بتيجى كميات أقل من السنة اللى قبلها».
وعن اتهام الفلاحين للتُجار باستغلالهم، رد «الرجل الخمسينى» قائلاً: «مش حقيقة طبعاً، ومعروف أن سعر الفول البلدى المحلى أكبر من المستورد مرة ونص، وكل موسم حصاد للفول بيبقى معروف السعر للجميع، ومعتقدش أن الفلاح ممكن ينضحك عليه»، موضحاً أن «البحيرة» هى أكبر محافظة فى زراعة الفول وتحديداً فى مراكز دمنهور وإيتاى البارود وأبوحمص وكفر الدوار.