البابا تواضروس.. 6 سنوات من "الاختيار الإلهي"
البابا تواضروس الثاني
اختاره الله بلا حيلة منه ولا قوة ليحمل في الرابع من نوفمبر 2012، لقب "البابا" ويصير "تواضروس الثاني" الذي جلس في الثامن عشر من الشهر ذاته، على كرسي مارمرقس الرسول، ويصبح البطريرك الثامن عشر بعد المئة في تاريخ بطاركة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.
وهو نفس اليوم الذي وافق عام 1952، ولادة "وجيه صبحي باقي سليمان"، لأسرة مكونة منه كأخ لشقيقتين، ووالده كان يعمل مهندس مساحة، وتنقلت الأسرة في المعيشة ما بين المنصورة وسوهاج ودمنهور.
التصق بالكنيسة منذ صباه، أحب القراءة وكان التفوق طريقه، حتى التحق بكلية الصيدلة جامعة الإسكندرية والتي تخرج منها عام 1975، قبل أن يعلق قلبه بحب الأديرة، ويختار طريق الرهبنة، ويصير الراهب "ثيؤدور الأنبا بيشوي" في عام 1988، لتقع عين البابا الراحل شنودة الثالث عليه ويرسمه أسقفًا عامًا بإيبارشية البحيرة باسم "الأنبا تواضروس".
ولأن لكل واحدًا له من اسمه نصيب، فقد كان "تواضروس" هو "عطية الله" للكنيسة بالفعل، حتى رشحه على غير رغبة منه، أساقفة بالكنيسة ليكون خليفة "مارمرقس" بعد وفاة البابا شنودة، ودخل في انتخابات بابوية مع أربعة آخرين غيره، احتل فيها المركز الثاني، ليوضع اسمه بجانب اسمي الأول والثالث في الانتخابات البابوية، في طقس "القرعة الهيكلية"، ويسحب الطفل بيشوى جرجس مسعد، البالغ من العمر وقتها 6 سنوات، ورقة "الأنبا تواضروس".
6 سنوات مرت، وكل يوم يمر، يؤكد أن "تواضروس" هو الاختيار الإلهي لتلك المرحلة من عمر الوطن، الذي عصفت بسفينته العديد من العواصف والأعاصير، ولكن كان البابا أحد صمامات الأمان لهذا الوطن، فمن صنعت ملامحه من طمي النيل، وقف في وجه من أرادوا اختطاف الدولة المصرية وصبغها بصبغة الدولة الدينية، وكان أحد صانعي مشهد الثالث من يوليو 2013 لعزل الإخوان من حكم مصر، وغلب الوطن على "الكنيسة" حينما أتت رياح الإرهاب تريد أن تعصف بجذور مصر، فكان حائط صد تتكسر على يديه الفتن والمؤامرات التي حاولت إثارة النعرات الطائفية، ولم تسقط مصر يومًا من قلبه أو لسانه.
بحكمة الربان، وحنكة الشيوخ، وعلم الصيدلي الذي يصنع من "السم" الدواء، كان تواضروس بملابسه الكهنوتية، وعباءة البطريرك، وعصا البابا، يرعى الوطن والكنيسة، يبشر بمستقبل مصر رغم التحديات التي تواجهها، ويرتب البيت الكنسي بعقليه إصلاحي من الداخل، ويحمل بين جوانبه قلبًا كتب عليه "المحبة لا تسقط أبدًا"، ليكتب اسمه في التاريخ كأعظم البطاركة محبة ووطنية وإصلاحًا.
ويأتي العام السادس لتجليسه، ليوقد البابا شمعة أمام العذراء، وهو يصلي لله "ألا يدخله في تجربة وينجي بلادنا من الشرير".