«المحليات» عاجزة عن ضبط «مافيا الدروس».. والمحصلة غلق 6 مراكز من أصل 6800 بالمحافظات
لافتة لأحد مراكز الدروس المنتشرة فى المحافظات
تسعى المحليات إلى التصدى لظاهرة الدروس الخصوصية بالتنسيق مع وزارتَى «التعليم، والتضامن»، لكنها تتعامل بـ«استحياء» مع إغلاق السناتر المخالفة على مستوى الجمهورية، والتى وصل عددها إلى 6800 مركز منتشرة فى 27 محافظة وفق تقديرات الخبراء، وذلك تحت سمع وبصر المسئولين، أغلق منها ٦ سناتر فقط.
نائب محافظ القاهرة: الأحياء ليست مسئولة عن منح تراخيص لفتح سناتر أو وجود مراكز تابعة للجمعيات وخلافه
قال المهندس إبراهيم صابر، نائب محافظ القاهرة للمنطقة الشرقية، إن «ملف الدروس الخصوصية يتم النظر إليه من زاويتين، أولاً: مدى قانونية وجود جمعية أو سنتر يسمح بها، ثانياً: هل المكان الذى يشهد الظاهرة عبارة عن شقة سكنية تم تحويلها إلى نشاط تجارى للدروس؟ وهذا الأمر مخالف تماماً، ففى الحالة الثانية تصل شكاوى من السكان بشأن وجود إزعاج من تحويل الوحدات إلى مراكز دروس، ويتم التحرك فوراً لإغلاق المكان».
وأضاف «صابر»، لـ«الوطن»، أن «المحافظة أيضاً تتحرك وفق تعليمات من وزارة التربية والتعليم، وهذا حدث مؤخراً بغلق 6 مراكز بمصر الجديدة والنزهة بناء على قرارها»، مشيراً إلى أن «الأحياء ليست مسئولة عن منح تراخيص لفتح سناتر أو وجود مراكز تابعة للجمعيات وخلافه»، موضحاً أن «الجمعيات تخضع لرقابة وزارة التضامن، والحى لو تلقّى شكوى بوجود نشاط مخالف بالجمعيات مثل فتح مراكز للدروس وتحويلها لعملية تجارية يتم إبلاغها»، لافتاً إلى «وجود جمعيات تقدم خدمة مجانية للطلاب وأخرى تحولها إلى تجارة، والنوع الأخير يتم التعامل معه بالغلق بالتنسيق مع التضامن والتعليم».
وأشار نائب المحافظ إلى أن المراكز التى تم غلقها إدارياً لعدم وجود ترخيص ولشكاوى السكان منها مؤخراً كانت فى مناطق روكسى والخليفة المأمون والمقريزى وسفير بالنزهة، موضحاً أن خطة وزارة التربية والتعليم تقضى بغلق هذه المراكز والعودة إلى المدارس، مؤكداً أنه حال فتح المركز مرة أخرى بعد الغلق يتم تغريم صاحبه 20 ألف جنيه والحبس لمدة 6 أشهر، لافتاً إلى أنه تم ضبط مبالغ مالية بأحد المراكز التعليمية بمنطقة بمصر الجديدة، وتم عمل محضر بأسماء المعلمين الذين كانوا يعملون داخله لعرضهم على النيابة العامة، لاتخاذ الإجراءات القانونية معهم عقب تشميعه.
ولفت إلى وجود سناتر عبارة عن عدة طوابق ومجهزة بأحدث الوسائل التعليمية والتنظيمية كأنها جامعة أو مدرسة موازية، مؤكداً أن الأمر لن يقتصر على غلق «السناتر»، ولكن من الضرورى البحث عن أسباب نجاحها، واتجاه أولياء الأمور لها وهجر المدارس، كما يجب على وزارة التربية والتعليم البحث عن بدائل للدروس الخصوصية للقضاء على هذه الظاهرة فى أسرع وقت ممكن وتخفيف العبء عن كاهل الأسرة، موضحاً أن 2019 «عام التعليم» ويجب على أولياء الأمور مساعدة الدولة للقضاء على الدروس الخصوصية والارتقاء بمنظومة التعليم فى مصر. وفيما يتعلق بتباطؤ غلق المراكز أشار نائب المحافظ إلى وجود تنسيق بين وزارة التربية والتعليم ومحافظة القاهرة ورؤساء الإحياء للتخلص من مراكز الدروس الخصوصية.
وقال اللواء خالد عقل، رئيس حى النزهة، إن الحى لديه حصر بـ25 «سنتر» للدروس الخصوصية، مقابل وجود جمعيات ترفع شعار دروس التقوية للطلاب بدون أجر، وهناك أماكن تفتح مدارس موازية بأجور مرتفعة ومدرسين فى كل التخصصات، وجدول حصص، وهذا أمر لا يمكن السكوت عليه، لافتاً إلى أن الحى بالتنسيق مع الشئون القانونية بوزارة التعليم شن حملة على عدد منها بمصر الجديدة والنزهة منها سنتر يعمل داخل شقة تابع لإحدى الجمعيات، وتم إبلاغ وزارة التضامن لاتخاذ ما يلزم.
وأشار «عقل»، لـ«الوطن»، إلى أن الحى لا يمنح أى تراخيص بشأن فتح مراكز للدروس، لافتاً إلى أن السناتر المخالفة وأى «شقة» يتم تحويلها من نشاط سكنى إلى تجارى يتم غلقها، وتحرير محضر بشأنها وتصل العقوبة إلى الغرامة والحبس، مؤكداً أن الحملات على المراكز تكون مصحوبة بممثل عن وزارة التعليم حتى يتمكن من تحرير محضر للمدرسين العاملين بالمركز، ومعرفة الجهات العاملين بها ومدارسهم، وإحالة الأمر للتحقيق بمعرفة الشئون القانونية بالوزارة مع تحرير محضر بقسم الشرطة.
ولفت إلى أن العقوبات لها شقان، منها تحويل المدرسين المقيدين بوزارة التعليم للشئون القانونية بالوزارة، علاوة على غلق المكان وتحرير محضر يصل إلى جنحة، والغرامات تصل 20 ألفاً، علاوة على قطع المرافق من المياه والكهرباء عن المراكز المخالفة لعدم ممارسة هذا العمل مرة أخرى، مؤكداً أن غرضها الأساسى هو الربح وليس تعليم الطلاب.
وأبدى الدكتور حمدى عرفة، خبير الإدارة المحلية، استياءه من سوء إدارة أغلب قيادات الإدارة المحلية، بداية من المحافظين مروراً بسكرتيرى العموم، وصولاً إلى عدد محدود من مديرى الأبنية التعليمية المنتشرين بالمحافظات، لافتاً إلى أن عصابات ومافيا الدروس الخصوصية منتشرون فى 27 محافظة فى ظل وجود موقف سلبى من الإدارات التعليمية المنتشرة فى المحافظات، مطالباً وزير العدل بمنح صفة الضبطية القضائية للعاملين بإدارات التفتيش والشئون القانونية فى مديريات التربية والتعليم لمعاقبة كل من تسول له نفسه فتح مركز مخالف بدون ترخيص وضوابط محدده طبقاً للقانون.
وأضاف «عرفه»، لـ«الوطن»، أن هناك دراسة أعدها تؤكد أن مافيا الدروس «تنهب من جيوب المصريين» ما يقرب من 26 مليار جنيه سنوياً، حيث يوجد ما لا يقل عن أكثر من 6800 مركز للدروس الخصوصية منتشرة فى 27 محافظة، حيث يصل متوسط دخل عدد كبير من هذه المراكز إلى 30 مليون جنيه سنوياً على الأقل، وهناك بعض المناطق الراقية فى المدن الجديدة تصل الساعة بها إلى 200 جنيه خلال مدة الدرس الخصوصى اليومى الذى يصل إلى ساعتين، وتصل فى المناطق الشعبية إلى 50 جنيهاً.
وشدد على ضرورة زيادة مرتبات المدرسين لكى يتم محاسبتهم على كل تقصير، حيث إنها هزيلة وتتراوح ما بين 800 جنيه و2000 جنيه، ومديرو المدارس تصل مرتباتهم إلى 2400 جنيه فقط، بعد أن أمضوا أكثر من 25 عاماً فى الخدمة فى الجهاز الإدارى للدولة، وهذا يرجع إلى عدم العدالة فى نظام الكوادر وقانون الخدمة المدنية الذى استثنى 26 إدارة ووزارة حكومية فى ظل وجود موقف سلبى من مجلس النواب تجاه قضية التعليم.
وأشار «عرفة» إلى وجود قرابة 16 ألف معلم أغلبهم غير معينين فى وزارة التربية والتعليم يعملون فى مراكز الدروس الخصوصية غير المرخصة ويستنزفون «جيوب المصريين»، داعياً المحافظين إلى التعاون مع الوزارة للقضاء على ظاهرة الدروس الخصوصية.
وقال مصدر لـ«الوطن»، إنه «لا توجد إرادة حقيقية للتعامل مع أزمة الدروس الخصوصية، ولو كانت وزارة التعليم جادة فى الأمر لتحركت على الفور وطالبت وزارتَى التضامن والتنمية المحلية والمحافظين بضرورة غلق تلك المراكز على الفور واتخذت قرارات حاسمة تجاه المدرسين العاملين بتلك المراكز».