تلميع المعادن يصبغ حياة «عبدالعزيز» بالرمادى: هباب x هباب
«عبدالعزيز» يواصل عمله فى ورشته بحى المغربلين
داخل ورشة ضيقة فى حى المغربلين، كان منهمكاً فى تلميع قطعة معدنية، غير عابئ بالغبار المتطاير من حوله، وسعاله الذى لا ينقطع بسبب إصابته بحساسية الصدر، كلما مر زبون على المكان، أو لمحه أحد المارة مصادفة تستوقفه هيئته وملامحه التى اصطبغت بلون رمادى لا يختلف كثيراً عن جدران وتفاصيل الورشة.
أحمد عبدالعزيز، قارب على عامه الـ80، لكن عزيمته لمهنته لا تزال فى شبابها، فيقوم بنفس المهمة التى اعتاد عليها منذ 40 عاماً: «بحب أنزل الشغل، أصل قعدة البيت تمرض، والشغل هو الطاقة الوحيدة اللى بتخلينى أكمل فى الحياة»، وكلما سخر أحد من هيئته، أو طالبه بتنظيف وجهه وملابسه، يضحك بصوت يمتزج بسعاله: «أنا جزء من الورشة، مش معقول بعد السنين دى، والمشاكل اللى قابلتها فى حياتى هزعل عشان هدومى متوسّخة»!
أمراض عديدة لحقت بـ«عبدالعزيز» بسبب مهنته وتقدمه فى العمر، منها حساسية الصدر، السكر والضغط، وينفق جزءاً كبيراً من أجرته على شراء الأدوية: «جالى الضغط من الزباين»، يقولها بابتسامة، ثم ينهمك فى تلميع مجموعة علب من «الاستانلس» والنحاس: «عندى شغل كتير، وبرجع البيت الساعة 11 بالليل، وأنا تعبان وعلى آخرى، لا هفكر أشيل الهباب من على وشى، ولا أتحرك من مكانى».
ينفق «عبدالعزيز» على أسرته المكونة من زوجة و6 أبناء 3 من الذكور ومثلهم من الإناث، ساعدهم على مصاريف الزواج والمعيشة دون الشعور بكلل أو ملل، ولم يتعبه فى الحياة سوى وفاة أحد أبنائه، وهو فى سن الـ45 عاماً: «الدنيا وريتنى كتير، شقا وتعب وحزن وألم وأنا فخور بحياتى، وراضى عن نفسى».