«الاستعلامات»: تقرير «العفو الدولية» حول «تعذيب الأطفال في مصر» حملة تشويه مسيسة
الكاتب الصحفي ضياء رشوان رئيس الهيئة العامة للاستعلامات
أصدرت الهيئة العامة للاستعلامات، بيانًا، صباح اليوم، ردًا على بيان منظمة العفو الدولية، الصادر أمس الثلاثاء؛ والذي نقلت فيه ادعاءات بتعرض عدد من الأطفال في مصر للاختفاء القسري والتعذيب والحبس الانفرادي.
وأوضحت الهيئة في بيانها، أنَّ المنظمة الدولية أشارت إلى عدة مزاعم حول اختفاء 12 طفلًا، منهم 6 زعمت أنهم تعرضوا للتعذيب، مؤكدة أنها لم تنشر سوى بيانات حالتين فقط ضمن البيان.
وكشفت الهيئة حقائق هاتين الحالتين، وجاء نصها كما يلي:
أولًا: مزاعم التعذيب والاختفاء القسري
أثار البيان ادعاءات خطيرة بإخفاء طفلين قسريًا وتعذيبهما في أثناء احتجازهما من قبل السلطات المصرية، واُستند في ذلك على روايات غير موثوقة المصدر؛ خصوصًا أن محاميّ المتهمين لم يدفعوا بالتعذيب أمام النيابة، ولم يطالبوا بعرض المتهمين علي مصلحة الطب الشرعي للوقوف علي حقيقة الادعاءات.
وبالنسبة للاختفاء القسري، لم يوفر البيان أي أدلة ملموسة على إخفاء المتهميّن قسريًا وعلى تعرضهما للتعذيب.
ثانيًا: الوضع القانوني للحالتين
الحالة الأولى: عبدالله بومدين نصر الدين عكاشة
بالرجوع إلى الجهات المختصة اتضح لنا أن القضية المدرج فيها المذكور ما زالت قيد التحقيق أمام نيابة أمن الدولة العليا تحت رقم 570 لسنة 2018 حصر أمن دولة -وليس النيابة العسكرية- ولم يتم إحالة الطفل وباقي المتهمين إلى المحاكمة حتى الآن.
وفيما يخص احتجاز المتهم عبدالله بومدين، لم تأمر النيابة العامة بحبسه احتياطيًا بأي من مقرات الاحتجاز العادية المخصصة للراشدين الذين تجاوز عمرهم 18 عامًا، بل وضعته في مقر احتجاز قانوني خاص بالأحداث منفصلًا عن بقية المتهمين في القضية، وذلك تطبيقًا للضمانات التي وضعها القانون المصري للطفل خلال محاكمته.
ونصت المادة 119 من القانون رقم 12 لسنة 1996 وتعديلاته على: "لا يحبس احتياطيًا الطفل الذي لم يجاوز 15 سنة، ويجوز للنيابة العامة إيداعه إحدى دور الملاحظة مدة لا تزيد على أسبوع، وتقديمه عند كل طلب إذا كانت ظروف الدعوى تستدعى التخفيف عليه، على ألا تزيد مدة الإيداع على أسبوع ما لم تأمر المحكمة بمدها، وفقًا لقواعد الحبس الاحتياطي المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية".
ويتضح من المادة السابقة، أن القانون نص على عدم جواز احتجاز الطفل احتياطيًا، مع إمكانية إيداعه مدة لا تزيد على أسبوع في الأماكن المخصصة له، مع حق المحكمة المختصة بالحبس الاحتياطي زيادة فترة احتجازه بذات الضمانات المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية للحبس الاحتياطي، قبل الإحالة لمحكمة الموضوع.
الجدير بالذكر، أن هذا الطفل مُتهم بارتكاب جريمة رصد ومراقبة آليات ومدرعات قوات الشرطة والقوات المسلحة لصالح الجماعات الإرهابية المتطرفة في شمال سيناء بغرض استهدافها، وحرضه على ارتكاب هذه الجريمة الآثمة شقيقه الأكبر "عبدالرحمن" المتهم في القضية نفسها.
الحالة الثانية: آسر محمد زهر الدين عبدالوارث
بعد الاطلاع على تفاصيل الحالة من الجهات المختصة، اتضح أن النيابة العامة وجهت إلى الطفل اتهامات ارتكبها بعد تجاوزه سن الـ15 عامًا، حيث أن المتهم كان بلغ هذه السن في أثناء ارتكابه جريمة الانضمام إلى جماعة إرهابية خططت وارتكبت اعتداءات، وظل عضوًا بها حتى بلوغه هذا السن.
وبناءً على ذلك، تم إحالة الطفل مع باقي المتهمين إلى محكمة أمن الدولة العليا، وتنص الفقرة الثانية من المادة 122 من القانون رقم 12 لسنة 1996 وتعديلاته على "يكون الاختصاص لمحكمة الجنايات أو محكمة أمن الدولة العليا (ب) الأحوال -بنظر قضايا الجنايات- التي يتهم فيها طفل جاوز سنه الـ15 عامًا وقت ارتكابه الجريمة متى أسهم في الجريمة غير طفل واقتضى الأمر رفع الدعوى الجنائية عليه مع الطفل، وفي هذه الحالة يجب على المحكمة قبل أن تصدر حك مهاأن تبحث ظروف الطفل من جميع الوجوه، ولها أن تستعين في ذلك بمن تراه من الخبراء".
يتضح من المادة سالفة الذكر، أن المشرع المصري وضع استثناءً على اختصاص محكمة الأحداث بنظر قضايا الطفل، بحيث إذا تجاوز سنه الخامسة عشر عامًا وقت ارتكابه الجريمة وارتبطت جريمته ارتباطًا لا يقبل التجزئة مع بالغ، يتم محاكمته أمام محكمة الجنايات أو محكمة أمن الدولة العليا، مع احتفاظه بجميع الضمانات الخاصة التي نص عليها القانون.
بالإضافة إلى ذلك، نص القانون في المادة 111 على أن "لا يُحكم بالإعدام ولا بالسجن المؤبد ولا بالسجن المشدد على المتهم الذى لم يجاوز سنه الثامنة عشرة سنة ميلادية كاملة وقت ارتكاب الجريمة".
ومع عدم الإخلال بحكم المادة 17 من قانون العقوبات، إذا ارتكب الطفل الذي تجاوزت سنه خمس عشرة سنة جريمة عقوبتها الإعدام أو السجن المؤبد أو السجن المشدد يحكم عليه بالسجن، وإذا كانت الجريمة عقوبتها السجن يحكم عليه بالحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر".
يتضح من المادة السابقة، أن القانون ألغى وخفف بعض العقوبات فيما يخص الأحداث، ومنع تطبيق عقوبة الإعدام والسجن المؤبد والسجن المشدد لمن لا يتجاوز سنه الـ18 عامًا، وجعل أقصى عقوبة للأطفال عقوبة السجن مع إمكانية النزول بالعقوبة إلى الحبس طبقًا للمادة 17 من قانون العقوبات المصري.
كما نص في الفقرة الأولى من المادة 133 من ذات القانون على أن "إذا حكم على متهم بعقوبة باعتبار أن سنه بلغت الخامسة عشرة، ثم ثبت بأوراق رسمية أنه لم يبلغها، رفع المحامي العام الأمر إلى المحكمة التي أصدرت الحكم لإعادة النظر فيه وفقًا للقانون".
يتضح من المادة سالفة الذكر، أن المشرع خرج عن القواعد العامة التي أقرها للبالغين للطعن على الحكم، بأنه إذا نَسَبَ الحكم إلى المتهم أفعالًا اُرتكبت قبل بلوغه سن الخامسة عشر، وثبت هذا بالأوراق الرسمية، فله أن يقوم بتقديم طلب إلى النيابة العامة لرفع الأمر إلى المحكمة لتعديل العقوبة.
بعد سرد الحالتين يتبين لنا أن السلطات المصرية التزمت بالمعايير التي وضعتها اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل في المادة رقم 37 من الاتفاقية، ووفرت السلطات المصرية ضمانات العدالة اللازمة في هذا الإطار، وأخذت ما يلزم من إجراءات لمراعاة حداثة أعمار هؤلاء المتهمين.
ختامًا، تدعو الهيئة العامة للاستعلامات منظمة العفو الدولية وهي منظمة كبيرة معروفة، أن تتحرى الدقة خلال نقلها لمزاعم انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، وأن لا تسهم في حملات تشويه مسيسة لصورة الدولة المصرية في الداخل والخارج من خلال ما تصدره من بيانات.