وداعا "برتولوتشي".. رحيل العبقري مخرج "الاغتصاب بالزبدة" و"الحالمون"
برتولوتشي
في العام 1972 طُرح فيلم سينمائي أثار عاصفة من الانتقادات لم تنته حتى اليوم، هذا معتاد مع الأفلام الناجحة أو الفارقة في السينما، لكن من غير المعتاد أن تكون عاصفة الرفض في قلب أوروبا بسبب "خدش الفيلم للحياء العام".
كانت هذه أصداء فيلم "التانجو الأخير في باريس"، بطولة مارلون براندو، وماريا شنايدر، ومن إخراج العبقري برناردو برتولوتشي، الذي رحل عن عالمنا هذا الصباح عن عمر ناهز 78 عاما.
ومنع الفيلم في فرنسا للأقل من 18 سنة، وصنفته العديد من البلدان "بورنوجرافيا"، ولم يكن المحتجون على الفيلم من الوسط السينمائي فقط، بل امتد الاحتجاج إلى رجل الشارع والجمعيات العائلية واتهموا الفيلم بـ"الفسوق"، لكن هذا لم يغير من رؤية "برتولوتشي" لـ"الصدمة الجنسية".
وكان هذا الفيلم رغم الجدل الدائر حوله هو نقطة انفجار شهرة المخرج المولود بمدينة بارما الإيطالية في مقاطعة إميليا رومانا في 16 مارس 1941، والذي كان يحلم أن يكون شاعرا مثل أبيه في بداية حياته، ودرس في كلية الأدب الحديث في جامعة روما من العام 1958 وحتى 1961، وبدأ مهنته السينمائية مساعد مخرج لبازوليني، وبعد ذلك بفترة وجيزة، ترك "برتولوتشي" الجامعة دون الحصول على الشهادة.
وقبل أن يرحل عن عالمنا، اعتذر مارلون براندو للجمهور عن بطولته للفيلم المثير للجدل، لكن في العام 2007 فجرت الفرنسية "شنايدر"، التي توفيت في ما بعد في 2011، مفاجأة عن الفيلم الأشهر لها، وصرحت لـ"دايلي ميل" أن مشهد "الاغتصاب بالزبد" كان حقيقيا، وأنها شعرت بالإهانة إلى حد ما وكأنها اغتصبت على يد هذين الرجلين اللذين استغلاها.
وأضافت "شنايدر": "حتى أكون صادقة، أشعر بأنني اغتصبت نوعا ما على يد مارلون وبرتولوتشي.. بعد هذا المشهد، لم يواسني مارلون ولم يعتذر.. لحسن الحظ لم يصور المشهد إلا في لقطة واحدة"، بحسب ما نقلته "فرانس 24" مترجما.
وعلى الرغم من الضجة التي وصلت إلى إسقاط إيطاليا الحقوق المدنية عن "برتولوتشي"، لكن بعد عرض "التانجو الأخير في باريس" في مهرجان نيويورك السينمائي عام 1972 كتبت بولين كيل، الناقدة الأمريكية الأكثر شهرة وتأثيرا حتى وفاتها عام 2001، لتقول: "يجب أن يحفر هذا التاريخ في ذاكرة السينما"، بحسب تقرير نشرته "سكاي نيوز عربية".
ورغم الهجوم عليه لم يهتز "رتولوتشي"، وصرح في يونيو 2016 قائلا: "فكرة أن ماريا لم تحط علما بالعنف الذي تعرضت له في المشهد ليست حقيقية، ماريا كانت تعرف كل شيء لأنها قرأت السيناريو حيث وصف كل شيء.. الجديد الوحيد كانت فكرة الزبدة"، بحسب بيان منه نشرته وسائل إعلامية.
لم تتوقف مفاجآت "برتولوتشي" عند "باريس"، بل استمر في إخراج روائعه مثله مثل العديد من بني وطنه الذين أثروا السينما العالمية، حتى توجها بفيلمه "الحالمون" في العام 2003، بطولة إيفا جرين ومايكل بيت ولويس جاريل.
ويعتبر استقبال النقاد والجمهور لهذا الفيلم هو انتصار لأسلوب الصدمة الناتجة عن هتك أستار المجتمع وكشف المسكوت عنه، الذي اعتمده "برتولوتشي" في حياته الفنية.