رأينا فى المقال السابق أن «جامعة الجيل الثالث» كانت محور تصور الدكتور محمد عثمان الخشت لتطوير جامعة القاهرة، وقلنا إن هذه الخطة صادفت قبولاً لدى القيادة السياسية، الأمر الذى قاد إلى صدور القرار الجمهورى بتعيينه رئيساً للجامعة الأم، بل إن الدولة المصرية عمدت إلى توفير البيئة التشريعية الداعمة لمفهوم «جامعات الجيل الثالث»، وذلك من خلال إصدار قانون حوافز العلوم والتكنولوجيا والابتكار رقم 23 لسنة 2018م، إذ يخول القانون لهيئات التعليم العالى والبحث العلمى إنشاء أودية للعلوم والتكنولوجيا وحاضنات تكنولوجية بقرار من الوزير المختص بعد موافقة السلطة العلمية المختصة، وتجدر الإشارة إلى أن «أودية العلوم والتكنولوجيا» هى «مناطق تنشأ فيها حاضنات تكنولوجية وشركات، تهدف إلى تعزيز الابتكار وتطوير التكنولوجيا، ونقلها، وتسويقها بالتعاون بين الجهات المعنية المحلية والدولية، وذلك لدعم الاقتصاد المبنى على المعرفة، وللوصول إلى منتجات محلية الصنع»، أما «الحاضنات التكنولوجية»، فهى «المعامل والكيانات الداعمة للبحث العلمى والابتكار التى تنشأ بغرض تقديم خدمات الأعمال والتسهيلات الفنية والعلمية لمشروعات البحث العلمى وآليات المساندة والاستشارات الفنية للمبتكرين والشركات الناشئة من خلال مخرجات البحث العلمى، للوصول إلى نماذج أولية قابلة للتصنيع».
ويخول القانون أيضاً لهيئات التعليم العالى والبحث العلمى منفردة أو بالاشتراك مع الغير استغلال البحوث العلمية للنهوض بالمجتمع وتوفير موارد ذاتية لها للنهوض بأغراضها فى مجالات البحث العلمى والتنمية وخدمة المجتمع، كذلك، يجيز القانون لهيئات التعليم العالى والبحث العلمى تأسيس شركات بمفردها أو بالاشتراك مع الغير فى مجال تخصصها البحثى بهدف استغلال مخرجات البحث العلمى، وللسلطة العلمية المختصة الموافقة على اشتراك الباحثين فى تلك الشركات بنسبة تحددها، وذلك مقابل استخدام مخرجات البحث العلمى والتطوير التى تقوم الشركة باستخدامها واستغلالها.
ويقرر القانون إعفاء هيئات التعليم العالى والبحث العلمى من أداء الرسوم الجمركية والضرائب على الأدوات والأجهزة والمواد المستوردة اللازمة للمشروعات البحثية، بشرط أن تقدم هذه الهيئات إقراراً بأن هذه السلع والأدوات والأجهزة لازمة لتنفيذ مشروعاتها البحثية، كذلك، يقرر القانون إعفاء مكافآت الفرق البحثية لمشروعات البحث العلمى والتطوير التى يتم الموافقة عليها من جانب السلطة العلمية المختصة من جميع أنواع الضرائب والرسوم إذا تم تمويل المشروع من منح خارجية وفقاً للقواعد المعمول بها فى هذا الشأن. وحرصاً على تشجيع الشركات على تمويل مشروعات البحث العلمى، يقرر المشرع لها الحق فى احتساب هذا التمويل ضمن مصروفاتها وتكاليفها عند حساب الوعاء الضريبى لضريبة الأرباح الصناعية والتجارية، وذات الحكم يسرى على الأفراد الذين يقومون بتمويل هذه المشروعات، حيث يتم خصم هذا التمويل من صافى الإيرادات الخاضعة للضريبة على الدخل.
وفى الختام، المأمول هو أن تكون لدى كل جامعة خطة للاستفادة من نصوص هذا القانون، وأن يلعب الإعلام دوراً فى إلقاء الضوء على جهود الجامعات فى هذا الشأن، ونرى من الملائم أن تقوم وزارة التعليم العالى باستحداث آلية لرصد آثار تطبيق القانون، وما إذا كان قد حقق الأهداف المرجوة منه أم بقى حبراً على ورق، كذلك، قد يكون لهذا القانون بعض الآثار الإدارية فيما يتعلق بإدارة الجامعات ذاتها، بحيث يمكن أن يظهر منصب جديد فى الجامعات لمتابعة ملف أودية العلوم والتكنولوجيا والحاضنات التكنولوجية، ونعنى بذلك استحداث منصب نائب رئيس جامعة مسئول عن شئون استغلال مخرجات البحث العلمى. ويمكن أن يكون هذا المنصب بديلاً لمنصب نائب رئيس الجامعة لشئون البيئة.
والله من وراء القصد.